أعاد مؤتمر الشخصيات والأحزاب التركمانية العراقية الخلافات على مدينة كركوك المتنازع عليها الى الواجهة، فيما أكد رئيس الوزراء نوري المالكي أن «الوقت حان للايفاء بحقوق المكون التركماني». وجدد التركمان في البيان الختامي لهذا المؤتمر المطالبة بجعل كركوك اقليماً مستقلاً، وهو اقتراح أعلن الأكراد تحفظهم عنه. وتزايدت التكهنات بتصاعد الخلافات بين المكونات الثلاثة للمدينة، العرب والتركمان والأكراد، مع اقتراب الانسحاب الأميركي من المدن نهاية الشهر الجاري، ما سيخلق فراغاً أمنياً يطالب التركمان بأن يملأه الجيش العراقي. وعُقد أمس مؤتمر موسع ضم أحزاباً وشخصيات تركمانية في بغداد، ويعد الأول من نوعه، إذ حظي بمشاركة واسعة من الحكومة وشخصيات سياسية بارزة في مقدمها رئيس الوزراء نوري المالكي و نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي وعدد كبير من الوزراء ومسؤولين في الحكومة والبرلمان العراقي. وقال المالكي في كلمته أثناء المؤتمر إن «الوقت حان للايفاء بحقوق المكون التركماني لأنه عانى طويلاً عبر كل المراحل، ولا بد أن يكون لهذا المكون أهمية خاصة من الجميع». وشدد على أن يكون «لكل مكونات الشعب ومن بينها المكون التركماني، دور مهم في الانتخابات المقبلة لأن ذلك سيعد إنجازاً آخر ونجاحاً جديداً يضاف الى كل النجاحات التي أحرزتها العملية السياسية». ولفت الى أن «المكونات العراقية الرئيسية التي تتألف من العرب والتركمان والأكراد تشكل الأساس والهيكل للقاعدة العراقية، ولا بد أن تكون يداً واحدة لبناء العراق الجديد». وحذر «من محاولات البعض التأثير في الانتخابات المقبلة لدوافع خبيثة وأهداف تخريبية»، داعياً «الجميع الى المشاركة في الانتخابات كونها تؤسس لهيكلية الدولة». ودعا ممثل التركمان وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر القيادي في «المجلس الاعلى الاسلامي» النائب محمد تقي المولى في كلمة له الى انشاء محافظتين جديدتين من قضاء تلعفر التابع لمحافظة نينوى وقضاء طوز خورماتو في محافظة صلاح الدين، وهما يضمان أكثرية تركمانية. وأضاف أن «لجنة حكومية في العهد السابق كانت أقرت تحويل قضاء تلعفر الى محافظة، غير أن (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين أرجأ القرار». وشدد المولى على معاناة أهالي تلعفر، وقال إن من الصعب عليهم الوصول الى الموصل مركز محافظة نينوى منذ أربع سنوات، لافتاً الى مقتل 360 منهم أثناء محاولتهم دخول المدينة. كما لا يستطيع المتقاعدون من التركمان تسلم رواتبهم من الموصل، فيما حُرم 900 طالب من الاشتراك في الامتحانات للدراسة الإعدادية هذا العام لأنهم لم يتمكنوا من الوصول اليها، بحسب المولى. من جهته، قال عادل عبدالمهدي في كلمة على هامش المؤتمر: «يجب أن نتعاون كمسؤولين وأحزاب وشخصيات ومحافظين والاخوة في اقليم كردستان لحل المشاكل بالحوار والابتعاد عن السياسات القسرية». ودعا نائب الرئيس العراقي الى «النظر الى المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات والمادة 140 من الدستور في شكل يحترم الأسس التي تكلمنا عنها وبروح مفتوحة وليس بروح قسرية». وأشار الى أن «كل الحلول يجب أن تأتي بالتوافق والتراضي. فالعدل والانصاف يجب أن يكونا أساس السياسات الجديدة وليست موازين القوى». وفي كلمة أُلقيت نيابه عنه، رأى الرئيس جلال طالباني الذي اعتذر عن عدم حضور المؤتمر لظروف وصفها بأنها خارجة عن ارادته، أن «الانشقاق بين الاخوة يضر بالجميع، وأن حل كل المشاكل يأتي عبر الحوار السلمي»، وتمنى النجاح للمؤتمر. وطالب المؤتمر في بيانه الختامي ب «بجعل كركوك اقليماً خاصاً لحل الأزمة العالقة في هذه المحافظة بين المكونات الرئيسية، اضافة الى منح التركمان منصب نائب رئيس الوزراء بحسب الاستحقاق القومي والسياسي. كما نطالب بتمثيل التركمان في المجلس السياسي للأمن الوطني». وطالب البيان «بجعل تلعفر وطوز خورماتو محافظتين لحل كل المشاكل المتعلقة بهاتين المنطقتين، وبمنح التركمان مناصب ومسؤوليات في مؤسسات الدولة في شكل ينسجم مع حجمهم السياسي والسكاني». ودعا الى «استيعاب التركمان في المؤسسات العسكرية والأمنية في المناطق التركمانية بموجب الدستور الذي يؤكد أن الجيش يُشكّل من مكونات الشعب العراقي»، والى تأجيل الاحصاء السكاني في كركوك حتى ازالة التغيرات الديموغرافية. وفي غضون ذلك، وصف القيادي في «التحالف الكردستاني» محسن السعدون المطالبة بجعل كركوك اقليماً مستقلاً بأنها فكرة غير واقعية. وشدد في تصريح الى «الحياة» على ضرورة التزام الدستور وتنفيذ المادة 140 منه القاضية بتطبيع الأوضاع في المدينة ثم اجراء احصاء سكاني لحسم مصيرها بين ضمها الى كردستان أو الى الحكومة المركزية أو بقائها محافظة كغيرها. وتتزايد التكهنات بتصاعد حدة الخلافات بين مكونات المدينة نهاية الشهر الجاري مع موعد الانسحاب الأميركي من المدن. ويطالب التركمان والعرب بضرورة قيام الجيش العراقي بملء الفراغ الأمني بدل القوات الأميركية الأمر الذي يثير حفيظة الأكراد. وقال العضو البارز في حزب «تركمان ايلي» أكبر الاحزاب التركمانية في العراق علي مهدي ل «الحياة» إن «الأزمة في مدينة كركوك متفاقمة، وإن الوضع قد يزداد سوءاً بعد الانسحاب الأميركي من المدن نهاية هذا الشهر بسبب وجود نقص كبير في أجهزة الأمن، وهو ما يتطلب من الحكومة في بغداد إرسال قوات اضافية الى المدينة». وأضاف أن «قوات الأمن القادمة من بغداد غير كافية لحفظ الأمن. كما أن هناك خللاً في التوازن الأمني مع قوات الأمن الكردية التي تسيطر على معظم مراكز الشرطة»، مشيراً الى ضرورة ارسال قوات من الجيش العراقي الى المدينة لحيادها، ولكونها تنفذ الأوامر من دون مقاصد سياسية».