أكد إعلاميون ومثقفون ورجال فكر وأدباء أن سوق عكاظ الذي سيطلق صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة نسخته الخامسة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 22 شوال الجاري، يترجم النهضة الثقافية التي تعيشها المملكة، ويبرز الصورة الحقيقية للطفرة الحضارية، كما يرسم خارطة جديدة لمستقبل الموروث العربي وعينه على المستقبل. واعتبر رجال الثقافة والفكر والأدب والإعلام أن مساعي الدولة وجهودها لإعادة وهج هذا التجمع التاريخي والثقافي والتجاري بعد توقف دام أكثر من 1300 سنة، يتسق مع رؤية تستشرف مكانة المملكة الريادية، فضلًا عن أن سوق عكاظ يحقق رؤية الأمير خالد الفيصل بأن يكون هدفه النهائي تنمية المكان والزمان وصولًا إلى العالم الأول. من المحلية إلى العالمية المستشار في وزارة التربية والتعليم المشرف العام على تطوير قطاعي الإعلام والثقافة في الوزارة الدكتور عبدالعزيز السبيل طالب بأن تصنع الأجيال تاريخها ولا تتكئ على أمجاد الآباء والأجداد، مشيرًا إلى أن من يزور سوق عكاظ في كل عام يلحظ بونًا شاسعًا وتحسنًا ملحوظًا في الجوانب التنظيمية والتجهيزات، وقال: إذا كان مستوى التنظيم والتغيير والتحديث على هذا المنوال، أجزم أنه بعد سنوات قليلة سيتجاوز سوق عكاظ البعدين المحلي والعربي إلى العالمية، وهذا ما يطمح له الأمير خالد الفيصل، مستطردًا: يمثّل سوق عكاظ التاريخ ويمثّل الماضي وما أسعدنا في هذا العام والأمير خالد الفيصل يطرح رؤية أخرى وهي طرح «عكاظ المستقبل». وذكر السبيل: نحن بقدر اعتزازنا بالماضي وبقدر تمسكنا بهذا التراث وأكثر من ذلك نتطلع إلى المستقبل ونستشرف آفاقه، فأبناء اليوم يجب أن ينظروا إلى الخلف قليلًا ولكن إلى الأمام كثيرًا، وزاد: نهتم بالماضي ونتكئ عليه ولكن علينا ألا نكون أسرى لهذا الماضي وعلينا أن نصنع أمجادنا نحن، وعلى الأبناء والأحفاد أن يصنعوا كذلك أمجادهم، وهذه الرؤى المستقبلية التي طرحها الأمير خالد الفيصل لعكاظ هي ما نأمل أن تتحقق على أرض الواقع. إضافة للحراك الثقافي من جانبه اعتبر المشرف العام على فرع وزارة الثقافة والإعلام بمنطقة مكةالمكرمة سعود الشيخي أن سوق عكاظ، أصبح تجسيدًا حقيقيًا لمكانة الثقافة على أرض المملكة وبيئة مناسبة لاحتضانها والحفاظ عليها بفضل الرعاية والاهتمام والمتابعة من الأمير خالد الفيصل، وقال: إن إحياء سوق عكاظ يعد إضافة للحراك الثقافي ويعزز ما وصلت إليه الحركة الثقافية مما ساعد في تهيئة البيئة الخصبة والمناخ الملائم لتألقها وتجاوزها الحدود المحلية والعربية لتصل إلى العالمية. وشدّد الشيخي على أن وزير الثقافة والإعلام عضو اللجنة الإشرافية العليا الدكتور عبدالعزيز خوجة يعي الدور الكبير الذي تؤديه المملكة في سبيل الحفاظ على مقوماتها الثقافية بعد أن جعلت المحافظة عليها أحد أهم أولوياتها، واصفًا سوق عكاظ بأنه مساحة واسعة للتعريف بدور المملكة الريادي في نشر الثقافة والاهتمام بها والتعريف بعناصر قوتها وشموخها،وقال: يترجم سوق عكاظ النهضة الثقافية في المملكة ويُبرز بشكل واضح الطفرة الحضارية التي تعيشها بلادنا والتقدم الذي تمشي في ركابه على الأصعدة والمستويات كافة. مشروع حضاري وطني رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالمحسن القحطاني وصف سوق عكاظ بأنه مشروع ثقافي حضاري وطني ينطلق من جذور تاريخية راسخة في الثقافة العربية، وقال: بجانب كون سوق عكاظ مكانًا لقرض الشعر والتفنن في إلقائه، كان السوق أيضًا معرضًا تجاريًا ومنتدى اجتماعيًا، وكان منبرًا يبلغ الحاضرُ الغائب بما أُعلن فيه وما عُقد من معاهدات بين القبائل. وأضاف: كانت القبائل والعشائر تلتقي في سوق عكاظ فيدير شؤون كل قبيلة شيوخُها ورؤساؤها ويقضي بين الناس إذا تنازعوا قضاة معترف بهم من أشهرهم أكثم بن صيفي حكيم العرب الذي كان يُضرب فيه المثل في النزاهة وحب الخير والحكمة وعامر بين الظَّرِب من بني عَدْوان من قيس عيلان وحاجب بن زرارة وعبدالمطلب وأبو طالب والعلاء بن حارثة من قريش وربيعة حُذار من بني أسد. وبيّن القحطاني أن سوق عكاظ كونه ملتقى للشعراء وحاضنًا لهم ومنبعًا لقرائحهم، أسهم في إبراز عدد من الأسماء والقصائد الشعرية المشهورة في تاريخ الأدب العربي، كما كان الناس يتبايعون ويتعاكظون ويتفاخرون ويتحاججون وينشد الشعراء ما تجدد لهم، وقد كثر ذلك في أشعارهم كقول حسان: سأنشرُ إن حييتُ لهم كلامًا.. يُنشرُ في المجامع من عكاظ. وأضاف: ممن برز في سوق عكاظ وعلا فيه شأنه النابغة الذبياني الذي ترأس سوق عكاظ، وذكر القحطاني أن فكرة إعادة السوق إلى هذا الشكل الحالي مجهود كبير يستحق التقدير، حيث أنه كان ولا يزال يحتل مكانه في نفوس العرب، وقال: ما شاهدناه في سوق عكاظ في الأعوام الماضية من معارض متنوعة وبرامج وأنشطة وتواجد كبير من قبل الزوار دليل على الأهمية التي يحظى بها السوق. وتمنى أن يتمخض عن اهتمام المسؤولين بسوق عكاظ أن يصبح ملتقى عالميًا ورمزًا ثقافيًا ووجهة سياحية يقصدها الزوار والمصطافين خلال زيارتهم للطائف بشكل خاص والمملكة بشكل عام. بيئة للإبداع والابتكار مدير فرع جمعية الفنون بجدة عبدالله التعزي رأى أن سوق عكاظ يترجم النهضة الثقافية في المملكة ويجسّد مكانة الثقافة على أرض المملكة ويهيئ البيئة المناسبة لاحتضانها والحفاظ عليها وهو قبل ذلك وبعده يجسّد اهتمام القيادة بإحياء هذا السوق، والسوق يعد إضافة للحراك الثقافي ويعزز ما وصلت إليه الحركة الثقافية بالمملكة من نضج وازدهار وتقدم. وأشار التعزي إلى أن الاهتمام بالثقافة وتهيئة البيئة الملازمة للحفاظ عليها وتطويرها رسالة وهدف تسمو به المملكة. وقال: إن الزائر لسوق عكاظ يجد مفارقة تجمع بين التقنيات الحديثة التي تم توفيرها في موقع السوق مع جغرافية المكان وقيمته التاريخية الأصيلة. ونوه إلى أن الأنشطة المقدمة في سوق عكاظ تتنوع لتقدم للزائر مهرجانًا ثريًا يعيد تأصيل القيم الأخلاقية والتاريخية والثقافية لدى العرب باتصاله بسوق عكاظ التاريخي الذي مثّل هذا الدور لدى العرب وقبائلها، كما يعيد إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل ويستعرض ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته ويقدم في كل عام احتفالًا واحتفاءً بأحد شعراء المعلقات ليؤكد اتصال التراث بالحاضر وتجدّد المحافظة على الماضي وما حفل به من تاريخ وأحداث وأمجاد. جذب للزوار والسياح أعرب الشاعر الدكتور عبدالإله جدع عن تقديره لما حققه سوق عكاظ خلال أعوامه السابقة والتجديد الذي سيطرأ عليه في نسخته لهذا العام، سواء من حيث التنظيم والإعداد، أو التنوع في البرامج والأنشطة التي تناسب الكبير والصغير والرجال والنساء، والذين سيلحظون من خلالها الربط بين الماضي بالحاضر. وأكد أن هذا السوق سيحدث أثرًا إيجابيًا لدى الجميع، خاصة أنه عامل جذب للزوار والسياح من داخل المملكة وخارجها. وذكّر جدع بأن الطائف مصيف المملكة الأول، لها تاريخ عميق منذ القدم، وتحتاج إلى الاهتمام والتركيز على جانبها التراثي وإحيائه والعناية به، لأهمية موقعها من مكةالمكرمة العاصمة الإسلامية، وقال: سوق عكاظ يعيد للطائف حضورها من جديد. وشدّد على ضرورة أن يتناول سوق عكاظ جميع المعطيات الثقافية والأدبية لإبراز الهوية الحقيقية للسوق، مضيفًا: إن الاهتمام الكبير بالموروث التاريخي والتراثي في جميع مناطق المملكة هو ديدن الحكومة السعودية منذ القدم، مطالبًا في الوقت نفسه الأدباء والمثقفين بالاهتمام بهذا الجانب المهم الذي يعكس الصورة الحقيقية لهذا السوق، والذي يجعل منه معلمًا مهمًا للطائف.