توقفت عند فجر أمس مسيرة 40 عاماً من الإبداع بإعلان خبر وفاة الملحن السعودي محمد شفيق، بعد فترة بسيطة من عودته من رحلته العلاجية في ألمانيا بأمر من خادم الحرمين الشريفين، شفيق الموزع الموسيقي رئيس القسم الموسيقي في فرقة الإذاعة والتلفزيون بدأ حياته الفنية بعد دراسته الموسيقى في القاهرة في المعهد العربي للموسيقى، وحصل من خلاله على درجة البكالوريوس متخصصاً في الآلات الوترية، ليشغل بعد التخرج أول منصب رسمي فني له كعازف للناي لفرقة الإذاعة والتلفزيون بجدة. وكملحن قدم شفيق أكثر من مئة عمل وطني، أبرزها 4 أوبريتات ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية هي «مولد أمة» و«وقفة حق» و«كفاح أجيال» و«كتاب مجد بلادنا» وأغنيات وطنية مختلفة مثل و«الله البادي» و«سور البلد عالي». بصمات شفيق حضرت في كل الفعاليات السعودية، إذ قدم ألحانه لمقدمات أعمال تلفزيونية مختلفة، كما قدم لحن أول أغنية وطنية رياضية وهي أغنية «الله الله يا منتخبنا» بصوت طلال سلامة. وتسابق مطربو العالم العربي على تقديم ألحان شفيق بأصواتهم، فغنى له محمد عبده وطلال مداح وكاظم الساهر وعبدالمجيد عبدالله وسميرة سعيد، لكن تعاونه مع الثنائي عبده ومداح أسهم في وصوله السريع للجماهير، إذ قدَّم مع الثنائي عدداً من الأغاني العاطفية الشهيرة التي احتلت مكانة مميزة في قائمة الأغاني السعودية الأشهر، مثل أغنية «هلا بالطيب الغالي» و«أنا حبيبي» لمحمد عبده و«أسبوع» و«لا جديد» لطلال مداح. الناقد الفني يحيى زريقان وصف تجربة شفيق بالاستثنائية في كل شيء، خصوصاً أنه بدأ مشواره الفني بتلحين أعمال غربية، قبل أن يتجه لتلحين أعمال سعودية وأضاف: «أسهم شفيق في تأسيس الحراك الفني في السعودية منذ بداية مشواره الفني مطلع الستينات، وساعدت موهبته الكبيرة في إجبار الفنانين كافة على احترام ما يقدم، فعلى رغم أن محمد عبده لم يقتنع بتقديم أغنية «أشوفك كل يوم وأروح» بألحان شفيق ليقدمها بلحنه الخاص، إلا أنه عاد للتعاون مع شفيق نظير ما يملكه من موهبة لمسها فنان العرب في الألحان التي قدمها، لينشأ تعاون مثمر بين الطرفين نتج منه رصيد فني ضخم تتناقله الأجيال اليوم». أول من عمل على تحديث الأغنية السعودية كان محمد شفيق بحسب الناقد الفني والصحافي بصحيفة «عكاظ» علي فقندش، إذ اعتبر شفيق أبرز كتاب النوتة الموسيقية والتوزيع الموسيقي في زمن لم يتجاوز فيه عدد من يجيدون هذه العملية أصابع اليد الواحدة، فشكّل وجوده إلى جانب طارق عبدالحكيم وعبد مزيد وغازي علي إضافة فنية مهمة وأكد فقندش أن العلاقة بين محمد عبده ومحمد شفيق كانت في أفضل مراحلها قبيل سفر الأخير للعلاج في ألمانيا، إذ كان يزوره بشكل يومي، وأضاف: «كان شفيق محبوباً من الجميع، وتربطه علاقات قوية بكل من تعاونوا معه من شعراء ومطربين وعازفين، إذ عُرف الرجل بطيبته وتواضعه وحسن تعامله مع الجميع حتى في أيام مرضه»، معتبراً الموسيقار محمد شفيق أحد القلائل الذين جمعوا بين الموهبة الفطرية والدراسة الأكاديمية: «الراحل خدم وطنه بتقديم علمه وموهبته على أوبريتات وملاحم موسيقية صاغها لعدد كبير من المناسبات الوطنية.