واجهت الدراما السورية خلال هذا الموسم -على عكس المواسم السابقة- نكسات وهزات عدة. ولم يقتصر الأمر على المضمون الجدلي الذي تقدمه، بل تعدى ذلك إلى تبادل الاتهامات والتراشق اللفظي حتى وصل إلى حد إقامة دعاوى قضائية، كما كثرت الإيقافات لعدد من الأعمال، فضلاً عن اتهامات بسرقات للأفكار والأساليب. البداية كانت مع أولى حلقات «في حضرة الغياب» الذي واجه رفضاً قاطعاً من الجهات المعنية بالشاعر الراحل محمود درويش، إذ طالبت بوقف بث العمل، بناءً على المغالطات التاريخية في الحبكة، والمستوى الفني الهزيل الذي ظهر به العمل أداءً (فراس إبراهيم) وإخراجاً (نجدة أنزور). ثاني الهزات كانت أيضاً مع المخرج أنزور في مسلسل «شيفون» الذي أوقف التلفزيون السوري عرضه بعدما حصل على حق البث حصرياً. وقالت مصادر مقربة من المخرج أن السبب هو الطرح الذي يقدمه العمل بالتطرق إلى قضايا حساسة رفضها بعض رجال الدين ما دفع التلفزيون لوقفه. ولكن في الجهة المقابلة أكد مصدر في التلفزيون السوري أن عدم عرض العمل يعود لمخرجه الذي فضّل أن يقدمه خارج الموسم الرمضاني ليأخذ حقه في العرض، (سيبدأ تلفزيون «المستقبل» عرضه خلال أيام)، وأضاف المصدر أن التلفزيون السوري يعرض أعمالاً أكثر جرأة من «شيفون»، وأن هذا العمل لم يلامس الخطوط الحمر التي من الممكن أن تتسبب في وقفه. الأحداث الميدانية في سورية كما كان لها دور في تأجيل تصوير عدد كبير من الأعمال، كنا قد تطرقنا إليها في أعداد سابقة، كان لها دور في ولادة أعمال أخرى أبرزها مسلسل «فوق السقف» للمخرج سامر برقاوي، الذي كان من المفترض أن يحمل اسم «الشعب يريد»، لكن التلفزيون السوري طالب بتغيره، وقدم العمل رؤية لواقع الحال السوري عبر حلقاته، التي كانت تصور تزامناً مع العرض، ثم ما لبث أن أوقفه التلفزيون السوري أيضاً بعد عرض أكثر من 15 حلقة، والذريعة كما ذكرت بعض المصادر، «خطأ في البرمجة». رابع القضايا التي تفاعلت أخيراً، كانت في عزم شركة «قبنض» المضي في الدعوى القضائية الموجهة للممثل ياسر العظمة، نتيجة تأخره في تصوير المسلسل وتعطيل عمل الشركة في إنتاج عمل آخر نتيجة انشغال المعدات الخاصة بها في «مرايا». كما أثر ذلك على عملية تسويق المسلسل نظراً لتأخر انتهاء تصويره. وذكرت مصادر من داخل الشركة أن العظمة أكد قبل بداية التصوير أن النص جاهز، ثم ما لبث أن فوجئوا بأنه غير جاهز، ما تسبب في خسائر كبيرة. أما أبرز القضايا والمشاكل التي واجهت عملاً سورياً فكانت مع مسلسل «سوق الورق» للمخرج أحمد إبراهيم أحمد والكاتبة آراء جرماني، ومن إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني، حيث طالبت جامعة دمشق بوقف عرض العمل الذي يتناول فساد أحد الأساتذة. كما قامت إدارة الجامعة بعرقلة مناقشة شهادة الدكتوراه لكاتبته وذلك على ذمة الكاتبة والمخرج، ووصفت إدارة الجامعة العمل في بيان لها أنّه «لا يحمل إلا مضموناً واحداً هو إثارة الفتنة والشك والريبة في نفوس المجتمع حول إحدى مؤسساته التي يعتز بها وأصبحت رمزاً من رموز نهضته وحضارته، وهي مؤسسة التعليم العالي». كما اتهمت الجامعة المؤلفة وطاقم عمله بتجييش بعض الأقلام وافتعال قضية رفض الجامعة لرسالة الدكتوراه التي ستقدمها الكاتبة للفت النظر إليه، ولفشلهم في استقطاب المشاهدين. ودافعت كاتبة العمل عنه، وأكّدت أنها لم تقصد الإساءة لأحد، وأضافت أن وزير الإعلام رفض وقف العمل لأنه حصل على كل الموافقات المطلوبة وكلّف الدولة أكثر من 60 مليون ليرة سورية. فيما أكّد مخرج العمل أن رئيس الجامعة طرد كاتبة العمل من مكتبه أثناء زيارة له، وأن رسالتها في الدكتوراه رفضت بحجة عدم وجود خبراء في سورية لتقويم رسالتها في قسم اللغة العربية، اختصاص النقد الأدبي الحديث. الأعمال الخمسة السابقة ليست وحدها التي واجهت انتقادات ومشاكل وهزات، فهناك أعمال أخرى وجهت لها أصابع الاتهام بسرقة الأفكار والأساليب، أبرزها مسلسل «جلسات نسائية» الذي رأى بعضهم أنه مأخوذ من مسلسل «نساء بائسات» الأميركي، ومسلسل «كسر الأقنعة» الذي اتهم بسرقة حبكاته من أعمال أميركية تقدم الجريمة. فيما اتهم آخرون مسلسل «طالع الفضة» بسرقة الطريقة الإخراجية لمسلسل «24» الأميركي عبر تقسيم الصورة، وحركة الكاميرا، رغم أنهم أقروا بأهمية الصورة المقدمة والأسلوب الإخراجي فيه. أما أبرز الاتهامات بالسرقة فكانت في مسلسل «الخربة» الذي سرق عبره المخرج نفسه عبر استنساخ مسلسل «ضيعة ضايعة»، ولكن مع اختلاف اللهجة، وبنسخة مشوهة عن الأصل. ويرى بعض المتابعين أن كل هذه القضايا من اعتراضات وسرقات ودعاوى قضائية وإيقافات رغم أنها متفاوتة في أهميتها وأحقيتها، لكنها مع ذلك ستُدخل الدراما السورية في مطب، بخاصة أنها بدأت تفقد مركزها الريادي على الساحة العربية، وأضحت خارج المنافسة الفعلية مع الأعمال المصرية والخليجية، مشيرين إلى أن المستوى الفني للموسم الحالي سجّل تراجعاً كبيراً على مختلف المستويات (فنياً وتقنياً)، وأكدوا أن الوضع الحالي بحاجة لوقفة حقيقية على مختلف المستويات لتلافي الوقوع في المجهول.