في كتاب «وقوفاً بها؛ ثلاث ظواهر في الشعر العربي الحديث» (الدار العربية للعلوم - ناشرون) يقدم الباحث السعودي عبد الله بن سليم الرشيد دراسة في الشعر العربي الحديث، ينطلق فيها من زوايا مختلفة. ويعتبر أن الدراسات التي تناولت الشعر العربي الحديث لا تقطع الطريق على من يتأمل في الشعر الحديث، ويعاود النظر فيه من زوايا مختلفة؛ فثمّة ظواهر فنية لم تقف أمامها أنظار الدارسين مطلقاً، أو أن بعضها حظي بكلمات وتعليقات في سياق دراسة الشعر بعامة، وهي تعليقات مفيدة جداً، ولكنها لا تغني نهم الباحث، فبقيت تلك الظواهر خافية عن الكثيرين، غائبةً في خضمّ العناية بالظواهر الكبرى. يضمّ الكتاب ثلاثة أبحاث تناولت ثلاث ظواهر جديرة بأن يُوقَف عندها. أول هذه الأبحاث يدرس «ظاهرة الصمت» التي تجنح بالشعر إلى ألوان جديدة من التعبير الذي يُحمِّل اللغة طاقات تعبيرية، ويلوّنها بألوان من شعرية التدوين إن صحّ التعبير. والثاني يتناول «رثاء الشاعر للشاعر مضموناً وأداء»، وهذه الظاهرة واسعة جداً، وبالإمكان أن تُنجَز فيها بحوث عدة في الشعر القديم والحديث، وهو ما دعا الكاتب إلى استنطاقها مما قيل في رثاء خمسة شعراء فقط. وفي الثالث دراسة ل «اللزوميات في الشعر العربي الحديث: الرؤية والتشكيل الفني»، وتتضمن الدراسة عرضاً لهذه الظاهرة التي تَمُتّ بعلاقة وثيقة إلى الإحياء الشفهي الذي ظهر في بدايات العصر الحديث، واستمر حتى يومنا هذا. إن هذه الأبحاث الثلاثة محاولة من مؤلِّفها لاستنطاق خبايا الشعر، الذي لا يزال ثري المنابع، قادراً على استفزاز المتلقي، في عصر يُقال عنه إنه لم يعد عصر الشعر.