طالماً انطبع في أذهاننا منظرٌ مألوفٌ تعوّدنا عليه كل يوم , طالب يجر رجليه واللثام معقود على محيّاه وإحباط يملأ روحه , ووجدان مكبّل بأسوار المنهج والحصة السابعة ويوم السبت والاختبارات القصيرة وفاجعة انتهاء الإجازة وغيرها كثير .. لازلت أتذكر المرحلة الثانوية كنت في مدرسة مستأجرة وكان إذا استطرد المعلم وخرج عن مضمون الدرس كنت أتلهف لسماع ما يرويه عن الإمام أحمد بن حنبل وكان خيالي يغوص في أعماق التاريخ فأعيد شريط هذه الحكاية في مخيلتي أيّاماً , بينما اليوم تجد الطالب أثناء حديث معلمه سارحاً في كل شيء إلاّ ما ينفعه , لا ألوم هذا الجيل فهو مشتت الذهن بكثرة المشغِلات , فنحن في زمن اللا حجب كل شيء مفتوح كل شيء معروف لا يوجد ما تخبئه عن هذا الجيل , في وقت مضى كانت كرة القدم والانشغال بها من المعايب التي تُعاب على الشباب أما في هذا الوقت في زمن كروت الفضاء و الشبكة العنكبوتية أصبحت كرة القدم تربوية هادفة لها منافع كثيرة وعلى الأقل ( أزين من اللي أشين منه ) . ولا شك أن تعليمنا خارج ما يثير هوايات الشباب في سن المرحلة الثانوية تماماً فلا أجد في المدرسة ما يُمتع الطالب من جميع النواحي , فالتربية البدنية مثلاً , لا يرغب جزء من الطلاّّب بالتفاعل لظروف الحر والأجواء غير المناسبة لذلك خلال العام . وأعتقد حاليّاً الشيء الوحيد الممتع في الدراسة هو ( الطَّلِعة ) فقط . ما بال مناهجنا تزخر بأوزان من الكتب ولا نراها واقعاً ووعياً ؟ ما بالنا نرى من الطلاّب التفاعل الضعيف والخمول خلال العام ومع ذلك لا يرسب أحد وإن رسب أحدهم و أعاد السنة لا يستفيد إلاّ إضاعة عام من عمره !! ما بالنا نرى الطالب لا يكاد يخرج أنفه من لثامه داخل فصله وإذا خرج إلى الشارع لبس جينزاً و قميصاً يكشف العضدين ؟! لماذا نثقلهم بأعباء وأحمال تنوء الجبال بحملها بينما ولّى الدهر على أساليبها ونظامها وفما تقدّمه المدرسة التقليدية بسبّورتها و مقاعدها لا يلمع ويبهركما في تلفزيون الاستراحة وغرف المحادثة في العنكبوتيّة وغيرها ؟! تأملت في مناهج بعض الدول ووجدت مواد تربية للفن والذوق والوجدان والإحساس ولم أجد لدينا غير المواد العلميّة المكثّفة , ما المانع بأن يكون عندنا مواد ودعونا نتخيّل قليلاً ... مادة بديلة عن موادّ اُختصرت ودُمجت وتؤسس على عدة مجالات اختياريّة تبدأ من أول ثانوي إلى ثالث ويدرّسها متخصصون ومبدعون وتكون مجالاتها كالتالي : الخط العربي والزخرفة العربيّة- التصوير الضوئي وفنونه- الدراما والمسرح - فن الإلقاء و الإنشاد– التصوير التلفزيوني والإخراج .وكل هذه التخصصات ستناسب جميع المدارس في حال توافقت مع تعاليم ديننا وعاداتنا وتاريخيّة مجتمعنا وتراثنا . أنا أتساءل ما المانع أن تقام هذه المادة على شكل دورات فنيّة متخصصة تُشعل ميول الطلاّب وتزيد من اقترابهم للمدرسة كما في المدارس الثانويّة في ألمانيا , وفي نهاية العام يُعمل لهم معارض ومهرجانات للاحتفاء بمواهبهم وكنوزهم التي لن يكتشفها ويستغلها إلا أعداء الخير . المعلم : بدر محمد النقيدان _ عنيزة