عزز الجيش السوري نشر دبابات ومدرعات في حماة، وقال ناشطون وشهود إن عشرات الآليات العسكرية الاضافية دخلت الى المدينة خلال الساعات ال24 الماضية. وفي ظل التعتيم والغياب شبه الكامل لتفاصيل ما يحدث في المدينة، أعرب ناشطون عن المخاوف من ان يكون عدد القتلى أكبر بكثير مما هو معلن حتى الان، والذي يصل إلى نحو 135 شخصا. في موازة ذلك، دعت أنقرة السلطات السورية إلى ان تأخذ «على محمل الجد رسائل تركيا والمجتمع الدولي»، فيما عاد السفير الاميركي روبرت فورد إلى دمشق، معلنا نيته الاستمرار في التجول في مختلف أنحاء سورية،معلنا انه لا يستبعد تكرار سيناريو حماة التي زارها قبل ان يغادر الى واشنطن. وعلمت «الحياة» في نيوويرك أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أجرى اتصالات بمسؤولين سوريين على أكثر من مستوى، لكنه لم يتلق رداً من أي منهم حتى مساء أمس الجمعة. وقال مارتن نيسركي الناطق باسم بان إن الأمين العام سيواصل بأقصى ما يمكنه محاولة التحدث الى المسؤولين السوريين مباشرة لكنه «لم يتحدث الى أي منهم بعد، وهو سيواصل محاولة الوصول اليهم مباشرة”. وكان بان أعلن في منتصف حزيران (يونيو) الماضي أنه حاول الإتصال بالرئيس بشار الأسد لكن الأخير رفض التحدث معه. وتأتي محاولة بان إجراء اتصالات بمسؤولين سوريين بعد تبني مجلس الأمن بياناً دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة الى «إطلاع مجلس الأمن على المستجدات عن الوضع في سورية خلال سبعة أيام» أي الأربعاء المقبل. ميدانيا، خرج عشرات الآلاف من السوريين في تظاهرات «جمعة الله معنا» تضامنا مع حماة ودير الزور. وقال سكان ونشطاء إن عشرات آلاف آخرين «حوصروا» في مناطقهم واحيائهم ولم يتمكنوا من الخروج او حتى الصلاة بسبب الانتشار الامني الواسع، خصوصا في ريف دمشق. كما افاد ناشطون ان نحو ربع سكان دير الزور غادروها بالفعل، بعدما تجمعت مئات الدبابات وناقلات الجنود المدرعة خارج المدينة استعدادا لعملية داخلها. وقال ناشطون إن عشرة اشخاص على الاقل قتلوا وجرح آخرون عندما اطلق رجال الامن النار لتفريق متظاهرين في ريف دمشق وحمص. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن «سبعة اشخاص قتلوا في عربين (ريف دمشق) وشخصا في المعضمية (ريف دمشق) كما قتل شخصان في حمص»، مشيرا الى «اصابة عدد كبير من المتظاهرين بجروح». كما نقل المرصد عن «تجمع احرار دمشق وريفها للتغير السلمي» ان «هناك اصابات في صفوف المتظاهرين في مدينة دوما (ريف دمشق) بعضها خطرة ناتجة عن استخدام الاجهزة الامنية للقنابل المسمارية». وتحدث المرصد السوري والرابطة السورية لحقوق الانسان عن خروج عشرات الالاف من المتظاهرين في مناطق ريف دمشق، بينها عربين وداريا ودوما وحرستا والكسوة ومضايا والزبداني وسقبا، رغم الانتشار الامني الكثيف. فيما واجه سكان ركن الدين والقابون والمعضمية صعوبة في الخروج باعداد كبيرة بسبب انتشار كثيف للامن والشبيحة. كما خرج آلاف المتظاهرين في حمص وادلب ودرعا والقامشلي واللاذقية ومناطق اخرى تنادي بإسقاط النظام، وتعلن تضامنها مع حماة ودير الزور. وفي حماة أعرب ناشطون عن مخاوف متزايدة من «التعتيم» حول ما يحدث في المدينة، قائلين إن انقطاع الاتصالات وصعوبة التواصل مع السكان، دليل على عمق العملية الامنية. وقال مقيم ل «رويترز»: «إنهم يضربون منطقة الحاضر والأحياء المحيطة بطريق حلب. التيار الكهربائي لا يزال مقطوعاً». وقال مقيم آخر في منطقة الصابونية: «دوت أصوات قصف الدبابات والأسلحة الآلية الثقيلة في حماة طوال اليوم. نخشى من سقوط المزيد من الشهداء. معظم من يسكنون الحيّ الذي أسكنه فرّوا». اما في دير الزور، فقال المرصد السوري ان المدينة «شهدت حركة نزوح كبيرة خوفاً من العملية العسكرية المحتملة». وأضاف ان حركة النزوح «كثيفة لدرجة ان ربع سكان دير الزور تقريباً (البالغ عددهم نحو 500 الف نسمة) غادروها»، مؤكداً ان «هناك مؤشرات على ان اجتياح المدينة سيتم خلال ساعات». وأوضح ان من بين هذه المؤشرات ان «جميع المشافي في دير الزور أغلقت وغادرتها كوادرها الطبية باستثناء مشفى وحيد يرفض اصلاً استقبال المتظاهرين الجرحى» بضغط من السلطات. وافاد المرصد أن «السكان ينزحون الى مدن وبلدات مجاورة لدير الزور والبعض ينزح الى مخيمات اقيمت في الصحراء للنساء». وفي انقرة، قال وزير الخارجية التركي احمد دواد اوغلو إن «ما يجري في سورية، كما قلت من قبل، غير مقبول». واوضح الوزير للصحافيين لدى خروجه من المسجد بعد صلاة الجمعة إن «استعمال اسلحة ثقيلة ودبابات في مناطق سكنية مثل حماة، امر غير مشروع». واضاف «على سورية ان تأخذ على محمل الجد رسائل تركيا والمجتمع الدولي وان تضع حدا لاعمال العنف في اقرب وقت ممكن». وفيما عاد السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد إلى سورية اول من امس، أعرب في تصريح إلى قناة «إيه بي سي» الأميركية عن نيته الاستمرار في التجول في مختلف أنحاء سورية، مع انه قال انه «يشعر بالقلق على مصير» الأشخاص الذين يلتقيهم. وأكد فورد أن واشنطن «تدرس اتخاذ المزيد من الإجراءات الفردية» ضد النظام السوري» وأيضاً إجراءات يمكن أن تكون فاعلة مع شركائنا ولجعل الحكومة السورية تتوقف عن إطلاق النار على المتظاهرين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ووقف حملات الاعتقال». وقال إن النظام السوري «غاضب جداً من توجهي الى حماة... إنما لا آبه، علينا أن نظهر تضامننا مع المتظاهرين السلميين، وأنا مستعد لأن أعيد هذا الشيء في أي لحظة... وصراحة سأستمر في التحرك عبر البلاد، لا يمكنني أن أتوقف». وفي سؤال حول ما إذا كان خائفاً من تكرار سيناريو حماة 1982، قال فورد: «نعم... أنا أيضاً خائف على مصير أشخاص التقيت بهم، يمكن أن يكونوا إما قيد الاعتقال أو تم قتلهم. نعرف أن الحكومة ذهبت بحثاً عن هؤلاء الذين التقينا بهم وللقبض عليهم».