إتاحة الفرصة لتجارب معامل العينية    فرنسا تبلغ المربع الذهبي بيورو 2024 بدون تسجيل أهداف من لعب مفتوح وتتطلع للقاء إٍسبانيا    باحث يؤكد: ألف ليلة نتاج عربي    الوقاية من احتشاء عضلة القلب    القطط تطلب الرعاية من البشر بالمواء    تقارير.. بنزيمة يختار مدرب الاتحاد الجديد    استشهاد 13 على الأقل إثر قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في النصيرات بغزة    الإصابة تنهي مشوار بيدري في يورو 2024    "التعاونية للتأمين"و "الهلال"... شراكة النجاح تعود    إنقاذ 5 مواطنين تعطل قاربهم في البحر الأحمر    تحديد متطلبات عدم الممانعة لممارسي الأنشطة الإعلامية    سنتخذ القرارات الصعبة سريعاً.. رئيس الوزراء البريطاني: الأولوية للدفاع والأمن    الملك وولي العهد يهنئان الرئيس مسعود بزشكيان بفوزه في الانتخابات الإيرانية    هيئة العقار تطلق ملتقى الإعلام العقاري    ضبط شخصين بالمدينة لترويجهما 75 ألف قرص إمفيتامين    كم مرحلة تمر على صناعة كسوة الكعبة المشرفة؟    ضبط 16565 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    "صناعة البودكاست بين الفرص والتحديات" في ورشة بهئية الصحافيين بمكة    "محو الأمية".. التعليم مدى الحياة    أداة ب"يوتيوب" تزيل الموسيقى المحمية    الربيعة: أسقطنا مساعدات بغزة لكسر إغلاق المعابر    المتاحف الخاصة توثق حياة الأجداد بالحدود الشمالية    دراسة تؤكّد ارتباط التدخين بالخرف    جمعية أمراض الكبد تعيّن الشقراني رئيساً لقسم الأطفال    أكد إصراره على الترشح.. بايدن: سأنسحب في حالة واحدة    سفارة المملكة في تركيا نقل مواطن تعرض لوعكة صحية في طرابزون التركية    الهجرة النبوية    وفاة اللاعب المصري أحمد رفعت.. بعد معاناة من أزمة قلبية    قصيدة للشاعرة هيا الكثيري «نفح»    "المركزي الروسي" يخفض سعر الروبل مقابل العملات الرئيسية    الطقس : فرصة هطول أمطار رعدية على نجران وجازان وعسير    عقد اجتماعات مجلس الأعمال السعودي الكازاخستاني المشترك .. 29 الجاري    في أول تصريح بعد فوزه بالانتخابات.. الرئيس الإيراني الجديد: سنمد يد الصداقة للجميع    تعرف على تفاصيل نظام التأمينات الجديد    السعودية تجتذب السياح الصينيين    "الخلود" يعين "البلوي" مشرفاً عاماً على كرة القدم بالنادي    انتشال 89 جثة لمهاجرين غرق قاربهم قبالة ساحل موريتانيا    حدائق ومتنزهات الجوف تجذب الزوار مع اعتدال الأجواء بالمنطقة    محافظ حفر الباطن يدشن الحملة الصيفية للتوعية ومحو الأميّة    "الأخضر" تحت 19 عاماً يُتوّج بطلاً لبطولة اتحاد غرب آسيا 2024    وكيل مُحافظة وادي الدواسر يٌكرّم الكشافة المشاركين في خدمة الحجاج    الرئيس العام يشكر منسوبي الرئاسة العامة المشاركين في موسم الحج    أكثر من 15 ألف مستفيد من برامج "هداية" بالخبر في يونيو    كشافة المملكة يبهرون المشاركين بشغفهم بالعلوم والتكنولوجيا    تنظم حفل تكريم للأيتام بمشاركة واسعة من المجتمع المحلي    الطائف مقصد السياح وبوصلة الإستثمار    " تذكرة مغترب" في اليوم الثاني من ملتقى الدمام المسرحي    اصدقاء البيئة والجمعية السعودية للإعاقة السمعية توقعان إتفاقية تعاون مشتركة    «الأرصاد» تنبه من أتربة مُثارة على أجزاء من الرياض    النائب العامّ يبحث تعزيز التعاون القانوني مع الصين    نائب أمير منطقة الجوف يعزّي محافظ صوير في وفاة والده    أمر ملكي: للوزير رفع طلب تحديد من يحلّ محلّه من نوابه.. والاتفاق معه على الصلاحيات    «الأحوال المدنية»: أمرٌ سامٍ بمنح الجنسية السعودية ل«محمد العنزي»    أمير القصيم يبارك حصول جميعة الإسكان الأهلية بالقصيم على جائزة الأمير محمد بن فهد    محافظ بيش يتابع تحسين المشهد الحضري لطريق الملك عبدالعزيز    الفجوة التربوية المبكرة    محافظ بيش يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية الفرعية بالمحافظة    أمير تبوك يواسي شيخ قبيلة العميرات في وفاة شقيقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وغابت الروح
نشر في الحياة يوم 07 - 08 - 2011

أمة نشأت في فقر صحراء قاسية، قليل من الماء يثير الحرب والدماء بين أبنائها، طبيعة كهذه عاشت الحرمان وواجهته، حلمت بلذة الحياة ولذة الشبع، فمُنحتهما، ولكن الإحساس القديم بالحرمان لا يزال في داخلها ماثلاً، فتجد تفكيرها وفنونها في لذة الحس والمادة، متع سريعة منهومة، اختطفوا من أطايبها ما اختطفوا، وهم ركوض على ظهور الخيل، حتى أنك لتقول أنهم أحسوا بكل شيء إلاّ الاستقرار، وحيث لا أرض، فلا استقرار، وحيث لا استقرار، فلا تأمل، وحيث لا تأمل، فلا خيال ولا ميثولوجيا ولا فنون.
فهل ولدت الشخصية العربية بعد؟ أول مظاهر التميّز شخصية الأسلوب، واستقلالية التعبير، فإن نكون فهمنا بعض الشيء مميزات الشكل، إلاّ أننا لم نستوعب بعد مميزات الغوص في الأعماق، وما وراء الظاهر لنحيط بالمستتر، وهي من مهام الفن الأولى، فأن تصور روح الأشكال لا أجسامها، هي مهمة لها صلة بالسماء أكثر، لأن عمادها التأمل، ولكننا أمة ترتبّت على الماديات، فهل نقول مع أن ديننا يوازنها مع الروح؟ نقولها ولا نعنيها لا في أحاديثنا ولا في تحليلاتنا السطحية لأيامنا وترجمتها أعمالنا الفنية، فكيف أتت عروض شهر رمضان على الشاشة الصغيرة؟ كعادتنا في تغليب المصلحة التجارية على البناء الفني والعمق التحليلي، إلاّ في قلة يأتي على رأسها مسلسل «توق»، فعدا عن إعلانه ولادة الروائي في فكر مؤلفه، هناك تمازج رائع بين الروح والمادة.
إن بالحوار أو بالإخراج المتمكن والإنتاج السخي على مستوى الحس والعقل، في مراعاة لأدق التفاصيل على تكاليفها في الوقت والجهد، أمّا تصوير ليل الصحراء، بتوزيع ساحر بحق للإضاءة وضبط الألوان، وتصوير هبوب الصحراء وعجاجها، فيشعرك وكأن الفاصل بين واقعك وأنت في بيتك، وبين «الكادر» السينمائي للقطة يكاد يختفي، فكأنك داخل اللقطة لا خارجها، وهي درجة عالية من الإتقان الفني ولاشك.
الزخرف عند العرب هو وليد الحلم باللذة والترف، وفن الزخارف العربية هو الذي أنقذ العمارة العربية، والموسيقى كالعمارة من الفنون الرمزية لا الشكلية، ولكن العرب لا يحبون الرموز وما يشغل عقولهم، يريدونه تعبيراً مباشراً إلاّ الصلة المباشرة بالحس، فجعلوا الموسيقى لذة للأذن فأهملوا الروح، تماماً كما جعلوا العمارة لذة للعين على حساب العمق، لهذا قصر العرب وظيفة الفن على الترف الدنيوي وإشباع لذات الحس قبل أن يزول الحلم ويعود شقاء الصحراء، إلاّ ما ندر ولا يُقاس على النادر، حتى الأدب من نثر وشعر تجده لا يقوم على البناء الأشمل، فلا ملاحم، ولا قصص، ولا تمثيل، إنما هو شيء مرصع كجمال الحلي يبهر البصر فيلذ الحس من مقامات الحريري إلى أبيات المتنبي، فالعقلية العربية لا تشعر بالوحدة الفنية في العمل الفني، لأنها تتعجل اللذة، فيكفيها بيت شعر واحد أو حكمة واحدة أو زخرف واحد لتمتلئ طرباً وإعجاباً من دون انتظار لبناء أكبر متكامل، حتى الغناء العربي لا يؤخذ بمجموعة أصوات متسقة البناء كما في الأوركسترا الإغريقية مثلاً، أما النحت أو التصوير فليس من طبيعة العربي، لأن فنونه تتطلب في صاحبها إحساساً عميقاً بالتناسق العام المبني على طول التأمل، والوعي الداخلي للكل في الجزء، وللجزء في الكل، والعرب لا يرون سوى أجزاء منفصلة، فيستمتعون بكل جزء على حدة، فلا حاجة لهم بالبناء الكامل ولكن إلى لذة الجزء واللحظة.
العرب كانوا ولا يزالون كلما وقف الدين من دون تحقيق رغبات طبائعهم، تحايلوا عليه وكان لهم ما أرادوا، فما وصفت الخمر ومجالسها في أدب أمة كما تُغزل بها في أدبنا، فلا شيء يحول بين العرب ولذتهم، فلا ننسب فقرنا الإبداعي إلى حرصنا الديني، والدين من عجزنا براء، نعم لقد فقدنا قدرتنا الخفية الروحية - وقد منحنا إياها - لاستهتارنا بتأثير الطبيعة واتصالها بنا، فلم يبق لنا سوى العقل المجرد بمنطقه المحدود، فلم ننجح في تطعيم الروح بالمادة، فاختل التوازن، ورجحت كفة المادة، وأقولها ثانية وختاماً: والدين من خللنا براء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.