استؤنفت في فيينا أمس، مفاوضات معقدة بين إيران والدول الست المعنية ببرنامجها النووي، على أمل صياغة اتفاق نهائي يبدد نهائياً شكوك الغرب في محاولة طهران عسكرة برنامجها الذري. وبدأت المفاوضات بين الجانبين في أيار (مايو) الماضي، وتنتظرهما مهمة شاقة مع اقتراب نهاية مهلة حدداها في 20 تموز (يوليو) المقبل، موعداً لإبرام اتفاق. ورأت مصادر إيرانية أن مشاركة وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأميركي في المفاوضات، تشير إلى عزم الإدارة الأميركية إعطاء دفع قوي للمفاوضات التي تعثرت خلال جولة ماضية. وبدأت المفاوضات أمس بغداء عمل بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومنسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون في السفارة الايرانية في فيينا، تم خلالها تقييم المحادثات المباشرة التي أجراها الوفد الإيراني مع ممثلي الدول الست في جنيف وروما وطهران الأسبوع الماضي. وبعد الغداء تحولت المفاوضات إلى رسمية موسعة بمشاركة ممثلي الولاياتالمتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، لكن لم تتسرب معلومات عن نتائج المحادثات التي تستمر حتى يوم الجمعة المقبل. وأعلن ظريف لدى وصوله إلى فيينا أنه سيعقد لقاء ثلاثياً مع اشتون وبيرنز الذي قاد في 2013 حواراً سرياً مع إيران، سمح بكسر الجليد في المفاوضات حول الملف النووي بعد عقد من التعثر والتوتر الخطير. ويأمل الغرب في الحد من برنامج طهران النووي لضمان شفافيته وطابعه السلمي، فيما تأمل إيران في رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها. ويجري التفاوض لإبرام اتفاق منذ مطلع هذا العام، وأعطى الطرفان منذ أشهر عدة، مؤشرات مشجعة وكان من المقرر أن تسمح جولة المفاوضات الأخيرة في أيار الماضي، بالشروع في صياغة الاتفاق، لكن التقدم المأمول لم يحصل وتبدو العملية منذ ذلك الحين في غاية الهشاشة. وقال مصدر ديبلوماسي غربي عشية اجتماع فيينا: «ما زال هناك الكثير من العمل ينبغي إنجازه»، مضيفاً: «في المسائل الجوهرية ليس هناك حتى بوادر حل». ويبقى موضوع تخصيب اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي الذي يسمح انطلاقاً من درجة عالية بصنع الوقود لقنبلة ذرية، العائق الرئيسي أمام التوصل إلى اتفاق. وطالب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الأسبوع الماضي، بأن تقلص إيران عدد أجهزة الطرد المركزي إلى «بضع مئات» بدلاً من 20 ألف جهاز في الوقت الحاضر. في المقابل تريد الجمهورية الإسلامية زيادة هذا العدد لإمداد مجموعة كبيرة من المفاعلات النووية التي تنتج الطاقة النووية لهدف مدني. أما الغربيون الذين يتهمون إيران بالسعي إلى تخصيب اليورانيوم لغايات عسكرية، الأمر الذي تنفيه طهران على الدوام، فردوا بأن مثل هذه المفاعلات لا يمكن أن ترى النور قبل سنوات عدة. وأبدى ظريف أمس تفاؤلاً أمس، مؤكداً أن الأطراف ستحاول مجدداً البدء في صياغة الاتفاق النهائي، معرباً عن قناعته بأن الكل يأمل في التوصل إلى ذلك بحلول العشرين من تموز المقبل، فيما ينص الاتفاق المرحلي على إمكان تمديد المحادثات لستة أشهر إضافية. لكن هذا الخيار ينطوي على أخطار سياسية إذ يتوقع أن يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما ضغوطاً من الكونغرس الجديد الذي سيتم تجديد أعضائه في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ويتوقع أن يبدي المزيد من الريبة حيال إيران ويطالب الإدارة الأميركية بوضعه في صورة المفاوضات أولاً بأول. وفي إيران، فان عامل الوقت ليس لمصلحة الرئيس حسن روحاني الخاضع لضغوط الجناح المحافظ في النظام، القلق على مستقبل البرنامج النووي.