اندلعت مواجهات عنيفة، أمس، بين قوات الحكم الجديد في ليبيا والموالين للزعيم المخلوع العقيد معمر القذافي المتحصنين في مدينتي سرت، الساحلية وسط ليبيا، وبني وليد، جنوب شرقي طرابلس. وبدت هذه المواجهات إيذاناً ببدء «معركة مبكرة» يُتوقع أن تكون حاسمة بعدما رفض موالون للقذافي في المدينتين مهلة استسلامهم التي تنتهي اليوم. وعلى رغم التحدي المستمر الذي يصدر عن القذافي في خصوص رفضه الفرار خارج ليبيا واصراره على مواصلة المعركة ضد الثوار، إلا أن مزيداً من التقارير تحدث أمس عن وصول مزيد من الضباط الكبار في النظام المنهار إلى النيجر، في حين أفيد بأن عدداً آخر من أركان حكم القذافي وصل بالفعل إلى بوركينا فاسو عبر أراضي النيجر. وأكدت تقارير من جبهات القتال أمس أن ثوار المجلس الوطني الانتقالي تكبّدوا أكثر من 12 قتيلاً خلال تقدمهم نحو مدينة سرت وصدوا هجوماً مضاداً شنته قوات القذافي في منطقة الوادي الأحمر، شرق سرت. لكن مصادر الثوار قالت، في المقابل، إنهم لا يتوقعون أن تستغرق معركة بني وليد سوى ساعات معدودة كون مناصري القذافي فيها لا يزيد عددهم على 200 مقاتل يفوقهم الثوار عدداً بعشرات الأضعاف، إضافة إلى تمتعهم بغطاء جوي توفره لهم طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي واصلت عملياتها في محيط بني وليد وكذلك في سرت، وأيضاً في سبها وودان والجفرة، وكلها مناطق صحراوية ما زالت تسيطر عليها قوات القذافي. والإنذار الذي منحه الثوار لاستسلام بني وليد وسرت والذي ينتهي اليوم يسري أيضاً على كل المناطق الموالية للقذافي. ومن الأهداف التي قصفها حلف «الناتو» في محيط بني وليد، أمس، صاروخي «سكود» كانا موضوعين في مرآب. ونقلت «فرانس برس» عن الكولونيل الكندي رولان لافوا الناطق باسم عملية «الناتو» في ليبيا ان وجود هذين الصاروخين البالستيين القصيري المدى كشفته أجهزة استخبارات الحلف الاطلسي «في الساعات الأربع والعشرين الاخيرة». وأضاف: «في حوالى الساعة 6,00 بالتوقيت المحلي، استهدفت طائرة للحلف الاطلسي مستودعاً كان الصاروخان مخبأين فيه. تكللت عملية القصف بالنجاح ودمر الصاروخان». وأوضح أن الصواريخ من نوع «سكود» في مخازن قوات القذافي «أسلحة غير دقيقة ولا تستخدم للتصويب على أهداف محددة»، لذلك تشكل «تهديداً جدياً للمدنيين في ليبيا». وجاء قصف «الناتو» في وقت أطلقت قوات القذافي وابلاً من الصواريخ من محيط بني وليد ضد مواقع الثوار الذين كانوا يتقدمون نحوها من أكثر من جهة وباتوا على بعد نحو خمسة كيلومترات فقط من قلب المدينة. وقال قادة ميدانيون في قوات المجلس الوطني الانتقالي إن قوات القذافي حاولت اختراق خطوطهم خلال ليلة الخميس - الجمعة واطلقت الصواريخ على أحد مواقعهم على مسافة 30 كيلومترا شمال بين وليد ولكن تم المهاجمين في أعقاب اشتباكات بسيطة. وقال مواطن يدعى خالد حمودة ل «رويترز» وهو من السكان الذين غادروا بني وليد اثناء عبوره من نقطة تفتيش تابعة للمجلس الوطني: «لا يوجد طعام ولا ماء. الكثير من الناس يريدون الرحيل ولكن ليس لديهم وقود لتحريك سياراتهم وقوات القذافي تمنع الناس من مغادرة المدينة. يطلقون النار في الهواء لترهيب الناس». وفي نيويورك، يقترب مجلس الأمن من تبني قرار يؤسس بعثة للأمم المتحدة في ليبيا ستحمل إسم «بعثة دعم الأممالمتحدة في ليبيا» (يونسميل) بناء على توصية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ووجه بان رسالة الى رئاسة المجلس تضمنت التوصيات التي تحتاج اليها البعثة لأداء مهمتها، ومنها إعادة الأمن وإطلاق حوار سياسي ومصالحة وطنية شاملة والتحضير للانتخابات ومراجعة الدستور. واستمع مجلس الأمن أمس الى مستشار بان لشؤون ما بعد النزاعات في ليبيا إيان مارتن ومساعد بان للشؤون السياسية لين باسكو اللذين أوجزا للمجلس حصيلة المشاورات في شأن ليبيا مع المجلس الانتقالي و في مؤتمر باريس. وقال ديبلوماسيون إن مشروع القرار سيطرح «مطلع الأسبوع المقبل، وربما الإثنين، على أن يطرح على التصويت خلال الأسبوع المقبل». وأبدت الدول الأعضاء في المجلس تأييدها لتوصيات بان في شأن تأسيس البعثة، بحسب ما نقل ديبلوماسيون عن الجلسة «لكن جنوب أفريقيا طرحت تساؤلات عن الإطار الزمني الذي ستنتهي فيه ولاية حلف الناتو عملاً بالقرار 1973». وأوصى بان تأسيس بعثة دعم للأمم المتحدة في ليبيا لفترة ابتدائية من ثلاثة أشهر. وسيرأس البعثة ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة ونائب له وستضم البعثة موظفين في قطاعات عدة تغطي ما يتعلق بالسياسة والانتخابات والدستور وحققو الإنسان والعدالة الانتقالية والأمن العام وحكم القانون، وسواها من المهارات التقنية في إطار الأولويات التي طلبتها السلطات الانتقالية في ليبيا. وقال بان إنه سيطلع المجلس خلال ثلاثة أشهر على أي تعديلات يراها ضرورية لولاية بعثة الأممالمتحدة.