لم يتصوّر المخرج السينمائي الفرنسي الطليعي، جورج ميلياس، أن أحد المشاهد من فيلمه "رحلة إلى القمر" - 1902، عن رواية جول فيرن - (الصورة)، سوف يلهم الأميركيين بفكرة تنفيذ تفجير على سطح القمر. والآن، يستعد علماء وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) لإرسال مركبة فضائية من قاعدة كيب كانافيرال تحمل صاروخا لتفجيره في سطح القمر بهدف إحداث حفرة عميقة فيه. وستوجّه الصاروخ، واسمه "سنتور"، مركبة فضائية إلى هدفه في فوهة قريبة من القطب الجنوبي ل "جارنا" الكوكب. والغرض من هذه المهمة هو التحقق مما سيكشفه التفجير من آثار قد تدل على وجود مياه في سطح القمر. وستقوم ناسا بتحليل السحابة الناجمة عن انفجار الصاروخ لالتقاط أي أمارة تدل على الماء أو البخار هناك. ويتوقع العلماء أن يحدث الانفجار سحابة هائلة من الغبار والغاز وجليد الماء المتبخر قد يصل ارتفاعها إلى ستة أميال على الأقل بحيث يمكن رؤيتها من على الأرض. وإذا ما أثبتت التجربة نجاحا فإن ذلك قد يضمن توفير إمدادات حيوية للقاعدة المقترح إنشاؤها على سطح القمر. والقمر في معظمه عبارة عن صحراء قاحلة, لكن الفوهات البركانية التي لا يصلها ضوء الشمس ربما تكون تحتجز جليدا. وستتولى بعثة استطلاع الفوهات البركانية القمرية وأقمار الاستشعار الصناعية غير المأهولة مهمة إطلاق الصاروخ على سطح القمر بسرعة تفوق مرتين سرعة طلقة الرصاص. وستقوم مركبة فضائية مرافقة بالدوران حول القمر لمدة عام بحثا عن مواقع لإنزال رواد فضاء فوقها, ورسم خريطة لسطح القمر تتضمن تفاصيل دقيقة لم يسبق مشاهدتها من قبل. وبذلك تكون هذه المركبة أول سفينة فضاء أميركية تقوم برحلة إلى القمر منذ عام 1999. وساد اعتقاد لوقت طويل لدى علماء الفلك أن الأمطار التي تهطل من المذنّبات هي التي ظلت تجلب المياه إلى سطح القمر القاحل المقفر عبر مليارات السنين. وتستعد وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) لإطلاق مسبارين قمريين هدفهما البحث عن المياه وتحديد مواقع للهبوط على سطح القمر, فضلا عن استقدام بيانات علمية مختلفة بغية التحضير لعودة الاميركيين الى القمر, وهم كانوا اول واطئيه في 1969 وآخر مغادريه عام 1972. وستعيد ناسا ارسال رواد فضاء الى هذا الكوكب في مشارف العام 2020 في اطار مشروع استكشاف فضائي، كان اعلنه الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش في 2004. والمشروع هو كناية عن مرحلة اولى ترمي الى التحضير لمهمات استكشاف في اتجاه المريخ وعلى امتداد النظام الشمسي, وتشمل ارسال رواد فضاء. وقرر الرئيس باراك اوباما الانكباب مجددا على هذا البرنامج الذي سمي "كونستيلايشن" (كوكبة نجوم) من دون ان تعني هذه الخطوة الى الان, اعادة بحث في اهدافه الكبرى. ويشكل ارسال مسبار "ال ار او" (لونار روكونيسانس اوربيتر) وشريكه "ال سي ار او اس اس" (لونار كرايتر اوبسرفايشين اند سانسينغ ساتلايت), المهمة التحضيرية الاولى لهذا المشروع الطموح. وقال المدير المساعد للعلوم في الناسا تود ماي الاثنين للصحافيين, ان "هذه المهمة التي تستخدم الانسان الآلي ستمدنا بالمعلومات الضرورية من اجل اتخاذ افضل القرارات في شأن حضور الانسان مستقبلا على القمر" ليشير الى ان المعلومات التي تملكها الوكالة في خصوص المريخ تزيد على المعلومات التي في حوزتها في شأن القمر. وتشمل اهداف "ال ار او" الاساسية خلال هذه المهمة التي تستمر اثني عشر شهرا, وضع خرائط لسطح القمر تتسم بدقة عالية غير مسبوقة, فضلا عن تعيين مواقع محتملة للهبوط على سطحه, ناهيك عن البحث عن وجود محتمل للجليد لاسيما في الفجوات الغارقة دوما في الظلام. ومن اهداف المهمة ايضا الحصول على قياسات دقيقة للحرارة على الارض وللاشعاعات الكونية اضافة الى فحص الات علمية جديدة. وسيتم وضع "ال ار او" وهو مسبار يزن 1916 كيلوغراما من بينها 898 كيلوغراما من الوقود ومجهز بسبع ادوات, في المدار القطبي الدائري وهذا سيجعله يحلق فوق القمر على علو خمسين كيلومترا, وهو ادنى ارتفاع بلغته المركبات التي دارت سابقا حول القمر. وتستمر الرحلة من الارض الى القمر الذي يبعد نحو 384 الف كيلومتر, اربعة ايام. اما مسبار "ال سي ار او اس اس" الذي اطلق على متن الصاروخ عينه "اطلس 5" فمهمته محددة جدا وهي التنقيب عن المياه في احدى الحفر على مقربة من القطب الجنوبي حيث تمت ملاحظة انبعاثات الهيدروجين في وقت سابق والتي من المحتمل ان تدلل على وجود الجليد. غير ان المهمة اشبه بالمهمات الانتحارية. ذلك ان "ال سي ار او اس اس" سيبقى موصولا خلال مغامرته التي تدوم ثلاثة شهور ووجهتها القمر, بالطبقة الثانية من صاروخ "اطلس 5" الذي سمي "سانتور", قبل ان ينفصل عنه ليتركه يتحطم في حفرة قمرية بسرعة تسعة الاف كيلومتر في الساعة. ويزن "ال سي ار او اس اس" 891 كيلوغراما وهو سيعرف المصير عينه بعد اربع دقائق, وهو الوقت المطلوب بغية ان تتمكن ادواته التسع, ومن بينها ثلاثة مناظير طيفية من التقاط وتحليل الجزئيات في مزيج من 350 طنا من المواد التي تأتت من الصدمة قبل ان يبعث بالنتائج الى الارض. سيكون عندئذ ممكنا تحديد اماكن وجود المياه في هذه الحفرة. وستعمد تلسكوبات ارضية وفضائية الى مراقبة هذه الصدمات ايضا من اجل اجراء بعض القياسات.br / وتوازي الصدمة التي سيتسبب بها صاروخ "سانتور" وحجمها 2.36 طنا, انفجار طن من مادة "تي ان تي" وينبغي لها ان تقذف الحطام الى علو يبلغ ستة كيلومترات, وان تجوف حفرة قطرها عشرون مترا بعمق اربعة امتار. وحددت الناسا ثلاثة مواعيد مثلى لاطلاق مسباريها بدءا من قاعدة "كاب كانافيرال" (فلوريدا جنوب شرق الولاياتالمتحدة) خلال يوم الخميس بين التاسعة واثنتي عشرة دقيقة والتاسعة واثنتين وثلاثين دقيقة بتوقيت غرينتش. وتم تبديل الموعد الاساسي الذي كان حدد في السابع عشر من حزيران/يونيو من اجل السماح باطلاق المركبة الفضائية "انديفور" من مركز كينيدي الفضائي القريب والذي كان تأجل بسبب تسرب الهيدروجين. اما كلفة المسبارين فتصل الى 579 مليون دولار, من بينها خمسمئة مليون دولار بلغتها كلفة "ال ار او" وحده.