أكد مثقفون أن «سوق عكاظ» يسعى إلى ترجمة ما تشهده المملكة من نهضة ثقافية، كما يجهد في إبراز الصورة الحقيقية للطفرة الحضارية، ويحاول رسم خريطة جديدة لمستقبل الموروث العربي وعينه على المستقبل. واعتبر هؤلاء أن مساعي الدولة وجهودها لإعادة وهج هذا التجمع التاريخي والثقافي والتجاري، بعد توقف دام أكثر من 1300 سنة، «يتسق مع رؤية تستشرف مكانة المملكة الريادية، فضلاً عن أن «سوق عكاظ» يحقق رؤية الأمير خالد الفيصل بأن يكون هدفه النهائي تنمية المكان والزمان وصولاً إلى العالم الأول. وقال الدكتور عبد العزيز السبيل إن على الأجيال أن تصنع تاريخها ولا تتكئ على أمجاد الآباء والأجداد، مشير إلى أن من يزور «سوق عكاظ» في كل عام «يلحظ بوناً شاسعاً وتحسناً ملحوظاً في الجوانب التنظيمية والتجهيزات»، مضيفاً: «إذا كان مستوى التنظيم والتغيير والتحديث على هذا المنوال، أجزم أنه بعد سنوات قليلة سيتجاوز «سوق عكاظ» البعيدين المحلي والعربي إلى العالمية، وهذا ما يطمح له الأمير خالد الفيصل»، مستطرداً: «يمثّل سوق عكاظ التاريخ ويمثّل الماضي، وما أسعدنا في هذا العام والأمير خالد الفيصل يطرح رؤية أخرى، وهي طرح «عكاظ المستقبل». وذكر السبيل: «نحن بقدر اعتزازنا بالماضي وبقدر تمسكنا بهذا التراث وأكثر من ذلك نتطلع إلى المستقبل ونستشرف آفاقه، فأبناء اليوم يجب أن ينظروا إلى الخلف قليلاً ولكن إلى الأمام كثيراً». واعتبر رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبد المحسن القحطاني «سوق عكاظ» مشروعاً ثقافياً حضارياً وطنياً، «ينطلق من جذور تاريخية راسخة في الثقافة العربية». وقال: «بجانب كون سوق عكاظ مكانًا لقرض الشعر والتفنن في إلقائه، كان السوق أيضاً معرضاً تجارياً ومنتدى اجتماعياً حافلاً بجميع أنواع الأنشطة الإنسانية، وكان منبراً يبلغ الحاضرُ الغائب بما أُعلن فيه وما عُقد من معاهدات بين القبائل». وأوضح القحطاني أن «سوق عكاظ» بصفته ملتقى للشعراء وحاضناً لهم ومنبعاً لقرائحهم، «أسهم في إبراز عدد من الأسماء والقصائد الشعرية المشهورة في تاريخ الأدب العربي، كما كان الناس يتبايعون ويتعاكظون ويتفاخرون ويتحاججون، وينشد الشعراء ما تجدد لهم، وقد كثر ذلك في أشعارهم كقول حسان: «سأنشرُ إن حييتُ لهم كلاماً... يُنشرُ في المجامع من عكاظ». وقال: إن فكرة إعادة السوق إلى هذا الشكل الحالي، «مجهود كبير يستحق التقدير، إذ انه كان ولا يزال يحتل مكانة في نفوس العرب»، متمنياً أن يتمخض عن اهتمام المسؤولين ب «سوق عكاظ» أن «يصبح ملتقى عالمياً ورمزاً ثقافياً ووجهة سياحية يقصدها الزوار والمصطافين خلال زيارتهم للطائف بشكل خاص، والمملكة بشكل عام». وقال مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في جدة عبدالله التعزي إن «سوق عكاظ» يترجم النهضة الثقافية في المملكة «ويجسد مكانة الثقافة على أرض المملكة، ويهيئ البيئة المناسبة لاحتضانها والحفاظ عليها، وهو قبل ذلك وبعده يجسد اهتمام القيادة بإحياء هذا السوق، يعد إضافة للحراك الثقافي ويعزز ما وصلت إليه الحركة الثقافية بالمملكة من نضج وازدهار وتقدم»، مشيراً إلى أن الاهتمام بالثقافة وتهيئة البيئة الملازمة للحفاظ عليها وتطويرها «رسالة وهدف تسمو به المملكة». وقال التعزي إن «الزائر ل «سوق عكاظ» يجد مفارقة تجمع بين التقنيات الحديثة التي تم توفيرها في موقع السوق مع جغرافية المكان وقيمته التاريخية الأصيلة»، مضيفاً: تأتي أهمية «سوق عكاظ» اليوم في كونه ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه، يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، يأنسون فيه بالعروض الشعبية الأصيلة، وينصتون إلى الكلمة الشاعرية العذبة، كما يستمتعون بالقيمة المعرفية والثقافية التي يقدمها السوق، من خلال ندواته ومحاضراته ومعارضه وغيرها من أنشطته وبرامجه المتنوعة».