أطلق المقاتلون الموالون للزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي وابلا من الصواريخ وقذائف المورتر لصد هجوم شنه مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الليبي على واحد من آخر معاقلهم في الصحراء الليبية، أمس، وأوقفوا أيضا تقدما داخل مدينة سرت مسقط رأس القذافي. وأجبرت قوة مدججة بالسلاح ومتحصنة بشكل جيد طوابير من المقاتلين على التراجع من بلدة بني وليد في شاحنات صغيرة بعد يوم بدأ بالحديث عن إنهاء الحصار واعتقال شخصيات رفيعة من النخبة الحاكمة القديمة. وفي سرت، التي تقع وسط ساحل ليبيا المطل على البحر الأبيض المتوسط، استولت قوات المجلس الوطني الانتقالي على المطار الواقع في أطراف المدينة وتحركت صوب جيوب المقاومة المتناثرة عبر مناطق مكتظة بالمباني. ولكن مع حلول الليل ظل المقاتلون الموالون للقذافي يقاومون بقوة ولا يوجد ما يشير إلى نهاية سريعة لحصار استمر أسابيع. وسارع موسى إبراهيم المتحدث باسم القذافي والمختبئ مثل زعيمه إلى التحدث بعد القتال بالتباهي في تعليقات صوتية بثتها قناة «الرأي» التي تتخذ من سورية مقرا لها بانسحاب مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي ومحذرا من أن قوات القذافي تجمع السلاح والعتاد استعدادا لحرب طويلة. وأعلن موسى أن الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي «الناتو» على مدينة سرت أثناء الليل أصابت مباني سكنية وفندقا وقتلت 354 شخصا. ولم يتسن الحصول على تأكيد فوري إذ إن سرت انقطعت عنها الاتصالات بشكل كبير منذ سقوط طرابلس. ولم يعلق الحلف على الفور. وأضاف إبراهيم في اتصال هاتفي عبر الأقمار الصناعية بمكتب «رويترز» في تونس أن الحلف هاجم سرت بأكثر من 30 صاروخا استهدفت الفندق الرئيسي بالمدينة ومبنى يضم أكثر من 90 شقة سكنية. وأكدت حكومة النيجر أنها لن تسلم نجل العقيد القذافي للثوار في الوقت الراهن. ونقلت تقارير إخبارية عن السلطات في النيجر القول إن القرار سببه الخوف من أن يتعرض الساعدي القذافي للقتل أو الإعدام بعد محاكمته. وكان الساعدي، ثالث أنجال القذافي، هرب إلى النيجر أخيرا مع ثمانية من كبار أعضاء النظام. ورغم خيبة الأمل في محاولة السيطرة على باقي الأراضي الليبية واعتقال القذافي وأولاده، يمضي زعماء ليبيا الجدد قدما في مباشرة الحكم ساعين لفرض النظام على العديد من القوات المسلحة غير النظامية وإنعاش الاقتصاد الذي يعتمد على النفط. وحصلت هذه الجهود على دفعة، أمس الأول، عندما خفف مجلس الأمن الدولي العقوبات المفروضة على ليبيا بما فيها المفروضة على البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط بهدف تمكين المؤسستين من استئناف نشاطهما بعد الحرب الأهلية. ووافق المجلس الذي يضم 15 عضوا بالإجماع على القرار الذي يدعو أيضا لتشكيل بعثة للأمم المتحدة إلى ليبيا. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها بنيويورك اعترفت، أمس الأول، بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الليبي. ووافقت الجمعية على منح مقعد ليبيا في المنظمة الدولية للمجلس بأغلبية 114 صوتا ومعارضة 17 دولة، بينما امتنعت 15 دولة عن التصويت. وستتيح هذه الخطوة لرئيس المجلس مصطفى عبدالجليل حضور اجتماع الجمعية، الجمعة المقبل، إلى جوار العديد من زعماء ورؤساء دول العالم حيث سيلتقي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما وقادة آخرين على هامش الاجتماع. كما قرر مجلس الأمن بالإجماع الرفع الجزئي للتجميد المفروض على الودائع الليبية. ونص القرار أيضا على إنشاء بعثة دعم للأمم المتحدة في ليبيا «أنسميل» تحت قيادة ممثل خاص للأمين العام لفترة مبدئية من ثلاثة أشهر. وتشمل مهام البعثة دعم ومساعدة الجهود الوطنية الليبية من أجل إعادة الأمن العام والنظام وتعزيز حكم القانون .