كثف الحلف الاطلسي جهوده لاكمال مهمة تحييد ما بقي من ترسانة العقيد معمر القذافي وشنت طائراته، وفي طليعتها البريطانية، غارات مكثفة على مواقع في سرت وطرابلس ومناطق متفرقة من ليبيا حيث لا تزال تجري مواجهات بين الثوار وانصار النظام السابق الذين لا يزالون يرفضون وقف القتال والخضوع لسلطة المجلس الوطني الانتقالي الذي نال اعتراف غالبية الدول العربية واعضاء مجلس الامن ودول العالم. واستهدف القصف بصواريخ «ستورم شادو» شديدة الدقة مركز القيادة والتوجيه في سرت التي استعد الثوار للهجوم عليها، اذا لم تنجح المفاوضات لخضوعها سلماً لسلطات المجلس الوطني الانتقالي وتسليم المطلوبين من انصار النظام السابق والمرتزقة الذين لا يزالون يحاربون تحت قيادة القذافي او ابنائه او مساعديه. وافاد بيان لوزارة الدفاع البريطانية «بان طائرات تورنيدو انطلقت من قواعد جوية في الجزر البريطانية قصفت بالصواريخ فائقة الدقة مركزة قيادة كبيراً تحت الارض في سرت التي تبعد 400 كلم عن طرابلس». وقال وزير الدفاع البريطاني ليان فوكس إن «المسألة ليست العثور على القذافي وقتله إنما التأكد من أن النظام ليست لديه القدرة على مواصلة شن حرب على شعبه». وعلى رغم نفي لندن وواشنطن ان تكون وحدات من القوات الخاصة البريطانية او الاميركية تساعد الثوار في تعقب القذافي لاعتقاله او قتله الا ان خبراء وديبلوماسيين اميركيين شددوا على ان هناك تواجداً للقوات الخاصة مع الثوار الذين يلاحقون اركان النظام السابق لاعتقالهم او قتلهم كما تحدثوا عن متابعة اتصالات القذافي ومساعدية عبر التنصت اليها بواسطة اجهزة عالية الكفاءة في الاقمار الاصطناعية واجهزة تم تركيبها على عجل. وقال مراسل لتلفزيون «سكاي» ان نشاطاً جوياً للحلف الاطلسي شوهد في المنطقة الساحلية وفي العمق حيث تتجمع حشود من الثوار لتحرير الوسط والطريق بين بنغازي وطرابلس ولقطع الطرقات بيت سرت والجنوب وتقسيم المنطقة الى مربعات يمكن عزلها والسيطرة عليها تباعاً. وقال احمد باني، الناطق العسكري باسم قوات المعارضة، انه يأمل بأن تشجع الهجمات الجوية على سرت المعارضين المحليين للقذافي. واضاف إن الهجمات قد تساعدهم و»قد تُجبر القوة المعادية هناك على المغادرة» مؤكداً أن «المرتزقة سيفرون». ويتقدم الثوار الى سرت من الشرق ومن الغرب ويأملون بأن يتمكنوا من إجبار قوات القذافي على الفرار جنوباً لمواجهة اخيرة حاسمة ربما تكون في مدينة سبها الصحراوية وهي قاعدة أخرى لدعم القذافي حيث يعيش عدد كبير من أبناء قبيلته. لكن المعارضة تأمل بأن يستسلم الموالون للقذافي في المدينة من دون قتال ويحاولون التوصل لحل. وفي طرابلس لا تزال قوات الثوار تتعامل لتصفية مواقع موالية للقذافي قرب المطار وفي حي ابو سليم وبعض جوانب مجمع العزيزية حيث يكتشف الثوار بعض المرتزقة الذين لم يستسلموا بعد للثوار. من جهة ثانية قالت منظمة العفو الدولية امس انها كشفت ادلة تفيد بأن قوات القذافي قتلت عددا من المعتقلين خلال احتجازهم في معسكرين في طرابلس. وذكرت ان روايات شهود عيان من السجناء الهاربين وصفت كيف استخدمت القوات الموالية للقذافي قنابل يدوية وأطلقت النار على العشرات من المعتقلين في معسكر هذا الاسبوع بينما قتل حراس في المعسكر الثاني خمسة سجناء كانوا رهن الحبس الانفرادي. وقالت المنظمة في بيان «يجب على القوات الموالية ‹للقذافي ان توقف فوراً قتل الاسرى وينبغي على كل من الطرفين التزام عدم الحاق اي اذى بالسجناء المحتجزين لديه». وأضاف «على رغم ان القذافي محاصر مع سريان مذكرة اعتقال صدرت بحقه من المحكمة الجنائية الدولية تتصل بتهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية... لا تزال قواته تواصل تجاهلها الصارخ للقانون الانساني الدولي». وقالت ان الحادث الاول وقع الثلثاء في معسكر للجيش في خلة الفرجان في جنوب غربي طرابلس عندما بدأ نحو 160 معتقلا الفرار بعدما ابلغهم الحراس بأن البوابات مفتوحة و»بمجرد خروج المعتقلين من البوابات فتح حارسان اخران النار عليهم والقيا خمس قنابل يدوية على المجموعة». وأضافت انه لم يتضح بعد عدد الناجين الا ان 23 على الاقل تمكنوا من الفرار بينهم اربعة تلقوا علاجا طبيا في مستشفى بالعاصمة طرابلس. ووقع الحادث الثاني على بعد خمسة كيلومترات في معسكر قصر بن غشير الاربعاء عندما قتل حراس موالون للقذافي رميا بالرصاص خمسة سجناء كانوا رهن الحبس الانفرادي. وقرر المجلس الانتقالي نقل لجنته التنفيذية من بنغازي الى طرابلس وقال علي الترهوني نائب رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي مساء الخميس في طرابلس «اعلن بدء استئناف عمل اللجنة التنفيذية في طرابلس». واضاف ان رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل سيصل الى طرابلس عندما يسمح الوضع الامني بذلك. وقال الترهوني الذي تولى ايضاً وزارة النفط والاقتصاد في الحكومة الانتقالية، ان شخصيات من المعارضة ستتولى وظائف رئيسية في الحكومة الانتقالية. وكان الالاف من سكان طرابلس صلوا الجمعة الاخيرة من رمضان في الساحة الخضراء (ساحة الشهداء) في طرابلس وشكروا الله على خلاصهم من حكم القذافي.