تتنقل المذيعة التلفزيونية ليندا خضر بين برامج كثيرة تبثها قناة «صانعو القرار» من مدينة دبي الإعلامية وهي في كل برنامج تترك بصمة خاصة. ومن يتابع هذه المحطة في غمرة متابعات كثيرة، قد يكتشف أن العمل الإعلامي الذي تقوم به خضر يجيء من بوابة مهمة جداً، حيث يمكن معها العودة الى تعريف ذلك الحياد الإيجابي الناجح الذي يفترضه وجود الإعلام الجديد، والقول إنه من دون هذا الحياد في طريقة تقديم النشرة الإخبارية أو البرنامج المنوع، لا يمكن للمذيع أو للمقدم أن يكفل لنفسه الاستمرارية والبقاء في هذا الحيز الفضائي الاختياري. تعرف خضر إن الكاميرا، وليست طبيعة البرنامج في حدّ ذاتها هي من يعزّز وجود المذيع، واستمراره على شاشة متقلبة جداً، قد لا تقبل بالخضوع له، إن أخطأ في حياده. ولهذا يبدو أنها لن تستطيع أن تتوجه إلى المشاهد ومعرفة المزاج الخاص بتشكيل وعيه وذائقته، من دون التدخل المباشر في صنع هاتين الخاصتين المهمتين في سياق العمل الإعلامي العربي الجديد، وقد أصبح لكل محطة تمكنت من إثبات نفسها نجومها وعلاماتها البارزة، الذين تعتز بهم وتلقي على كواهلهم مسؤوليات جسيمة، حتى حين تكلف أحدهم بإعداد برنامج إخباري منوع، كذلك الذي تعده اليوم ليندا خضر بعنوان من «هنا وهناك». من المؤكد اليوم أن فضائية «صانعو القرار» لا تهمل هذا الجانب في إعادة تشكيل ذائقة إعلامية جديدة تسهم في رفع سوية المشاهدة، وبخاصة أن المحطة نفسها لا تدّعي الحياد، فهي تعيد يومياً تصوير وتوثيق الحياة الفلسطينية قبل النكبة، ولا تتوقف عن ذلك، ما يعني أن الحياد ليس على أجندتها. ومن سمات عمل هذه المحطة المتقن أنها تخترع لنفسها مذيعات، قادرات على التنقل بسهولة ويسر بين مختلف البرامج التي يمكن لمعدّ أن يقوم بتحريرها على الملأ، وبخاصة أن برامج هذه المحطة منوعة تحتمل أن تفسح المجال لمواهب كثيرة في التقديم، وهذا لا يمنع مذيعة «من هنا وهناك» أن تزيد من إحساسها بالاستقلالية عبر إعطاء الدفع المطلوب للغة برنامج منوع يخضع في نهاية المطاف لمنظومة صارمة تفرضها السوق الإعلامية أيضاً. إن ما تدركه ليندا خضر صاحبة «من هنا وهناك»، عبر عملها المتنوع في هذه الفضائية إن التنافس على هذه السوق قد يخلق مشاهدين على درجة عالية من التجانس، وهذا ما ترفضه هي انطلاقاً من تجربة خاصة بها، تدفع أحياناً للقول إن هذا النوع من المذيعين يسبق المحطة التي يعمل فيها، أو يترك بصمة خاصة به تنادي بضرورة إفساح مجال أكبر أمامه ليغير من قواعد اللعبة الإعلامية بقليل أو بكثير، وإن لم تكن هذه المهمة مهمة فرد بعينه. ما يؤدي الى القول إنه أصبح في وسع محطات عربية كثيرة أن تعتز بمذيعين ومذيعات عملوا من خلال برامجهم على إلغاء هذا التجانس الخطر الذي يفرض مشاهدين متماثلين في درجات التلقي، وفي هذا الإطار يمكن القول إن مهمة خضر في محطة «صانعو القرار» لا تقل أهمية عن دور المحطة في تأكيد التميز والحضور في عالم إعلامي عربي شديد الخصوصية والتعقيد.