ضرورة الذكاء الاصطناعي: 5 خطوات ينبغي اتخاذها للارتقاء بخدمات القطاع العام    أسعار النفط تضغط على إسناد المشاريع بدول الخليج    الصين تضيف تكنولوجيا متطورة إلى شبكة تلسكوب مصفوفة الكيلومتر المربع العالمية    انعقاد الملتقى السعودي الصيني لتعزيز التعاون والتبادل الأكاديمي في التعليم العالي ببكين    تمكين الأوقاف تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من الزمالة المهنية في الأوقاف    ارتفاع النفط إلى 66.62 دولارًا للبرميل    انطلاق منافسات ختامية مسابقة القرآن الوزارية بتنافس مائة طالب وطالبة بمكة اليوم    أمير منطقة جازان يشرّف حفل أهالي فرسان    امطار خفيفة على اجزاء من الرياض والشرقية    رائد فضاء يعود في يوم عيده ال70 إلى الأرض    ولي العهد ومودي يبحثان التعاون الثنائي وتطورات الإقليم والعالم.. الرياض ونيودلهي.. علاقات راسخة في عالم متغير    في الجولة 29 من روشن.. الاتحاد يعزز الصدارة.. وتعادل الهلال بطعم الخسارة    بحثا الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.. وزير الداخلية ونظيره العراقي يستعرضان سبل تعزيز التعاون الأمني    النصر والأهلي ضيفان على ضمك والوحدة    تناقش التحديات الاقتصادية العالمية.. وزير المالية يرأس وفد المملكة في اجتماعات الربيع    مُحافظ وادي الدواسر يفتتح دراسة مساعدي مفوضي تنمية القيادات    رأس الاجتماع الدوري للجنة السلامة المرورية بالمنطقة.. أمير الشرقية: القيادة الرشيدة حريصة على رفع مستوى الأمان على الطرق    "فلكية جدة": لا صحة لظهور الوجه المبتسم بسماء السعودية    ضمن مساعي توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.. توطين41 مهنة في القطاع السياحي    الذهب يتجاوز 3400 دولار للأوقية    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي في أكتوبر المقبل    إطلاق مبادرات مشتركة لخدمة المجتمع وترسيخ القيم.. الثقافة توقع اتفاقية مع "تيك توك" لتطوير مهارات المواهب    بعد وفاته.. حكم قضائي ضد حلمي بكر لصالح طبيب شهير    الأمن العام يحذر: الرسائل المجهولة بداية سرقة    ظاهرة الكرم المصور    فوائد    حكاية أطفال الأنابيب (1)    "تعليم الطائف" تحتفي باليوم العالمي للغة الصينية    ميغان ماركل متهمة بالسرقة الفكرية    الريادة في الأمن السيبراني    الأمير بندر بن سعود: دعم القيادة للتعليم صنع نموذجاً يُحتذى به عالمياً    محافظ الطائف يناقش احتياجات سكان المراكز الإدارية التابعة للمحافظة    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة (أمان ) بالمنطقة    أمير القصيم يكرم الطلبة والمدارس بمناسبة تحقيق 29 منجزًا تعليميا دوليا ومحلياً    فرص الابتعاث الثقافي في قطاع السينما    محافظ الزلفي يدشّن اسبوع البيئة تحت شعار بيئتنا كنز    هل ينتهك ChatGPT خصوصية المستخدمين    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يتفقد فرع المدينة المنورة    تهديدات تحاصر محطة الفضاء الدولية    محافظ الطائف يرعى بعد غدٍ ملتقى "افهموني" بمناسبة اليوم العالمي للتوحد    قطاع ومستشفى بلّسمر يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لشلل الرعاش"    فوائد اليوغا لمفاصل الركبة    مستشفى خميس مشيط العام يُفعّل "التوعية بشلل الرعاش"    في الشباك    العميد يقترب من الذهب    "تمكين الأوقاف" تحتفي بتخريج دفعة الزمالة المهنية    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفيري المملكة في الأوروغواي الشرقية وموزمبيق    محميات العلا.. ريادة بيئية    الهلال الأحمر: فتح التطوع لموسم الحج    ولادة مها عربي في القصيم    مركز الدرعية لفنون المستقبل يفتتح معرضه الثاني "مَكْنَنَة"    ساعة الصفاة    وزير الطاقة يستقبل السكرتير التنفيذي لدولة رئيس الوزراء الهندي    الهلال يتعثر بالتعادل أمام الشباب    الحريد من المحيط إلى الحصيص يُشعل شواطئ فرسان    سما بنت فيصل تشكر القيادة لتبني ودعم مبادرة رسل السلام ب 50 مليون دولار    أمير الرياض يضع حجر الأساس لمشروعات تعليمية في جامعة الفيصل بتكلفة تتجاوز 500 مليون ريال    وزير الرياضة يحضر سباق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 للعام 2025 في جدة    









لا تناقض
نشر في الحياة يوم 02 - 08 - 2011

تولى وليام فولبرايت رئاسة جامعة اركنساو ولم يبلغ 35 سنة من عمره المديد. وكان، وربما لا يزال، أصغر رؤساء الجامعات الأميركية المعترف بها سناً. وفي عام 1943، تم انتخابه عضواً في مجلس النواب. وفي عام 1945 تم انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ. وفي مستهل 1959 تم انتخابه من قبل زملائه الديموقراطيين رئيساً ل «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس الشيوخ. وقد مكث رئيساً لأبرز لجان الكونغرس الأميركي الأهم في ما يتعلق بسياسة أميركا الخارجية، لمدة قاربت ربع قرن.
وكان ذلك العملاق السياسي صديقاً لمعالي الأخ الدكتور عبدالرحمن بن حمد السعيد، الذي دعاه باسم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لإلقاء محاضرة مفتوحة للجميع في مقر الجامعة في الظهران.
وقد مكث السناتور فولبرايت في الظهران أكثر من ثلاثة أيام مكَّنتنا، نحن منسوبي الجامعة من خريجي الجامعات الأميركية، من نقاشات مطولة معه عن سياسة أميركا الخارجية. وأكثرنا درس من تاريخ أميركا السياسي ليعرف شيئاً عن الدستور الأميركي وما يقضي به من توزيع نفوذ الحكم ومحاسبته، فالرئيس يدير، والكونغرس يراقب ويشرّع ويحاسب، ويرفض أو يوافق على مشروعات الإدارة التنفيذية، بما في ذلك موازنة الإنفاق الحكومي. والحُكم بين الكونغرس والإدارة هو المحكمة العليا، التي بمجرد ان يتم تعيين أعضائها ورؤسائها يبقون قضاة حتى ممات كل منهم ان لم يختر القاضي نفسه طواعية التقاعد.
إذاً، فجمهورية الولايات المتحدة الأميركية، جمهورية حقيقية بكل ما تعنيه كلمة جمهورية. وفوق أراضيها ما لا يقل عن مئتي جامعة قيادية ومعهد عالٍ تتمنى أكثرية الدول المتقدمة الصناعية وجود بضع جامعات لا عشر ولا خمسين تماثل جامعات ومعاهد الدراسات العليا والبحث العلمي المنتشرة في شمال الولايات الأميركية وجنوبها وشرقها وغربها ووسطها.
وبالإضافة الى وجود المؤسسات التي تحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم بطريقة شفافة علنية، فإنه يوجد في أميركا العشرات مما يُسمى بمراكز مخازن الفكر، أو حرفياً صهاريج الفكر، وأنت يا ضيفنا العزيز، يا أيها السناتور الشهير، أيضاً رجل قانوني ومثقف كبير، ورئيس جامعة سابق ورئيس سابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، فهل ترى ان انحياز دولتك، بكل إمكاناتها الهائلة وبدستورها، الذي بناءً عليه تأسست أقدم ديموقراطية حديثة منذ أيام اليونانيين، الى إسرائيل، هل ترى أن هذا الانحياز يخدم مصالح وطنك العليا؟
فقال لنا ذلك الشيخ سناً ومنصباً وعلماً، ما معناه: ينبغي ان تعلموا جميعاً، ومنكم من يعرف، ان بلدنا لم يعد الوطن الذي أرسى قواعد حكمه الآباء المؤسسون، أو الرواد، حينما كان عدد ولاياته 13 وعدد مواطنيه اقل من مليونين ونصف المليون، وإنما فيه الآن ما يزيد بكثير على مئتي مليون (في ذلك الوقت، اما الآن فيزيد على 300 مليون) والعلاقة الشخصية المباشرة بين المواطنين والسياسي المنتخب أو الذي يسعى الى انتخابه انتهت. ودستورنا يكفل حرية التعبير والتجمع.
وهذا فتح باباً ضخماً يتوسع يومياً لتجمعات أصحاب المصالح لدعم من يخدم مصالحهم من السياسيين وعقاب من لا يخدم مصالحهم بدعم خصومه والمبالغة في نقائصه، بما في ذلك التجسس عليه وعلى أفراد أسرته. وأكثركم يعرف ان الانتخابات عندنا صارت مهرجانات للتسويق الداعم وللتسويق المضاد، تماماً كما يتم تسويق الشامبو. ولذلك، فالأقدر على نصرة من يخدم مصالحه من أعضاء مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو أي منصب منتخب آخر، هو الذي يتحكم بدرجة كبيرة في توجهات السياسي المنتخب. وأنتم تعرفون ماذا حصل لي (هزمه يميني دعمته جماعة «آيباك» في عام 1974) وماذا حصل للسناتور تشارلز بيرسي من ولاية ايلينوي والسناتور مايك هاتفيلد من ولاية أوريغن.
فقلنا: فهمنا أن الذي هزمكم انتم الثلاثة بكل تأكيد هي «آيباك» كما هزمت غيركم بعدكم، ولكن أين أساتذة الجامعات القيادية؟ أين أصوات مراكز الفكر في المؤسسات الخاصة التي أقامت صهاريج الفكر السياسي الوطنية؟
فكان جوابه حينئذ وبعدئذ حتى وفاته (1995) بعد ان تجاوز التسعين، ان تجمعات المصالح أو اللوبيات هي أيضاً ما يدعم أو يخاصم «صهاريج الفكر»، وهي أيضاً من المؤثرين في القيادات الأكاديمية.
وأخيراً سألناه: وما هو الحل لتحقيق ان لم يكن العدل بالنسبة الى قضيتنا الكبرى، فعلى الأقل التوازن؟ وكان الجواب هو ما قاله لنا بعده السناتور جيمس أبو رزق وغيره من أكثرية وزراء الخارجية السابقين وجميع رؤساء أركان القوات المسلحة السابقين والرؤساء السابقين، كجيمي كارتر: إذا عرفتم طبيعة السياسة الداخلية (يعني الانتخابات) عرفتم ان سياستنا الخارجية امتداد لسياستنا الداخلية، فإذا استطعتم ان تؤثروا في سياسة أميركا الداخلية، لا عن طريق مكاتب العلاقات العامة، ولكن عن طريق مواطنين أميركيين من أصول عربية وإسلامية وحاكيتم تجربة غيركم، فحينئذٍ تستطيعون التأثير في سياسة أميركا الخارجية.
وطلّقوا من دون رجعة مقولة أن أميركا بلد مؤسسات، وفيها مراكز فكر إستراتيجية، وجامعات قيادية ومفكرون وطنيون... إلخ. طلّقوا هذه المقولة، ليس لأنها غير صحيحة، وإنما لان حقيقتها لا تتعارض ولا تتناقض مع ان الذي يهم كل سياسي يسعى إلى انتخابه أو إعادة انتخابه، ليس الاعتبارات الإستراتيجية طويلة المدى، وإنما الانتهازية السياسية في تحقيق النصر في الانتخابات الآنية أو الآتية بعد سنتين أو أربع أو ست سنوات.
ويمكن الإضافة بأن مهزلة رفع مستوى الدين الأميركي العام، التي صدمت العالم مشاهدتها، ما هي إلا صورة واضحة، للانتهازية السياسية كما تُمَارَس السياسة في أميركا، ولم يقدم أو يؤخر وجود مراكز فكرية إستراتيجية في تفكيك عُقد أو حلها حلاًّ دائماً.
والله من وراء القصد.
* أكاديمي سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.