قصف الطيران السوري مقرات لتنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) في شمال شرقي سورية قرب حدود العراق، في وقت استعاد الجيش النظامي السيطرة على مدينة كسب الحدودية مع تركيا في محافظة اللاذقية في شمال غربي البلاد. وواصل الطيران غاراته وقصفته ب «البراميل المتفجرة» على مناطق عدة بينها الغوطة الشرقيةلدمشق. وذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان «الطيران الحربي يقوم منذ يوم السبت (أول من أمس) بقصف مقار تابعة للدولة الاسلامية في العراق والشام وبخاصة مدينة الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق)» المتاخمة للعراق. وأكد مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن «بأنها المرة الاولى التي يكون القصف فيها عنيفاً بهذا الشكل». وعزا «المرصد» اسباب القصف الى كون «داعش» تمكن «من ادخال اسلحة ثقيلة الى سورية وبخاصة الدبابات وسيارات الهمر» التي تركها الجيش العراقي وراءه بعد سيطرة «داعش» على الموصل الاسبوع الماضي. في الرقة، قام سلاح الطيران ب «قصف منطقة مبنى المحافظة، التي يتخذها التنظيم كمقر رئيسي، ومبنى المحكمة الشرعية وقصر الضيافة» من دون ان ترد معلومات عن خسائر بشرية، بحسب المرصد. وبث ناشطون من الرقة صوراً، لا يمكن لوكالة «فرانس برس» التأكد من صحتها، تبين حفراً واسعة امام مقار التنظيم في هذه المدينة. وأضاف «المرصد» ان الطيران الحربي شن غارات على مقرات ل «داعش» في مدينة الشدادي الواقعة في ريف الحسكة الجنوبي بين البوكمال على حدود العراق ودير الزور التي يسيطر التنظيم على ريفها. ورأى مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن ان هذه الغارات تمت ب «التنسيق مع السلطات العراقية» التي تتهيأ لشن هجوم لاستعادة عدة مناطق في البلاد قام التنظيم بالاستيلاء عليها في شمال البلاد لا سيما الموصل. ويقول خبراء ومعارضون سوريون ان تنظيم «داعش» المتطرف يسعى في سورية الى اقامة «دولته» في المنطقة الممتدة من الرقة شمالاً الى الحدود السورية - العراقية في الشرق لاقامة تواصل مع عناصر التنظيم نفسه داخل العراق. وظهر التنظيم في سورية في ربيع 2013، وقوبل بداية باستحسان معارضي الرئيس بشار الاسد الباحثين عن اي مساعدة في قتالهم ضد القوات النظامية. الا ان هذه النظرة سرعان ما تبدلت مع ارتكاب التنظيم تجاوزات وسعيه الى التفرد بالسيطرة. وتخوض فصائل المعارضة المسلحة في سورية وبينها «جبهة النصرة» منذ كانون الثاني (يناير) معارك ضارية ضد تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» الذي تتهمه بتنفيذ مآرب النظام السوري وبالتشدد في تطبيق الشريعة الاسلامية وبتنفيذ عمليات قتل وخطف عشوائية. وتسببت هذه المعارك التي شملت محافظات حلب والحسكة (شمال) ودير الزور (شرق) وادلب (شمال غرب) بمقتل اكثر من ستة آلاف شخص من الطرفين. ويتهم معارضون «داعش» بعدم قتال قوات النظام وان الطيران السوري يتجنب قصف مقرات «داعش». في الغضون، انفجرت سيارة مفخخة قرب مقر ل «قوات حماية الشعب الكردي» في بلدة القحطانية في شمال سرقي سورية، ما ادى الى مقتل عشرة اشخاص وجرح 19 اخرين، بحسب «المرصد». كسب في شمال غربي البلاد، استعادت قوات الاسد السيطرة على مدينة كسب الحدودية مع تركيا في محافظة اللاذقية بعد اسابيع من سيطرة مقاتلي المعارضة على هذه المدينة التي تسكنها غالبية ارمنية، حسبما افاد التلفزيون الحكومي. وقالت مصادر معارضة ان الكتائب المقاتلة انسحبت من المدينة الى اطرافها بسب نقص الذخيرة، وان النظام سعى الى استعادة كسب بعدما انسحبت ميلشيات الى العراق لقتال «داعش». ونقل التلفزيون الرسمي في شريط اخباري عاجل عن مصدر عسكري ان «وحدات من الجيش العربي السوري وبالتعاون مع الدفاع الوطني تعيد الامن والاستقرار الى مدينة كسب بريف اللاذقية». وأكد بيان للجيش والقوات المسلحة أوردت نصه وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان «اهمية هذا الانجاز تأتي من الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتميز به المنطقة ومن كونه يسقط اوهام العدوان وادواته الاجرامية في محاولة تأمين منفذ بحري واقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود مع تركيا تشكل قاعدة تجميع وانطلاق لممارسة الاعمال الارهابية ضد الشعب السوري». وأشار البيان الى ان السيطرة تمت «بعد سلسلة من العمليات الدقيقة الناجحة احكمت من خلالها السيطرة على بلدة النبعين والهيئات الارضية الحاكمة المحيطة بها». وأضافت: «كما يأتي استمراراً للانتصارات التي تحققها سورية شعباً وجيشاً وقيادة في محاربة الارهاب وداعميه» معتبرة ذلك «ضربة قاصمة للارهابيين وداعميهم ومموليهم». وكان مقاتلو المعارضة سيطروا على المدينة في نهاية آذار (مارس) ما اجبر معظم سكان كسب ذات الغالبية الارمنية على النزوح عن منازلهم بسبب المعارك قبل ان يتم الاعلان السبت عن انسحاب غالبيتهم منها أمام تقدم القوات النظامية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال عبدالرحمن ان «القوات النظامية دخلت الى مدينة كسب وتقدمت فيها من دون ان تسيطر عليها بالكامل»، مشيراً الى ان «اشتباكات لا تزال تدور فيها» عقب انسحاب غالبية مقاتلي «جبهة النصرة» والكتائب الاسلامية الليلة الماضية منها. وأشار الى ان انسحاب غالبية مقاتلي المعارضة جاء بعد «ان تمكنت عناصر من حزب الله اللبناني (الذي يساند الجيش في عملياته) من الاستحواذ على عدد من التلال المحيطة في مدينة كسب»، لافتاً الى ان ذلك «من شأنه وضع المقاتلين بمرمى الجيش وعناصر الحزب». وأوضح عبدالرحمن ان «المقاتلين فضلوا الانسحاب على ان تتم محاصرتهم» من قبل القوات النظامية كما حدث مع بقية المقاتلين في معاقل المعارضة»، لافتاً الى «نقص في الامداد لدى مقاتلي المعارضة وتقدم عناصر حزب الله وعناصر النخبة الذين يتمتعون بخبرة كبيرة». وبلدة كسب تعتبر استراتيجية لوقوعها قرب المعبر الوحيد مع تركيا في محافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس بشار الاسد، والذي يقوم المقاتلون عبره بنقل جرحاهم لاسعافهم في تركيا، حليفة المعارضة. وتتهم دمشقتركيا بالتورط في معركة كسب ومساندة المجموعات المسلحة، مشيرة الى ان هذه المجموعات دخلت المدينة من الاراضي التركية. وفي وسط البلاد، ذكرت وكالة الانباء الرسمية ان «وحدة من الجيش والقوات المسلحة اعادت الامن والاستقرار الى قرية ام شرشوح والمزارع المحيطة بها في ريف حمص بعد القضاء على المجموعات الارهابية المسلحة فيها». ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري «ان وحدات من الجيش استهدفت ايضاً تجمعات الارهابيين في مناطق تلدو والرستن». وسيطر مقاتلو من كتائب اسلامية معارضة بينها «جبهة النصرة» على القرية في 11 الشهر الجاري. وتسيطر القوات النظامية على الغالبية العظمى من مساحة محافظة حمص (وسط)، لكن لا يزال يوجد فيها معقلان لمقاتلي المعارضة في مدينتي تلبيسة والرستن في الريف الشمالي، في حين تشهد مناطق اخرى محدودة في الريف القريب من محافظة حماة اشتباكات وعمليات كر وفر. في دمشق، تعرضت مناطق في مدينة الزبداني لقصف بالتزامن مع استمرار المواجهات في بلدة المليحة شرق العاصمة، بحسب «المرصد» الذي افاد بسقوط صاورخي ارض - ارض على مناطق في مزارع بلدة كفر بطنا وصاروخ على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، ما ادى الى سقوط قتلى. وقال نشطاء معارضون ان سيارة انفجرت امس في دوما، متهمين تنظيم «داعش» بالوقوف وراء ذلك.