ساد هدوء شبه تام أمس في قطاع غزة والبلدات والمواقع العسكرية الإسرائيلية المحيطة به والمحاذية له بعدما نجح مسؤولون مصريون في إقناع «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بالتزام «التوافق الوطني» على التهدئة مع إسرائيل. ونام نحو مليون ونصف المليون فلسطيني ليلة هادئة للمرة الأولى منذ أسابيع، خصوصاً الأسبوع الأخير الذي شهد تصعيداً متبادلاً غير مسبوق منذ أكثر من أربعة أشهر. كما نعم نحو مليون إسرائيلي بالهدوء في عطلة السبت اليهودية. في غضون ذلك، كشف الناطق باسم الحكومة التي تقودها «حماس» في غزة طاهر النونو أن «الحكومة وصلتها معلومات تفيد بأن الاحتلال الصهيوني يخطط لاغتيال رئيس الحكومة إسماعيل هنية»، فيما نفى وزير إسرائيلي الأمر تماماً. وحذر النونو القادة الإسرائيليين من مغبة «تنفيذ مخططهم»، معتبراً أن «دور المقاومة الفلسطينية ألا تجعل الاحتلال الصهيوني يجرؤ في التفكير، ولو للحظة واحدة، على اغتيال رئيس الحكومة». ولفت الى أن «عمليات الاغتيال موجودة في صلب العقيدة الصهيونية»، مشيراً الى أن «الاحتلال الصهيوني اغتال عدداً من قادة الفصائل، أمثال مؤسس حركة الجهاد الإسلامي الدكتور فتحي الشقاقي، ومؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين، والرئيس (ياسر عرفات) أبو عمار و(الأمين العام للشعبية) أبو علي مصطفى». وقال إن «الشعب الفلسطيني ومقاومته يعرفون كيف يتعاملون مع هذه التهديدات الصهيونية في حال تم تنفيذها»، معتبراً أن «الهدوء في قطاع غزة متبادل ونرفض أي معادلة غيرها». غير أن الوزير الإسرائيلي جدعون ساعار نفى تماماً الأنباء عن خطط إسرائيلية لاغتيال هنية، وقال لإذاعة «صوت إسرائيل» صباح أمس إن «هذا النبأ لا يمت الى الواقع بصلة». في هذه الأثناء، أكدت «الجهاد» حرصها على «صون الدم الفلسطيني وحمايته»، وقالت إن إطلاق مقاتلي ذراعها العسكرية «سرايا القدس» الصواريخ على بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية جاء «رداً على العدوان ودفاعاً عن النفس». وكانت الحركة أعلنت الجمعة التزامها التهدئة التي بدأ سريانها عند الواحدة فجراً ضمن «معادلة الهدوء في مقابل الهدوء» و «القصف مقابل القصف». وقال الناطق باسم الحركة داوود شهاب ل «الحياة» عن خطط اغتيال هنية إن «التهديدات الإسرائيلية باغتيال قادة العمل الوطني والإسلامي كانت مطروحة عندما شرعت مصر اتصالاتها لتثبيت التهدئة، من دون تحديد أسماء، لكن بالتأكيد من بينهم قادة حماس والجهاد الإسلامي». وأشار الى أن «التهديد كان واضحاً ولافتاً باغتيال قادة الجهاد»، مستشهداً بتصريح وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك ب «جز رؤوس قادة الجهاد عن أجسادهم». بدورها، كشفت مصادر في «الشعبية» ل «الحياة» عن «اتصالات أجراها مسؤولون مصريون ومن حركة حماس مع الجبهة» أول من أمس من أجل التزام التهدئة. وقالت إن الجبهة «أبلغت المسؤولين المصريين وقادة حماس بأنها ستراعي التوافق الوطني على آليات المقاومة وزمانها ومكانها بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني». وجددت موقفها الذي يعتبر أن «التهدئة خطأ من الناحية السياسية». الى ذلك، كشفت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي أن إسرائيل وجهت ليل الخميس - الجمعة، عبر وسطاء لم تحددهم، «تحذيراً شديد اللهجة» لفصائل المقاومة في قطاع غزة، مفاده أن «استمرار إطلاق الصواريخ على إسرائيل سيقابل برد صارم على شكل غارات جوية مكثفة قد تتزامن مع عملية برية». وفي السياق ذاته، قالت مصادر إسرائيلية إن إطلاق الصواريخ من قطاع غزة تواصل على رغم الإعلان عن التهدئة فجر الجمعة، مشيرة إلى سقوط صواريخ في مناطق مفتوحة في المجلس الإقليمي «شاعار هنيغيف» (بوابة النقب). وأوضحت أن صاروخاً سقط عند العاشرة من ليل الجمعة - السبت، فيما سقط الثاني بعد نصف ساعة، وسبقهما ثالث عند الثالثة من عصر الجمعة قرب المجدل عسقلان. ولفتت مصادر إسرائيلية الى أن «التوتر لا يزال قائماً منذ وقوع عملية ايلات» التي قتل فيها ثمانية إسرائيليين، وقالت إن «قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي لا تزال تعمل على طول الحدود مع مصر بسبب المخاوف القائمة من احتمالات تنفيذ عملية أخرى»، فضلاً عن «وصول إنذارات تشير إلى تشكيل خلايا إرهابية في المنطقة». ونقلت عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن «العمل جار لتكثيف التعزيزات، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخبارية التكتيكية». وأضافت أنه «بعد عملية إيلات يجب الاهتمام بالمنطقة في شكل مختلف، وأن الفترة القريبة المقبلة ستكون مركبة في جبهات عدة، ويجب الاستعداد بما يتلاءم مع ذلك».