طرابلس - ا ف ب - أحيا آلاف الليبيين في طرابلس «جمعة الخلاص» حيث أدوا الصلاة في «ساحة الشهداء»، في وقت دعا مسؤول الداخلية في المجلس الوطني الانتقالي المتمردين الذين أتوا من مدن مختلفة إلى مغادرة العاصمة بعدما باتت «مدينة محررة». وقال خطيب صلاة الجمعة أمام المصلين الذين كان يلوح بعضهم بالأعلام الخضراء والسوداء والحمراء: «حل النصر وذهب الظلم (...) والطاغية لن يعود الى طرابلس حتى وإن أريقت دماؤنا جميعاً». وأضاف، فيما كان مسلحون يفتشون المداخل المؤدية إلى الساحة التي كانت يطلق عليها في السابق اسم الساحة الخضراء وسط صيحات «الله اكبر» والهتافات المعارضة لمعمر القذافي: «نريدها دولة وسطية ترفع شعار الاعتدال». وقال نوري خليفة (50 عاماً)، وهو مهندس نفط ل «فرانس برس»: «الآن أصبحنا نشعر بالأمان، كل شيء أفضل من السابق، ومهما حدث فلن يكون أسوأ مما كنا نواجهه كل يوم على مدى 42 عاماً». وعقب انتهاء الصلاة، تجمع المصلّون حول عدد من الثوار ورددوا هتافات معادية للقذافي، بينها «ليبيا فيها رجالة قولوا للقذافي وعياله»، و «لا شرقية ولا غربية، وحدة وحدة وطنية». في هذا الوقت، قال مسؤول الداخلية في المجلس الانتقالي لوكالة «فرانس برس»، إن «طرابلس تحررت لذا يتعين على الجميع مغادرة المدينة والعودة الى مدنهم». وأضاف أن «الخطر زال ومغادرة الثوار الآخرين أمر طبيعي». وأكد أن «ثوار طرابلس قادرون على حماية مدينتهم». وكانت مجموعة من الثوار أعلنت مساء الخميس في العاصمة عن تشكيل «مجلس ثوار طرابلس» داعية الثوار من المناطق الاخرى إلى مغادرة المدينة. وجاءت هذه الدعوات بعدما دعا معمر القذافي المتواري عن الانظار، مساء الخميس في رسالة صوتية عبر قناة «الرأي» التي تبث من سورية، الليبيين الى المقاومة المسلحة للقضاء على «العدو وطرد الاستعمار»، في اشارة الى حلف شمال الاطلسي. وقال القذافي الذي بدا في خطابه أكثر هدوءاً من المعتاد: «أيها الليبيون رجالاً ونساء، استعدوا لمقاومة الاستعمار كما فعل اجدادكم، استعدوا لحرب طويلة فرضت عليكم لا يستطيع استعمار أن يخوضها على المدى الطويل، مقاومتكم ستصعد يوماً بعد يوم». وتابع: «استعدوا لحرب المدن وحرب العصابات. استعدوا لنشر المقاومة الشعبية في طول ليبيا وعرضها. الهدف هو القضاء على العدو اينما كان». واتهم البلدان المشاركة في العمليات العسكرية للحلف الاطلسي في ليبيا بأنها تسعى «إلى وضع اليد على اموال الشعب الليبي لتجويعه وإخضاعه وامتلاك المياه والنفط والكهرباء والمواصلات». وأضاف أن «الاستعمار» يريد أن «تصبح ليبيا مستعمرة تماماً وخاضعة تماماً»، وأن «يجند الليبيين ليحارب بعضهم بعضاً بالقوة»، كما «يريد إعادة ليبيا الى ما كانت عليه قبل ثورة الفاتح». الا انه قال «نفضل الموت على هذا». والتسجيل كان الثاني للقذافي خلال ساعات بعد تسجيل سابق الخميس قال فيه: «اذا ارادوا معركة طويلة فلتكن معركة طويلة. اذا اشتعلت ليبيا فمن يستطيع ان يحكمها؟ فلتشتعل». وصدر هذان التسجيلان في ذكرى «ثورة الفاتح من سبتمبر» التي اوصلت القذافي الى الحكم في الاول من أيلول (سبتمبر) 1969. وفي مقابل هذه التهديدات، أكد قادة للثوار لفرانس برس، أنهم مستعدون لمواجهة اي هجمات قد يشنها موالون للقذافي. واعتبر مسؤول الداخلية في المجلس الانتقالي أمس، أن «خطابات القذافي لا تؤثر على نجاح الثورة». وأعلن عن خطط امنية تشمل عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى ستطبق بدءاً من صباح اليوم السبت في طرابلس التي سبق أن سرت فيها اشاعات عن تحضيرات لنشر سيارات مفخخة تستهدف الثوار، وقال إن «نسبة كبيرة من الشرطة والأمن ستلتحق بأعمالها بدءاً من صباح السبت، وذلك في اطار خطط امنية تهدف إلى حماية المدينة والاهداف الحيوية فيها». وتابع أن «أفراد الشرطة لم تقاتل، وجميعهم ثوار، وليس لدينا مشكلة معهم لأنهم كانوا في اجهزة أمنية تخدم الدولة وليس النظام»، لكنه اشار الى ان «هناك بعض الافراد الذين تلطخت أياديهم بالدماء والفساد وقد جرى تحييدهم حتى اتخاذ الاجراءات اللازمة بحقهم»، مشيراً إلى أن عدد هؤلاء «الضباط لا يتجاوز ال 30». ويأتي الاعلان عن الخطط الامنية قبل ساعات من انتهاء المهلة التي حددها المجلس الانتقالي لقوات القذافي في سرت (360 كلم شرق طرابلس) للاستسلام، وسط انباء متضاربة عن تمديد المهلة التي تنتهي السبت لأسبوع اضافي «حقناً لدماء الليبيين». سياسياً، أكد جمعة القماطي، ممثل المجلس الانتقالي الليبي في بريطانيا الجمعة، أنه سيتم انتخاب مجلس تأسيسي في ليبيا في غضون نحو ثمانية اشهر وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون 20 شهراً. وقال القماطي مفصلاً الجدول الزمني الانتخابي للمجلس الانتقالي لاذاعة «بي بي سي»: «وضعنا خريطة طريق بفترة انتقالية من 20 شهراً». وأضاف أن «المجلس الانتقالي سيدير ليبيا لمدة ثمانية اشهر قبل أن يتولى مجلس منتخب من الشعب» السلطة لصياغة دستور، و «في غضون عام (من ذلك) سيتم تنظيم انتخابات». وتابع: «بالتالي أمامنا ثمانية أشهر وعام قبل الانتخابات النهائية التشريعية والرئاسية. ومع قليل من التوفيق سينتخب الشعب الليبي في غضون نحو 20 شهراً القادة الذين يرغب بهم». واعتبر القماطي أن «العملية الانتقالية بدأت» رغم استمرار المعارك بين الثوار والقوات الموالية لمعمر القذافي. وأوضح «طالما ان طرابلس مستقرة وآمنة، وهو واقعها الآن، وكذلك شأن معظم المدن، فبامكان الليبيين بدء العملية الانتقالية». وقال ان القذافي «يختبئ، وهو معزول» مضيفاً أن «توقيفه مسألة وقت وإلا فسيقتل اذا قاوم». وكان المجلس الوطني الانتقالي الليبي اعلن من بنغازي (شرق) في 17 آب (اغسطس) «وثيقة دستورية» تنص على تسليم السلطة الى مجلس منتخب خلال مهلة لا تتجاوز ثمانية اشهر، وتبنّي دستور جديد. ووضعت الاممالمتحدة والقوى الكبرى الخميس في باريس خريطة طريق للسلطات الجديدة في طرابلس، وأعلنت الافراج فوراً عن 15 بليون دولار لصالحها. وقد جمعت باريس بعد ظهر الخميس ممثلي حوالى ستين بلداً لمدة ساعتين في الذكرى الثانية والاربعين بالتمام لتولي العقيد معمر القذافي الحكم في ليبيا وبعد ستة اشهر على قمة باريس في 19 آذار (مارس) التي اطلقت العملية العسكرية على النظام الليبي. وفي مؤتمر صحافي في ختام المؤتمر الدولي حول مستقبل ليبيا، اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والأمين العام للحلف الاطلسي أندرز فوغ راسموسن ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، مواصلةَ غارات حلف شمال الاطلسي طالما بقي معمر القذافي يمثل تهديداً لشعبه. وقال ساركوزي في ختام المؤتمر «سيتم الافراج عن نحو 15 بليون دولار على الفور».