تابعت بإعجاب كبير أداء منتخبي المملكة العربية السعودية ومصر في بطولة العالم لأقل من العشرين عاماً، حتّى أنني صفقت وحدي للمستوى الرائع الذي شرّفا به الكرة العربية في محفل كهذا، بل إنّني قلت: «يا ليتهم يظلون دون العشرين..»؛ فهم مبدعون، يصنعون الفرجة، ويمتعون الجمهور بنسوج كروية فيها شيء من برشلونة ومانشستر. يلعبون الكرة بحبّ وطفولة أحياناً، ويشعرون بأن هدفهم ليس بلوغ النهائي أو نيل اللقب، إنّما الحصول إلى شهادة إعجاب من الجمهور الكولومبي الذي أسعدته عروض منتخبي السعودية ومصر؛ فتفاعل معهما في كلّ مباراة. إنّ ما قدّمه الدغريري والفهمي والشهراني والدوسري وغيرهم أمام غواتيمالا أعطى الأمان للمدرب فرانك ريكارد في بلوغ مونديال 2014 على رغم النفس الجديد الذي منحه للمنتخب الأخضر رغم عدم إشرافه عليه مباشرة أمام هونغ كونغ؛ إذ إنّ خزّان الدعم مفتوح بوجود لاعبين موهوبين قادرين على تقديم القيمة المضافة ل«الأخضر» الذي عانى طويلاً في السنوات الأخيرة؛ فصار ضحيّة الدقائق القاتلة بامتياز. إنّ مَن شاهد منتخباً دون العشرين وهو يلعب الكرة التي يعشقها الناس، يقول: «حرام يكبر هؤلاء فيتحوّلون إلى لاعبين عاديين، غير قادرين على استنساخ ما قاموا به في كولومبيا..»، فلو كان بيدي لأوقفت النمو البيولوجي، وأبقيتهم دون العشرين، يلعبون كرة دون حسابات المال والشهرة، ويكتفون بمتعة الجلد المنفوخ.. لكن هيهات، فهكذا بدأ فهد الهريفي، وقبله فؤاد أنور، وبعدهما ياسر القحطاني وغيره. يبدو أنّ السياسة التي اعتمدتها السعودية في بناء منظومة منتخبات، تبدأ بالناشئين مروراً إلى المنتخب الأوّل، يعني أنّها أعادت قراءة خسائرها في السنوات العشر الماضية؛ لتفكر في السنوات العشر الآتية؛ أي عين مع المنتخب الأول لبلوغ مونديال البرازيل 2014، وعين مع المنتخب الأولمبي لبلوغ مونديال روسيا 2018، وعين مع منتخب دون العشرين لبلوغ مونديال قطر 2022، ومن يدري فربّما هناك سياسة لبناء منتخبات لمَن هم دون العاشرة؛ فتضمن الاستمرارية الناجحة.. ومن هنا يبدأ التفكير السليم لجني الثمار الطازجة. وأمّا منتخب مصر لمَن هم دون العشرين، فيسعى إلى أن يكون رمزاً لثورة الشباب (...)؛ فهو يلعب وكأنّه لم يغادر ميدان التحرير، بنفس فيه شيء من التحدّي أمام البرازيل التي حرمها من الفوز وهي بطلة العالم باستمرار، وبنفس الانتصار أمام بنما؛ إذ نجح حجازي في المرور عبر قناتها دون أن ينتبه إليه الحارس ميخيا، بينما لم ينجح نجومها في المرور عبر قناة السويس. ومنتخب مصر أيضاً يطمح في أن يعطي الأمل لمصر بعد انتكاساتها المتكررة في الوصول إلى نهائيات كأس العالم والاكتفاء بتألق قاري فقط؛ ففي صفوف هذا المنتخب الذي يقوده ضياء السيد ما يجعل إمكانية الانتقال من منتخب «عواجيز» -كما تقول الصحف في مصر- إلى منتخب «هاري بوتر»، قادر على إعادة بعث الكرة المصرية من جديد، خصوصاً بعد الإخفاق في بلوغ نهائيات كأس أمم إفريقيا 201، شأنها في ذلك شأن الجزائر؛ وبالتالي فالصورة المكبّرة هي أن ممثل العرب في المونديال وبطل إفريقيا في أنغولا أدركتهما الشيخوخة، ولا سبيل من التشبيب، والعودة إلى الحواري حيث تنام المواهب بعيداً عن الأضواء وتخاريف مهنة المتاعب.. ورمضان كريم. [email protected]