لم يتمكن عدد كبير من العائلات العراقية من النوم قبل التأكد من صحة نتائج الامتحانات التي أعلنتها إحدى الفضائيات العراقية المختصة ببث الأغاني الشبابية في شكل مفاجئ على شاشتها. فالعائلات المعنية فوجئت، وبعد عشرة أيام من انتهاء امتحانات البكالوريا للمرحلة الثانوية، بظهور إعلان عن نتائج الامتحانات على قناة «أغانينا» الفضائية، ووضعها مجموعة هواتف على الشاشة للاتصال بها ومعرفة نتيجة الطالب، على أن يتم معرفة اسم الطالب ورقمه الامتحاني. تسربت الحيرة إلى الطلاب وعائلاتهم، فلم يسبق أن أُعلنت نتائج الامتحانات الوزارية في العراق على مدى السنوات الماضية قبل مرور شهر على الأقل من تاريخ انتهاء الامتحان. ولكن لم يمنع ذلك الإعلان من إثارة فضول الجميع، وبدأت الاتصالات تنهال على القناة ساعات طويلة من قبل الأهالي الذين أرادوا الاطمئنان على نتائج أولادهم. والقناة التي أعلنت آلاف النتائج على الطلاب وعائلاتهم، اكتفت بإبلاغ الطلاب وأهاليهم بالنتيجة النهائية سواء كان الطالب ناجحاً أم راسباً، لكنها لم تعلن المجموع، أو الدرجات التي حصل عليها الطالب في المواد الدراسية، على النقيض تماماً ممّا اعتاده الطلاب في السنوات الماضية، عندما كانت النتائج تعلن على شاشات الفضائيات المحلية. وزارة التربية، التي أذهلها تسريب النتائج في وقت مبكر، سارعت إلى تكذيب الخبر، ونشرت عبر القناة الرسمية الحكومية وعدد من القنوات المحلية الأخرى بياناً مفاده أن النتائج التي أعلنتها القناة غير صحيحة، وأنّ النتائج النهائية ستُعلن في منتصف شهر آب (أغسطس). وأكّد الناطق باسم الوزارة وليد حسين أن الوزارة ستجري تحقيقاً في الموضوع، وستحاسب المسؤولين عن تسريب النتائج إلى القناة المذكورة، خصوصاً أن القناة مختصة في بثّ الأغاني، وهي غير مهتمة بأي برامج أخرى، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بأي أخبار أو أمور تخص التربية. وأضاف حسين «أن وزارة التربية ستتعامل بحزم مع المسؤولين عن تسريب النتائج، في حال ثبوت صحة ادعاء القناة بأنها حصلت على النتائج من مصادر موثوقة في مديرية الامتحانات، لكنه تحدث بثقة كبيرة عن عدم صحة تلك النتائج خصوصاً وأن تصحيح الدفاتر الامتحانية لم ينتهِ بعد». أما العائلات التي نفذت أرصدة هواتفها النقالة في انتظار الإجابة على نتيجة امتحانات أولادها من قبل الفضائية المذكورة، فطالبت الوزارة بمعاقبة القناة والمتعاونين معها في هذا المجال. والطلاب الذين أبلغتهم القناة ب «نجاحهم» دخلوا دائرة الشك بعد تصريحات المسؤولين في وزارة التربية في اليوم الثاني، وباتوا يخشون من أن تكون القضية مجرد اتفاق بين الفضائية وشركات الهاتف لتحقيق بعض الأرباح. أمّا أولئك الذين لم يحصلوا على النتائج، فباتوا يخشون من التلاعب بالنتائج الامتحانية من قبل اللجان الامتحانية، فإذا ما قام البعض بتسريب النتائج في شكل فعلي بعد أيام من انتهاء الامتحانات فما الذي يمنع من التلاعب بتلك النتائج لاحقاً؟ واستندت هذه الشكوك إلى مبررات تركز بعضها على حكايات تناقلها طلاب حول حصول بعض التلاعبات في الدفاتر، وقيام بعض المراقبين في القاعات بتبديل دفاتر الطلاب المتميزين لمصلحة بعض أقارب المتنفذين في الدولة والأحزاب. كما استندوا إلى حالات ظهرت العام الماضي بعد إعلان النتائج، والتي خضع الكثير منها إلى التحقيق من قبل الوزارة، ومنها حصول بعض الطلاب على درجات نهائية في الامتحان في مواد دراسية لم يؤدوا الامتحان فيها بل أجلوا تقديمها إلى الدور الثاني، لكنهم فوجئوا عند إعلان النتائج بحصولهم على درجات في تلك المواد المؤجلة، فضلاً عن الفارق الكبير في الدرجات الذي اكتشفته الوزارة بعد تدقيق اعتراضات الطلاب.