يعاني سكان قطاع غزة من أزمة متفاقمة في «الفكة» وصلت ذروتها قبل عيد الفطر الكريم بعدما أصبح العثور عليها بشق الأنفس، في وقت لم تتمكن حكومتا غزة ورام الله من دفع رواتب الشهر الجاري لموظفيها البالغ عددهم نحو 200 ألف. وأثّر غياب «الفكة» سلباً على عملة الشيقل الأكثر تداولاً في القطاع، كما أثر في مناحي الحياة المختلفة، ونشبت مشاكل وشجارات كثيرة وألغيت عمليات تجارية، ما تسبب في خسائر مادية جسيمة للتجار، اضافة الى أزمة حادة في المواصلات. ولم تفوّت المصارف الفرصة لاستغلال الوضع الى حده الأقصى، إذ للمرة الأولى منذ سنوات طويلة يصبح سعر الدولار في المصارف أعلى منه في السوق، فوصل في بعضها الى نحو 3.60 شيقل، وفي بعضها الآخر الى 3.66، في حين ارتفع سعره في السوق الى نحو 3.47 شيقل. وفي حين يباع الدولار بسعره المعلن في السوق، ترفض المصارف حساب السعر المعلن، إذ يتم حسابه بسعر أقل يتراوح بين 10 الى 15 أغورة في حال أراد الزبون الحصول على الشيقل، أما في حال كان رصيده بالشيقل وأراد الحصول على الدولار، فيتم حسابه بالسعر المعلن. وتتذرع المصارف بنقص في عملة الشيقل، خصوصاً «الفكة»، لذا ترفض في كثير من الأحيان أن تدفع بهذه العملة رواتب الموظفين أو أي عمليات سحب من الأرصدة بهذه العملة. وقال مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية الدكتور ماهر الطبّاع إن «التجار والمواطنين عانوا على مدار سنوات الحصار الخمس (الاخيرة) من الأزمات المتتالية للسيولة النقدية في الأسواق والمصارف وتبادل الأدوار في اختفاء العملة بين الدولار والشيقل والدينار الأردني، وتذبذب أسعار صرف العملة في الأسواق واختلافها عن الأسعار الرسمية، فتارة تكون منخفضة واخرى مرتفعة». وأضاف أن «اختفاء الفكة من الأسواق قبل مواسم الأعياد يتسبب في خسائر مادية جسيمة للتجار الصغار لفشل عدد من عمليات البيع، وأزمة حادة في المواصلات، ما يدفع الكثير من المواطنين إلى المشي سيراً على الأقدام أو الحد من التنقل بالمواصلات». وتوقع أن تنتهي الأزمة صباح اليوم بعد إخراج المواطنين ما لديهم من «الفكة» وتقديمها «عيديات» للأرحام والأطفال، واستخدامها في عمليات الشراء. وعزت مصادر مصرفية الأزمة الى رفض اسرائيل إرسال كميات من «الفكة» الى مصارف القطاع، في حين ظهرت للتداول عملات ورقية مهترئة كانت اختفت في العامين الأخيرين ومعها اختفت القطع المعدنية. وما زاد سخط وغضب المواطنين أنه لم يتم دفع راتب الشهر الجاري لنحو 60 ألف موظف يعملون لدى حكومة الضفة، و30 ألفاً يعملون لدى حكومة غزة، فيما تزداد النفقات في شكل كبير ولافت خلال شهر رمضان المبارك. ووقعت شجارات ومشاكل كثيرة ناجمة عن غياب الفكة وعدم دفع الرواتب، اذ وصل الى البنوك موظفون طلبوا الحصول على ما تبقى في أرصدتهم من مبالغ بسيطة تصل الى 20 أو 50 شيقلاً، وفي أحسن الأحوال 200 شيقل، فيما أبدى أصحاب محال الملابس وغيرها من المحال التي تعتمد في أرباحها على فترات الأعياد، استياءهم من ضعف القدرة الشرائية للمواطنين بسبب الأزمتين.