عاش قطاع غزة ليلة شبه هادئة السبت - الأحد، على رغم أن ساعات المساء الأولى كانت تشير إلى أن تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً خطيراً قادم لا محالة بعد مقتل إسرائيلييْن نتيجة سقوط صاروخ «غراد» على منزلهما في مدينة بئر السبع وسط النقب. وظلت أعين الفلسطينيين مشرئبة إلى السماء ترقب حركة طائرات «إف 16» الأميركية الصنع التي حلّقت على ارتفاع شاهق، وطائرات الاستطلاع من دون طيار، وآذانهم ترهف السمع إلى أي انفجار أو صوت يقطع الهدوء غير المألوف في مثل هذه الأوقات. وامتنع كثير من «الغزيين» عن التحرك ليلاً خشية تجدّد القصف الإسرائيلي، خصوصاً بعدما توعّد قادة إسرائيليون، سياسيون وعسكريون، القطاع بما يشبه «الجحيم». واستفاق «الغزيّون» من نومهم أمس وهم في حيرة من أمرهم: هل التهدئة قادمة أم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة؟ فإسرائيل لم ترد على الصواريخ الفلسطينية، و«كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، أطلقت أربعة صواريخ على بلدة «اوفوكيم» المحاذية للقطاع، وتبنتها ثم سحبت البيان، ما زاد من توجس «الغزيين». وشنّت إسرائيل عدداً محدوداً من الغارات على مواقع ومنشآت مدنية أو تابعة للفصائل. وجاءت الغارة الأخيرة عصر أمس على موقع الرنتيسي التابع ل «كتائب القسام» شمال القطاع، ما اسفر عن إصابة سبعة فلسطينيين، من بينهم طفل. وسبقتها غارة صباحية استهدفت مجموعة من الأطفال، ما أسفر عن إصابة طفل (12سنة). وذكر شهود أن الطيران الحربي الإسرائيلي اطلق صاروخاً واحداً على موقع عسكري تابع لشرطة الحكومة المقالة شمال غربي مدينة غزة. كما استهدف الطيران الإسرائيلي موقعاً عسكرياً في خان يونس من دون أن يسفر عن إصابات. جاء ذلك في إطار الرد الإسرائيلي على مقتل إسرائيلييْن نتيجة سقوط صواريخ فلسطينية على مدينة بئر السبع مساء السبت وإصابة 10 آخرين بجروح متفاوتة. وأسفر سقوط صاروخ على منزل في المدينة إلى إلحاق أضرار فادحة فيه بعد إصابته في شكل مباشر وإصابة أربعة من سكانه بجروح خطيرة للغاية، كما لحقت أضرار جسيمة بصالة للألعاب الرياضية في المدينة أيضاً. وأعلن الجيش الإسرائيلي سقوط صواريخ أطلقت من قطاع غزة الأحد في جنوب إسرائيل لليوم الرابع على التوالي، من دون إصابات أو أضرار كبيرة. وتشير حصيلة للجيش إلى «أن نحو 17 مقذوفة» من صواريخ وقذائف هاون أطلقت من قطاع غزة منذ منتصف ليل السبت - الأحد، خصوصاً في محيط مدينتي بئر السبع وعسقلان الواقعتين على بعد 10 و 40 كيلومتراً من القطاع الفلسطيني. وقال الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية أن حال الاستنفار أعلنت في المدينة، وسمع دوي انفجارات إلى جانب دوي صافرات الإنذار، وهرع الآلاف إلى الملاجئ. وقالت مصادر إسرائيلية أمس إن عائلات نزحت عن المدينة في أعقاب تساقط صواريخ «غراد» عليها. وقالت الإذاعة العبرية إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو منح الجيش ضوءاً اخضر في ختام مشاورات أمنية قادها وزير الدفاع أيهود باراك لاستمرار العمليات في القطاع. وتوعد باراك قطاع غزة بأن الرد على الهجمات الصاروخية سيكون «صعباً ومؤلماً»، لكن مسؤولين كباراً في وزارة الجيش الإسرائيلية قالوا إنه لا يمكن الحد من إطلاق هذه الصواريخ بالشكل المتزايد الذي حدث خلال اليومين الماضيين. وجاءت هذه التصريحات بعد قليل من إطلاق «كتائب القسام» أربعة صواريخ «غراد» على «اوفوكيم»، للمرة الأولى منذ التصعيد الإسرائيلي الخميس الماضي، والذي تبنّته في بيان رسمي على موقعها الإلكتروني، ثم ما لبثت أن سحبته. وأعقب هذه الصواريخ إطلاق «ألوية الناصر صلاح الدين» عدداً من صواريخ «غراد» على بئر السبع، فأصابت منزلاً وصالة رياضية في عملية أطلقت عليها «حملة الأحرار للثأر للقادة الأبرار»، في إشارة إلى قادتها الخمسة الذين اغتالتهم إسرائيل الخميس الماضي بعد ساعات قليلة على عملية ايلات التي قتل فيها ثمانية إسرائيليين. وفي تطور لاحق، قالت مصادر فلسطينية إن المقاومة أطلقت صاروخ أرض - بحر صوب أحد الزوارق الحربية الإسرائيلية التي تجوب شواطئ القطاع، الأمر الذي أكدته مصادر إسرائيلية من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وإلى جانب ألوية الناصر، أعلنت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، و«كتائب الشهيد أبو علي مصطفى»، الذراع العسكرية ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» إطلاق عشرات الصواريخ المحلية الصنع، من بينها نحو 50 صاروخ «غراد» على بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية محاذية للقطاع، أسفرت عن إصابة نحو 22 إسرائيلياً بجروح متفاوتة، بين طفيفة وحرجة. صواريخ تسقط في مصر وكان التلفزيون المصري أعلن أن «صواريخ عدة سقطت هذا الصباح من قطاع غزة داخل الأراضي المصرية في المنطقة الواقعة غرب بوابة رفح من دون أضرار». وأكد مصدر أمني أن صواريخ سقطت في الجانب المصري، مرجحاً أن يكون ذلك ناجماً عن خطأ، وقال طالباً عدم كشف هويته: «يبدو إنها كانت موجهة إلى إسرائيل».