فيما تنشغل القيادة الفلسطينية، بمؤسساتها ووزاراتها وسفاراتها، بحشد كل طاقاتها في إطار ما بات يعرف باسم «استحقاق أيلول (سبتمبر)»، ويتعلق بحصول دولة فلسطين على عضوية كاملة في الأممالمتحدة، تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً «فايسبوك» و»يوتيوب»، أغنيات ساخرة تتمحور حول الاستعداد لهذه الخطوة، على اعتبار أن «الشعب يريد أن يفهم»، كما كان «الشعب يريد إنهاء الانقسام الذي لم ينته بعد على رغم توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة قبل شهور، وكما لا يزال «الشعب يريد إنهاء الاحتلال». وأحدث هذه الأغنيات «مستني دولة بأيلول»، من كلمات أحمد داري وألحانه وغنائه، بالاشتراك مع المغنية ميساء هنديلة، والتوزيع ليوسف زايد. وصوّرت الأغنية بطريقة الفيديو كليب باستخدام تقنية كاريكاتورية ساخرة. ويقول مطلع الأغنية التي تربط توجّه القيادة الفلسطينية إلى الأممالمتحدة في أيلول بموعد بين حبيبين: «قالت عم تستناني قلتلها استني ع طول... محسوبك في عالم تاني مستني دولة بأيلول». وفي مقطع ثان، يتحاور داري وهنديلة: «قلتلها العالم معنا عالقليلة بيسمعنا... قالت ما إلها معنى فتشلي ع غير حلول». ويستمر الحوار: «لازملها القصة تزبيط مضطر تعمل تصويت... أمريكا بدها تربيط الفيتو اللي في جيبتها غول». وتتطرق الأغنية إلى قضية عودة اللاجئين، ملمحة إلى تجاهل القيادة الفلسطينية هذه القضية، على الأقل في الوقت الحالي، فتتساءل هنديلة بصوتها المميز: «وخيمتنا يا عينيّ إعرابها من القضية»، ليرد عليها داري بسخرية: «راح تستنالها شوية وبنلاقيلها شي أيلول». ولا تغفل الأغنية أن تتناول، بالنقد اللاذع ذاته، «العجقة» التي تعيشها القيادة الفلسطينية بمؤسساتها، بسبب ضغط «استحقاق أيلول» (سبتمبر). فيغني داري: «انعجقت كل الوزارات... سفارات تلملم أصوات»، قبل أن تنصحه هنديلة: «حوشلك كمشة قرارات... دزينة خُبرا وعقول». وكان الفنان الفلسطيني باسل زايد قد أطلق قبل أكثر من سنة أغنية «بكرا إعلان الدولة»، من كلمات الشاعر عامر بدران وألحان زايد نفسه، وضمّنها ألبومه «آدم». والأغنية سبقت الحديث عن «استحقاق أيلول» في الأممالمتحدة، لكنها واكبت الإعلانات المتكررة عن هذا الاستحقاق على لسان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، عبر خطة حكومته لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال. ومع حلول أيلول، عادت الأغنية لتطفو على السطح عبر المواقع الإلكترونية التفاعلية وبعض الإذاعات المحلية في الضفة الغربية. يقول مطلعها: «بكرة إعلان الدولة... شو هالدولة شو هالدولة... نيّال اللي ضل ملزق بلكي يلحق هالدولة... راحت ع اللي ما استنى راح وما لحق هالدولة». وبسخرية كبيرة، تقول الأغنية في مقطع آخر، متطرقة إلى الشروط الإسرائيلية والأميركية وأطراف أخرى لمواصفات الدولة الفلسطينية الموعودة: «لا فيها سلاح ولا جنود ما بيلزمنا... أصلاً ما في إلها حدود ما بيلزمنا... وليش الشرطة وليش الجيش ما بيلزمنا... حتى اللي بيسألنا ليش ما بيلزمنا». وفي النَّفَس ذاته يغني زايد: «دولتنا دولة حرية وأمن وراحة واستقرار... ما فيها سجون وحرامية بنّام ومفتوحة الدار... ما في حد بيمرض عنا إلا ومستشفى على حسابه... ما في إنسان بدولتنا إلا وحامل في إيده كتابه». وحول ما إذا كان يخشى ردود فعل غاضبة إزاء مستوى السخرية في الأغنية، يقول باسل زايد: «أعتقد أن الجمهور تفاعل مع الأغنية، أينما سمعها، منذ أكثر من سنة، بل بات يطلبها مني، وأنا حرصت على أن تحكي الأغنية بلسان المواطن العادي، فعامّة الجمهور هي همّي الأساس». وأضاف: «لا شأن لي إن غضب أحدهم لشعوره بأن الأغنية تمسّه بشكل ما، كل ما يمكنني قوله إن أغنية «بكرا إعلان الدولة»، كسائر أغنياتي، وليدة الشارع، وكلماتها تعبر عما يقوله المواطن العادي في جلساته في المقاهي وفي الحافلات وحتى خلال تجواله في الشوارع». أما أحمد داري الذي أطلق قبل أشهر أغنية «ميتشل فات» الساخرة، وتتناول قضية تعثر المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فقال: «ببساطة الأغنية كسابقتها، وكحال الأغنيات الجديدة، ليست أكثر من محاولة لرفع الصوت، ولمحاكاة أسئلة تجول في ذهن الإنسان الفلسطيني في مناطق عدة في الوطن والشتات. أغنية «مستني دولة بأيلول» تحاكي هذه الأسئلة المتعلقة بما بات يعرف ب «استحقاق أيلول»، عبر نمط جديد من الأغنية، على الصعيد الفلسطيني على الأقل».