["... هذا الهذيان العراقي يُمهد لخطر فعلي بدأ يلوح، ويتمثل في عودة «القاعدة» بعد أن أنجز العراقيون خطوات كبيرة على طريق القضاء عليها. والعودة هذه المرة ستتمثل ب «قاعدة» عراقية لا دور كبيراً فيها ل «فتوات» من الدول المجاورة. صحيح ان تلك الجماعة الإرهابية لن تعدم طرق امداد إقليمية ودولية، لكن المؤشرات الأولى التي بدأت تلوح لهذه العودة تشي بتغير في طبيعة التنظيم لمصلحة الاعتقاد بعرقنته..." - حازم الأمين، "العراق على شفير الانسحاب: "القاعدة" كمشروع سياسي"، "الحياة" 5/9/2010] بغداد - رويترز، "الحياة" - يقول مسؤولون عراقيون إن تنظيم القاعدة طفا على السطح مرة أخرى في معاقل سابقة له بالعراق، إضافة إلى الخطر الذي تمثله ميليشيات شيعية منظّمة، بينما تتأهب القوات الأميركية الانسحاب من البلد. فعلى الرغم من مقتل زعماء وضغوط تمارسها القوات الأميركية والعراقية، ينفذ مقاتلو "القاعدة" هجمات أكثر جسارة ويسعون لتقويض قوات الأمن المحلية. وقال مسؤولون أميركيون إن عطية عبد الرحمن ثاني اكبر شخصية في تنظيم القاعدة العالمي - وهو ليبي أدّى دوراً رئيساً في تنسيق العلاقات بين "القاعدة" والقيادة في العراق - قتل في باكستان الأسبوع الماضي. لكن ظهور التنظيم مجدداً - إلى جانب ميليشيات شيعية يحصل بعضها على دعم إيراني - يمثل مزيجاً طائفياً خطيراً بالنسبة إلى العراق، فيما سورية المجاورة تغلي، ويستهدف حالياً القوات الأميركية التي ستغادر البلاد بحلول نهاية العام الحالي. وقال الفريق حسين كمال، نائب وزير الداخلية العراقي لشؤون الاستخبارات، إن ثمة اعتقاداً بأن "القاعدة" اختفى من العراق، لكن الأمر ليس صحيحاً، لأنهم أعادوا تنظيم صفوفهم. وحالياً، يعمل الجيل الثالث للتنظيم في شكل مكثّف ليعيد تنظيم نفسه بالأسلحة والتدريب. وأضاف كمال أنهم لا يزالون يمثلون خطراً كبيراً على الأمن والمجتمع في العراق. وأصبح العراق ساحة معارك للقاعدة بعد الغزو الأميركي في 2003 الذي أطاح صدام حسين، لكن أعداد أعضاء التنظيم والأراضي التي يعمل بها تقلصت منذ 2006 - 2007، عندما انضم شيوخ عشائر سنية إلى جهود القوات الأميركية لمحاربة "القاعدة". وقال مسؤولون عراقيون إن الفرع العراقي للتنظيم تطور إلى جماعة محلية تتألف من مقاتلين عراقيين بالأساس أصبحوا أكثر صلابة في السجون الأميركية. وبدأت هذه العناصر تتسلل إلى معاقلها السابقة وتوزع منشورات في بغداد تطلب من الناس الانضمام للجهاد. وأصبحت بعض الفصائل حلفاء للحرس القديم التابع لصدام. وأسفرت تفجيرات سيارات ملغومة وقنابل مزروعة على الطرق عن سقوط نحو 70 قتيلاً في أنحاء العراق الأسبوع الماضي، في حين أن دولة العراق الإسلامية، وهي الجماعة المحلية المنتمية ل"القاعدة" أمرت أعضاء مجالس الصحوة بالعودة إلى صفوفها. وما زال للتمرد موطئ قدم في محافظة الأنبار (غرب)، حيث اعتقد كثيرون أنه فقد السلطة بعد أن تحول عدد من شيوخ العشائر ضده. وقال اللواء طارق العسل، مسؤول بوزارة الداخلية، إن الاقتتال السياسي والفساد أضرا بالوضع الأمني في الأنبار. وأضاف أن رجال الشرطة والجيش يحتاجون إلى تعاون المواطنين معهم، في ما يتعلق بالمعلومات. وأضاف أن جماعات مسلحة منتمية إلى "القاعدة" أصبحت تُغِير الآن على مجالس المحافظات، وتهاجم الطرق السريعة التي تربط العراق بالدول المجاورة، وتخطف أفراد الدوريات، وتستخدم أسلحة كاتمة للصوت في تبادل إطلاق النار. وقال مسؤولو أمن عراقيون إن محافظات، مثل نينوى (شمال) وصلاح الدين وديالى، لا تزال مناطق مشتعلة لعمليات "القاعدة". كما أن هذه العمليات تكتسب قوة في العاصمة العراقية وفي مناطق جنوبية متاخمة. ويُنظر إلى الموصل، المدينة الرئيسية في محافظة نينوى، باعتبارها واحدة من آخر معاقل المدن ل"القاعدة" في العراق. وتمول المحافظة العمليات، عبر الابتزاز وجرائم أخرى، بعد نفاد الأموال التي كانت تتدفق من الخارج. وقال زهير الأعرجي، العضو في مجلس النواب العراقي، إنه في 2010 و2011، وقعت هجمات أقل في الموصل لأن "القاعدة" لا يريد لفت الأنظار إليه هناك. وأشار إلى أن الدعم المالي لدولة العراق الإسلامية في بغداد وصلاح الدين والأنبار مصدره الموصل. وفي العراق، عشرات من الجماعات المسلحة، من السنة والشيعة، التي تحارب من أجل النفوذ. ويقول مسؤولون عراقيون إن عدد المقاتلين يقدر بالآلاف. وإلى جانب "جماعات القاعدة"، هناك جماعات متصلة بحزب البعث المحظور ومنشقين من "جيش المهدي"، مع "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله". ومن الممكن أن يسبب ما تقوم به قوات الأمن في سوريا المجاورة من قمع للاحتجاجات، التي تنفّذها أغلبية من السنة، المزيد من الخلل في الميزان الطائفي الدقيق في العراق. ولجأ بعثيون عراقيون كثر الى سوريا بعد سقوط صدام، وقال الفريق كمال، نائب وزير الداخلية، إن التدهور هناك دفع البعثيين والجماعات المرتبطة بالقاعدة إلى إظهار سطوتهم في العراق. وقالت مصادر حكومية وسياسية إن العراق أمر مؤخراً بإغلاق مخيم تابع للأمم المتحدة أقيم للاجئين من سوريا بعد أنباء عن احتمال لجوء مقاتلين من السنة إلى هناك. وتحدث مسؤولون أميركيون وعراقيون عن خطر آخر متزايد يهدد استقرار العراق، ألا وهو الميليشيات الشيعية المزودة بمعدات وتدريب أفضل تدعمها قوى إقليمية مثل إيران. وقال مسؤول امني رفيع "قوات الأمن العراقية كانت تستهدف اعضاء "القاعدة" اكثر من الميليشيات الشيعية... الميليشيات الشيعية أصبحت مؤخراً أقوى وأكثر تنظيماً من "القاعدة"، بل وأكثر خطورة." ويقول الميجر جنرال جيفري بيوكانان، الناطق باسم الجيش الأميركي في العراق، إن الميليشيات التي تعلن ولاءها ل"قوة القدسالإيرانية"، المتخصصة في العمليات الأجنبية (الخارجية)، تمثل خطراً على العراق اكبر من الخطر الذي يمثله "القاعدة". وعلى رغم ذلك تقول السلطات الأميركية والعراقية إنها تتوقع أن تتواصل هجمات الجماعات ولكن، بمعدّل أدنى مما كان في الماضي. وقال الفريق كمال إنهم يتوقعون وقوع هجمات هنا وهناك ولكنها لن تؤثر على السياسة والحكومة العراقية. ___________ * رانيا الجمل من رويترز وشاركت في التغطية سؤدد الصالحي * المقالات ذات الصلة أدناه من أرشيف "الحياة" (مارس 2009 - سبتمبر 2010)