بعد أن اكتوى الكثير من السعوديون بنار الكفالة التي ألقت ببعضهم في غياهب السجون أو أثقلت كواهلهم بأقساط قروض لم ينالوا منها قرشاً واحداً، بات العثور على «كفيل غارم» صعب المنال، بعد تجارب هذه «الفزعة» المأسوية. وانتشرت بين السعوديين عبارات وجمل تستخدم للتحذير من الكفالة أشهرها «أول الكفالة شهامة وأوسطها ندامة وآخرها غرامة». وتتفاوت آراء الكثيرين حيال هذه القضية، إلا أنهم يكادون يجمعون على أن تجنب إعطاء الآخرين كفالة مالية هو أفضل الحلول. ويقول ثامر الشمراني إنه يعمل وفق نصيحة ورثها له والده تقول: «ابعد عن الشوك» وترمز الأحرف الأولى لكلمة الشوك في نصيحة والده (وفق حديثه) إلى الابتعاد عن «الشراكة،الوكالة،الكفالة». ويضيف: «بت مقتنعاً مثل كثيرين أن الابتعاد عن الكفالة غنيمة وسلامة، حتى وإن كان بيني وبينه علاقة قد تمتد إلى سنين طويلة» لافتاً إلى أنه يتخذ شعاراً مناسباً في مثل هذه الظروف «فٌر من الكفالة فرارك من الأسد». وطالب ممدوح الزهراني باستحداث تنظيماتٍ جديدة وإيجاد البديل عن نظام الكفيل الغارم وذلك في ظل تنامي أعداد الضحايا الذين وقعوا في فخ الكفالة. وتابع: «أمست الكفالة تضع المرء منا بين خيارين، إما المجازفة والموافقة على كفالة الصديق أو القريب الذي يبحث عن كفيل أو الاعتذار منه ما قد يسبب توتراً في العلاقة فيما بيننا بسبب عدم الموافقة على كفالته». ويرى الزهراني أن العذر المناسب الذي يردده دوماً عندما يطلب صديق أو قريب كفالته، أن لديه ديوناً لم يحصل عليها بعد، إضافةًَ إلى كفالته لأشخاص آخرين. وقال: « يتحول الكفيل الغارم من «شهم» في بادئ الأمر إلى هارب من الشركة، على رغم أنه لم ينله من التمويل قرش واحد، إنما يناله همّ الليل وذل النهار». وأشار سعيد الغامدي إلى أن كثيرين يتحرجون من الاعتذار صراحة ًعن الكفالة وذلك تحت ضغوط اجتماعية أو أسرية عدة، إلا أن الاعتذار يكون أسلم من مطالبته فيما بعد سداد أموال من تورط في كفالته. وأضاف أن ملاحقة الأب في بعض الأحيان، تنعكس سلباً على أفراد أسرته من الناحية النفسية والاجتماعية، مطالبا أي أب أن يفكر في عائلته قبل الموافقة على الكفالة حتى لا يشاهدونه يوماً يتوارى عن أنظار الناس ويهرب منهم لعجزه عن سداد المبالغ المتأخرة على مكفوله للجهة الممولة. وطالب الغامدي وزارتي المالية والتجارة إلزام الشركات والمؤسسات والجهات الممولة إيجاد بدائل عن شرط الكفيل الغارم وذلك لما أصبح تمثله من أعباء نفسية واجتماعية إضافةً إلى الأعباء المالية التي تلحق بالكفيل.