ظهرت مؤشرات أمس إلى إمكان حسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي الأوضاع في البلاد نهائياً لمصلحته بعدما أقر رئيس المجلس مصطفى عبدالجليل بأن أبناء العقيد معمر القذافي غادروا مدينة بني وليد التي يسعى الثوار إلى دخولها سلماً، أو بالقوة إذا تعذّر ذلك. وترافق ذلك مع تأكيدات أن منصور ضو، ابن عم القذافي وقائد كتائبه الأمنية، فر إلى النيجر، ما يعني خسارة العقيد المخلوع حليفاً مهماً في حال أصر على مقاومة النظام الليبي الجديد. وتحاصر قوات الثوار منذ أيام بني وليد وأجرت مفاوضات مع قبائلها بهدف تسليمها سلماً، لكن هذه المفاوضات انهارت الأحد بعدما أصر سكان المدينة الواقعة جنوب شرقي طرابلس أن القوات التي تدخلها تكون مجرّدة من السلاح. كما أن أعضاء في اللجان الثورية من قبيلة الورفلة يرفضون قبول اي حل ينص على تسليمها. لكن تصريحات أدلى بها أمس مصطفى عبدالجليل أوحت بأن الثوار يتفهمون بعض شروط قبيلة الورفلة في بني وليد، إذ قال في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن التقاليد العربية تنص على حماية من يلجأ إلى القبائل ولا يمكن بالتالي تسليمه، وإن هناك معلومات عن أن إثنين من أبناء القذافي، هما سيف الإسلام والمعتصم، لجآ بالفعل إلى الورفلة وهما من كان يعرقل تسليم بني وليد. واضاف أن المجلس عرف من مصادره أن خميس، نجل القذافي، مدفون في بني وليد. وزاد: «اننا تفهمنا ذلك (عدم تمكن القبائل من تسليم من لجأ إليها من أبناء القذافي)، وأعطيناهم ثلاثة أيام، ثم عدلنا المهلة إلى أسبوع. وما زلنا نلتزم كلمتنا (بعدم مهاجمة بني وليد قبل انتهاء المهلة). المفاوضات ما زال أمامها وقت، وعندما تنتهي هذه المفاوضات سيكون هناك (وضع) آخر. ولدينا معلومات أن إبني القذافي غادرا المدينة (الآن)». وجاء كلام عبدالجليل بعد تصريحات أدلى بها الساعدي القذافي، نجل العقيد المخلوع، وحمّل فيها شقيقه سيف الإسلام مسؤولية عرقلة التوصل إلى تسوية في بني وليد بعدما أدلى بتصريحات عنيفة ضد الثوار ودعا إلى مهاجمتهم في كل مكان. وأدلى القذافي الأب بتصريحات مماثلة ضد الثوار، في حين بدا الساعدي ميالاً أكثر إلى التعاون مع الحكم الليبي الجديد وعدم مقاومته بل حتى الاستسلام له. وتزامنت تطورات بين وليد مع مطالبة زعيم الثوار في طرابلس عبدالحكيم بلحاج باعتذار من بريطانيا والولايات المتحدة نتيجة تورطهما في تسليمه لنظام القذافي العام 2004. وقال بلحاج إنه تعرض آنذاك للتعذيب على يدي الاستخبارات الأميركية في تايلاندا، قبل تسليمه إلى استخبارات القذافي التي سجنته طوال سبع سنوات. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون أمام مجلس العموم أمس أن بلاده ستفتح تحقيقاً في التعاون المزعوم بين استخبارات بلاده وأجهزة أمن القذافي، مشيراً إلى أن ذلك تم خلال عهد الحكومة العمالية السابقة. وقال إنه يسعى إلى تحقيق يزيل أي تشويه عن صورة الاستخبارات البريطانية، خصوصاً في شأن تورطها في تسليم ناشطين إسلاميين إلى دول تعرضوا فيها للتعذيب. والتعاون بين الاستخبارات البريطانية وأجهزة أمن القذافي لم تقتصر على قضية بلحاج الذي كان أميراً ل «الجماعة الإسلامية المقاتلة» عندما سُلّم إلى القذافي عام 2004. إذ أفادت وثائق تم كشفها في طرابلس أن البريطانيين كانوا يتعاونون أيضاً مع القذافي في التجسس على معارضين ليبيين. ونشرت صحيفة «الإندبندنت» أمس معلومات عن تعاون الاستخبارات البريطانية في احباط مخطط استهدف حياة سيف الاسلام القذافي العام 2004. وكتبت أن البريطانيين أثاروا أمر المؤامرة ضد سيف الإسلام مع نظرائهم الفرنسيين الذي قالوا إنهم لم يعثروا على المتورطين فيها، وأن الفرنسيين قالوا أن وزيراً قطرياً يُشتبه في علاقة المتآمرين به «معروف بتعاطفه» مع الإسلاميين المتشددين.