يجمع المهتمون بالشأن الإيراني، على أن الانتخابات الاشتراعية المقررة في آذار (مارس) المقبل، ستشهد تنافساً بين أحزاب التيار المحافظ الأصولي، من دون حضور ملفت للإصلاحيين، لأسباب تتعلق بالأفكار التي تتبناها هذه الأحزاب، وتحديداً من الموالين لحكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد وسائر الأحزاب والشخصيات الأصولية التقليدية. ويري بعضهم أن هذه الاختلافات كانت واضحة في الانتخابات السابقة، لكن المشهد الأصولي المحافظ تمحور حينذاك حول هدف تكتيكي تمثل في إزاحة رئيس «مجلس تشخيص مصلحة النظام» هاشمي رفسنجاني من موقع القرار، إذ ظهر ذلك جلياً خلال انتخابات الرئاسة عام 2009. وحاول الأصوليون اللجوء إلي تشكيل لجنة مركزية لإدارة الانتخابات واستيعاب المخاطر التي قد تواجههم، لأن الانتخابات الاشتراعية المقبلة ستكون مقدمة لانتخابات الرئاسة المقررة عام 2013، إذ يحرص كل طرف على الفوز بأكبر عدد من المقاعد في مجلس الشورى (البرلمان)، للإمساك برئاسة المجلس، وبكرسي رئاسة الجمهورية أيضاً، بعدما نُسب إلى اسفنديار رحيم مشائي، مدير مكتب نجاد، قوله إنه يطمح إلى نيل 150 مقعداً نيابياً في الانتخابات المقبلة، لتشكيل غالبية مريحة في البرلمان الجديد. وتأتي أهمية هذه الانتخابات من احتمال السعي إلى إسقاط أحد أجنحة التيار المحافظ، وهذا ما سيؤثر في تركيبة التيار المحافظ لمصلحة التيارات الأخري، وتحديداً الإصلاحيين. ويحاول المحافظون تعزيز دور اللجنة المركزية للانتخابات التي يقودها السياسي المخضرم محمد رضا مهدوي كني (80 سنة)، والذي يتزعم «جماعة العلماء المناضلين» (روحانيت)، بالتعاون مع رئيس تجمع التدريسيين في الحوزة الدينية محمد يزدي (80 سنة)، في إطار ما بات يُعرف بمجموعة «7+8»، إذ تضم المجموعة الأولي، وهي «اللجنة الرقابية»، سبعة أعضاء، هم عضوان لكلّ من «جماعة العلماء المناضلين (رضا تقوي ومحمد حسن أبوترابي)، و «مجمع التدريسيين» (هاشم حسيني بوشهري وعباس كعبي)، إضافة إلي حبيب الله عسكر أولادي وغلام علي حداد عادل وعلي أكبر ولايتي، باعتبارهم مجموعة تنسيقية بين جميع الأحزاب والفصائل في التيار المحافظ. أما المجموعة الثانية، وهي «اللجنة التنفيذية»، فتتألف من ثمانية أعضاء يمثلون الأحزاب والشخصيات المحافظة، وهم عضوان ل «الجبهة الداعمة لخط الإمام والقيادة» (محمد رضا باهنر ومنوشهر متقي)، وعضوان ل «جبهة استمرار الوحدة» المؤيدة لنجاد (علي أصغر زارعي وكامران باقري لنكراني)، وعضوان من «جبهة المضحين» (حسين فدائي وعلي رضا زاكاني)، مع مندوبين لرئيس البرلمان علي لاريجاني (كاظم جلالي)، ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف (مهدي خاموشي). ولم تحسم المجموعة المؤيدة لنجاد أمرها حتى الآن في هذه التشكيلة التي اقترحت أخيراً إضافة ثلاثة أعضاء على هذه اللجنة، لكن الاقتراح ما زال قيد الدرس، إذ إن مهدوي كني يعتقد أن «إضافة أعضاء جدد ستفتح الباب أمام اقتراحات لا حصر لها»، وهذا ما يرجّح خوض جماعة نجاد الانتخابات بلائحة منفصلة، تحت غطاء يوفره رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي المقرّب من الرئيس الإيراني، خصوصاً أنها متهمة بالانتماء إلى «تيار الانحراف» الذي يُتهم مشائي بقيادته. إلي ذلك، تشير مصادر في طهران إلى خلافات جوهرية في وجهات النظر بين جماعة نجاد والتيار الأصولي المحافظ، تتعلق بالعلاقات الخارجية وتحديداً الموقف من الولاياتالمتحدة، والتطورات الداخلية المتصلة بالنظرة إلى موقع رجال الدين في الدولة والحكومة، والثقافة الإيرانية، والموقف من الإصلاحيين.