حملت جلسة استماع السفير الأميركي لدى دمشق روبرت فورد مدلولات عدة حول وضع نظام الرئيس السوري بشار الأسد والموقف الأميركي منه، وبعد تأكيد الديبلوماسي المخضرم أن «الوقت حان للتفكير بمرحلة ما بعد الأسد» وأن «المتظاهرين لن يتوقفوا» على رغم الحملة الأمنية والتي ستساعد في حشد دعم لعقوبات نفطية من أوروبا وكندا ضد دمشق. كما لفت الى «صمت حزب الله أخيراً» بعدما رأى «أعلامه تحترق في دير الزور وحماة ودرعا». الجلسة والتي كانت مدرجة للانعقاد أمس انما جرى تقديمها لأول من أمس وبسبب استعجال فورد للعودة الى سورية، كان فيها التأكيد على ضرورة وجود السفير الأميركي في سورية وللتواصل «مع النظام وأهم من ذلك مع الشعب السوري». وقدم فورد عرضاً للواقع اليوم مشيراً الى أن «المتظاهرات وخلال الخمسة أشهر الفائتة تكبر في الحجم واليوم انتشرت عبر سورية... قوات الأمن السورية قتلت حوالي ال2000 شخص واللآلاف تم اعتقالهم واحتجازهم في ظروف وحشية». وتعكس هذه التصرفات وفق فورد المغزى الأكبر وهو أن «الحكومة السورية غير مستعدة وغير قادرة لقيادة مرحلة الانتقال للديموقراطية». غير أنها في الوقت نفسه تقدم «فرصة لاعادة الاستقرار الى الشرق الأوسط»، مضيفاً أن «الوقت حان للتفكير في مرحلة ما بعد الأسد و23 مليون سوري بدأوا يفكرون ما ستكون عليه الأمور عندما لا يعود الأسد رئيساً». واعتبر أن أميركا والشعب السوري «لديهما رؤية مشتركة لما قد تكون عليه سورية: ديموقراطية منفتحة، وبلاد موحدة وتحترم التعددية وحيث العرب والأكراد والسنة والعلويين والمسيحيين والدروز يرون أنفسهم سوريين أولاً ويحتفلون بالتعددية الحضارية لسورية». أما اقليمياً فرأى فورد أن سورية «يمكنها أن تكون دولة قوية تعيش بسلام مع جيرانها، ويكون لها تأثير ايجابي في استقرار المنطقة ودور مسؤول في المجتمع الدولي، وتكون دولة لا تدعم جهود ايران لزعزعة استقرار المنطقة ودعم مجموعات ارهابية مثل حزب الله». واتهم فورد النظام «بتأجيج المزيد من العنف» وتطرق لزيارته والتي أشرفت عيلها الحكومة السورية لجسر الشغور وحيث كانت عمليات القتل التي «بدأتها قوات الأمن السورية سبباً لاطلاق دوامة العنف هناك... وهذه الحلقة تعاد مرة تلو الأخرى وهي تبدأ مع لجوء الحكومة السورية للعنف ضد المتظاهرين السلميين». وأضاف: «أريد أن أكون واضحاً، الحكومة السورية كانت تقول إن هناك مجموعات مسلحة في حماة، ذهبت الى هناك ولم أعثر على بندقية واحدة... أخطر سلاح وجدته هو المقلاع». وأعطى فورد تفاصيل غير مذكورة سابقاً حول زيارته لحماة، مشيراً الى أنه وفريقه «أضاعا الطريق داخل المدينة، وتوقفا ليسألا السكان المحليين، وانتهى الأمر بركوبهم السيارة لاستدلالنا على الطريق... وكانوا لطفاء جداً ودعونا الى الغداء... هم لا يعادوا الولاياتالمتحدة وأبدوا تقديراً للاهتمام الذي أوليناه». وأضاف: «سألوني من أنا، وعندما قلت أنني السفير الأميركي لم يصدقوا، حتى أبرزت لهم بطاقة العمل». وتوقع فورد أن تأتي الحملة العسكرية والأمنية للنظام بردود فعل دولية متزايدة، مشيراً الى أن «أعضاء مجلس الأمن الدولي الذين كانوا يعترضون على خطوة لمجلس الأمن، هم أكثر انفتاحاً اليوم لها». كما تطرق للعقوبات خارج مجلس الأمن وخصوصاً تلك التي تستهدف قطاع النفط والغاز، وقال «في قطاع الطاقة نفرض (أميركا) ومنذ سنوات عقوبات على أي شركات أميركية تستثمر هناك، لذلك لن يكون هناك تأثير كبير لعقوبات أميركية فردية في هذا المجال». وتطرق فورد للتداعيات الاقتصادية لما يجري في سورية مشيراً الى أن «القطاع السياحي ميت تماماً، الفنادق في حلب ودمشق والتي كانت تمتلئ بنسبة 80 الى 90 في المئة، هبطت فيها النسبة بين صفر الى 10 في المئة... وهي تطرد موظفيها». وقال: «البلاد تستنزف ببطئ انما باستمرار، ومعدلات الانتاج انخفضت بشكل كبير» وأوضح فورد أن الولاياتالمتحدة لا تريد «عقوبات تؤذي الاقتصاد السوري ككل، لأنه وفي فترة ما بعد الأسد سيكون الاقتصاد القوي عنصر مهم لقوة البلاد». وأكد أن العمل يجري لاستهداف أشخاص وشركات متورطين في القمع. وفي سؤال حول موقف ودور «حزب الله» مما يجري، قال فورد إن هناك «فرصة حقيقية مع التغيير في سورية لتحجيم تأثير ايران وحزب الله في المنطقة» وهذا «فيه مكسب لنا وللشعب السوري اذ أن الايرانيين يساعدون اليوم في القمع في سورية». وبالنسبة ل «حزب الله» تحديداً قال فورد إن دعم النظام السوري للحزب «مستمر ولم يتوقف انما نرى أن قيادة حزب الله والتي كانت بداية صريحة بدعمها للحكومة السورية، أضحت أكثر صمتاً اليوم». وأضاف: «في اعتقادي أنهم (قيادة حزب الله) رأوا ما يكفي من حرق لأعلام حزب الله في التظاهرات السورية وخصوصاً في دير الزور وحماة ودرعا، وبدأوا يدركون أن تأييدهم للحكومة السورية لا يأتيهم بأي صداقة طويلة الأمد مع الشعب السوري».