ما بين استغلال حاجة الأسر السعودية للسائقين، ومعاناة الموظفات مع وسائل النقل إلى مقار عملهن، وتشديد الأنظمة على منع المرأة قيادة السيارة بنفسها، طفت على السطح مقترحات تنادي بتوفير سبل نقل «آمنة» على غرار المعمول به في دول خارجية كثيرة. وبدا في الآونة الأخيرة الحاجة أكثر إلحاحاً إلى إيجاد مخرج، يكف أيدي الأسر والمضطرات إلى من يوصلهن وينهي مشاويرهن، عن صرف آلاف الريالات لسائقين بدوا أكثر إرهاقاً لجيوبهن، ومتسابقين على رفع قيمة أجورهم لدرجة صعب على المحتاجين لخدماتهم تحملها. طالب عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة العرائض الدكتور مشعل العلي بأن تكون هناك وسيلة نقل خاص يوفرها القطاعان الخاص والعام لتوصيل الموظفات من وإلى أماكن عملهن، على أن تكون هذه الوسيلة «بديلة عن صرف بدل المواصلات»، وذلك لتأمين الوصول الآمن من البيت إلى مقر العمل والعكس في الوقت المناسب، حتى تحفظ كرامة الموظفة ولا تقع تحت استبداد أصحاب سيارات الأجرة. إلا أنه عاد واستدرك «هذا الحل هو حل موقت»، إذ إن الحل الدائم يجب أن يكون في توفير وسيلة نقل عام على مستوى عال من الدقة على غرار الدول المتقدمة، وبما يتناسب مع السعودية لناحية خصوصيتها ووضعها الاجتماعي، مشيراً إلى أن الكثير من الناس في الدول يستخدمون النقل العام، ولا يجدون فيه غضاضة لأنه يرقى إلى المستوى المطلوب. ولفت عضو الشورى إلى أنه «بناءً على الأوامر الملكية نرى أن المرأة تعمل بكثافة في كثير من مصالح الدولة، وأنها تأخذ حقها في مسألة التوظيف، وهناك تكافؤ في الفرص بين النساء والرجال في جميع مصالح الدولة». وأوضح أن بناء وسيلة النقل العام «بحاجة إلى التصور ودرس الجدوى، وبعدها سنرى القطاع الخاص يتهافت على هذه المشاريع»، الأمر الذي سيقضي على مشكلات أخرى مثل ازدحام الشوارع و المرور. وأضاف: «توفير المواصلات من جهات العمل، لا يحتاج إلى دراسة مستفيضة، بل إلى اتخاذ قرار والتعامل مع القضية بواقعية». واقترح بأن تتفق بعض الجهات مع بعض مؤسسات مركبات الأجرة لتنفيذ عملية «التوصيل» على أن تكون بسعر مخفض للفرد وفي أوقات معينة عند بدء وانتهاء الدوام». وشدد الدكتور العلي على أننا بحاجة إلى أفكار جريئة وقوية، تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع، فكل القدرات موجودة ومتيسرة لكن المشكلة في عدم اتخاذ القرار في وقته وعدم التعامل مع المسألة في حينها. من جهته، رأى عضو مجلس الشورى الدكتور حمد القاضي أن توفير وسيلة نقل للموظفات أمر أضحى ضرورياً، وذلك لأن «المرأة أصبحت تعمل في كثير من الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة»، إذ من النساء ما يكون مقر عملها بعيداً عن مكان سكنها». وأشار إلى أن المرأة من «الصعوبة أن تجد من يقلها من أفراد أسرتها «الرجال» إلى مقر عملها بسبب ارتباطهم بأعمالهم في الوقت نفسه، كما أن «ليس كل النساء لديهن سائقون، والذهاب بمركبات الأجرة أمر مكلف يصعب عليهن تحمله». وزاد: «إذا أدركنا أن المرأة لا تقود السيارة في بلادنا، فمن الواجب توفير النقل الجماعي لها». وألمح إلى أن هناك بعض جهات عمل وجامعات توفر النقل الآمن للطالبات والموظفات، وأعتقد هناك شركات تنقل الطالبات والمعلمات، فعلى الغرار ذاته يمكن توفير وسيلة نقل للموظفات في القطاعات الأخرى. وأكد أن «مجلس الشورى» عمله تشريعي ورقابي، أما توفير حافلات فهذه أمور تنفيذية مسؤولة عنها الجهات الحكومية والأهلية. بدورها، أفادت المستشارة في مجلس الشورى الدكتورة آسيا آل الشيخ أنه يجب أن توفر للموظفات وسائل نقل عام «محترمة»، حتى لا يكون عدم وجود وسيلة نقل عائقاً أمامهن للذهاب إلى أعمالهن. واعترفت بأن مشكلة التنقل كبيرة، في إشارة إلى المشكلات التي تحصل للمعلمات خلال تنقلهن إلى مدارسهن من حوادث وما شابه ذلك التي تحصد الكثير من «الأرواح»، مضيفة: «ما ذلك إلا بسبب اعتمادنا على سائقين ليست لديهم خبرة في القيادة»، مشددةً على أن عدم وجود وسيلة نقل عائق كبير يجب إيجاد حل له. ولفتت إلى أن هذا الموضوع لم يطرح بعد بالطريقة الصحيحة في المكان الصحيح، إذ إنه لا توجد سيدات موجودات في مواقع صنع القرار، وبالتالي لا يوجد أحد يتكلم باسمهن، إلا أنها أشارت إلى وجود دراسة في مركز خديجة بنت خويلد عن هذه المشكلة صنفتها على أنها «أولوية»، مردفة: «إلا أنني لا أعرف إلى الآن لماذا لم يحصل شيء، فهناك من يعمل ويطالب، لكن لا نعرف أين يوجد الخلل».