فوضت الكتل السياسية العراقية الأربعاء الحكومة بدء محادثات مع واشنطن لبحث مسألة تدريب القوات العراقية حتى ما بعد موعد الانسحاب نهاية 2011، فيما اكد مسؤول أميركي أن بلاده ملتزمة بشراكة «طويلة الأمد مع الشعب العراقي». وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بعد اجتماع لقادة الكتل الأساسية دام حوالى اربع ساعات «اتفق القادة السياسيون على تفويض الحكومة للبدء بمحادثات مع الجانب الأميركي تقتصر على مسألة التدريب وبشكل حصري». وأضاف «انه إعلان نوايا حتى تبدأ الحكومة المحادثات»، مشيراً إلى انه «ليس هناك من تفاصيل حول الإعداد أو حول اتفاقات جديدة». وتابع أن «مسألة التدريب هذه يجب أن تكون قائمة على تعزيز السيادة العراقية». وذكرت قناة «العراقية» الحكومية من جهتها أن «الكتل السياسية اتفقت على تخويل الحكومة الإبقاء على مدربين أميركيين لتدريب الجيش العراقي». وقال نصير العاني، رئيس مكتب الرئيس العراقي جلال الطالباني، إن «القادة أخذوا على عاتقهم مراقبة المحادثات» حتى التوصل إلى اتفاق مع الجانب الأميركي «بروح من الصداقة والتعاون». وفي وقت لاحق، تلا نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس بياناً جاء فيه أن القادة العراقيين اتفقوا «على تكليف حكومة العراق بدء المحادثات مع الجانب الأميركي تقتصر على مسائل التدريب وتحت اتفاق الإطار الاستراتيجي لحاجة العراق للتدريب». ولا يزال الجيش الأميركي ينشر حوالى 47 ألفاً من جنوده في العراق، علماً انه يتوجب على هؤلاء الانسحاب بالكامل من البلاد نهاية العام الحالي وفقاً لاتفاق امني موقع بين بغداد وواشنطن. وضغط المسؤولون الأميركيون على نظرائهم العراقيين طوال شهور بهدف دفعهم نحو تحديد موقف من إمكان الطلب من القوات الأميركية إبقاء عدد من جنودها إلى ما بعد نهاية العام. إلا أن «التيار الصدري» بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر هدد في نيسان (أبريل) الماضي بمقاتلة الأميركيين إذا لم يتم الانسحاب في الموعد المحدد. وشكل الصدر العام 2008 لواء «اليوم الموعود» كقوة سرية منتخبة من عناصر جيش المهدي لمقاتلة القوات الأميركية. ووصف النائب من كتلة التيار البرلمانية جواد الحسناوي قرار الكتل السياسية بتفويض الحكومة بأنه «خيانة» تفتح الباب أمام «احتلال جديد». وقال إن «هذه الخطوة التي اتخذتها الكتل خيانة للشعب وأمر مستهجن ومرفوض». وأضاف «إذا كانت الخطوة تتعلق بالتدريب، فلن يحدد العدد (الجنود الأميركيون)، وأتحدى أي مسؤول عراقي أن يدخل إلى القواعد الأميركية لتحديد عدد الجنود فيها»، معتبراً أن «هذه الخطوة احتلال جديد بلباس جديد». وقال الحسناوي إن «كتلة الأحرار (التيار الصدري) ستجتمع قريباً لتحديد موقفها الرسمي من هذا الأمر، وستكون مواقف إما عسكرية أو مدنية، عبر التظاهرات والاعتصامات، بحسب ما يقرره السيد مقتدى الصدر». وكان الطالباني الذي استضاف اجتماع الكتل ليل الثلثاء - الأربعاء، قال بحسب ما نقل عنه موقعه الإلكتروني إن الاجتماع «كان جيداً جداً وتم التوصل إلى اتفاق بالإجماع، ما عدا تحفظ الإخوة الصدريين على موضوع التدريب الأميركي. لكن البقية كانوا موافقين». وجاء اتفاق الكتل السياسية بعد ساعات قليلة من دعوة رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال مايكل مولن في بغداد الحكومة العراقية إلى الإسراع في اتخاذ موقف من مسألة انسحاب القوات الأميركية. وقال مولن في قاعدة «كامب فيكتوري» قرب مطار بغداد الثلثاء «نحتاج إلى قرار الآن، هناك محادثات جارية وآمل بأن يتم التوصل إلى هذا القرار بسرعة حتى تجري القيادة العراقية مفاوضات مع الولاياتالمتحدة». وشدد مولن على أن أي اتفاق يمكن التوصل إليه يجب أن يشمل موافقة برلمانية على منح الجنود الأميركيين حصانة ضد المحاكمات في العراق، وهو أمر يتمتع به الجنود فقط ضمن اتفاقية أمنية موقعة بين واشنطن وبغداد. من جهة ثانية، قالت قائمة «العراقية» بزعامة اياد علاوي ان طالباني قدم ضمانات «مطمئنة» لتنفيذ الاتفاقات التي وصفتها ب «الايجابية». واكد النائب عن الكتلة محمد سلمان ل «الحياة» ان «طالباني والتيار الصدري وكتلة التحالف الكردستاني قدموا لنا ضمانات وتعهدات بان تكون هذه الاتفاقات جدية وتنفذ بسرعة وكما هي دون تغيير». مشيرا الى ان «الضمانات هي التزام هذه الكتل والشخصيات بالعمل من خلال البرلمان والحكومة على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه». وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية أن الاجتماع تمخض عن «الاتفاق على مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا وإرساله إلى البرلمان لإقراره». وتوصلت الكتل السياسية في اجتماعها أيضا إلى «الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية تعتمد نتائج مباحثات اتفاقية أربيل للاتفاق على النظام الداخلي لمجلس الوزراء». واتفقت الكتل على «تشكيل لجنة من نواب رئيس الوزراء، تعهد إليها مهام تحديد مواضع الخلل في التوازن الدستوري في ما يتعلق بالموظفين من الفئات ما فوق المدير العام وفي الوزارات الأمنية وذلك خلال شهرين، إضافة إلى وضع آلية لرفع الخلل وبشكل لا يضر بالأصول الإدارية». واشار البيان الى ان اجتماع الكتل اثمرعن الاتفاق على أن «تقدم العراقية مرشحيها لوزارة الدفاع وان يقدم التحالف الوطني مرشحيه لوزارة الداخلية خلال أسبوعين بمواصفات توافق عليها الكتل الثلاث (العراقية والتحالف الكردستاني والتحالف الوطني)».