مع أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تعهدت في بيانها الوزاري أن تحظى المشاريع الإصلاحية الخاصة بقانون الانتخاب، لا سيما نظام التمثيل النسبي بدراسة معمقة، فإن القوى الرئيسة فيها لم تستقر حتى الساعة على رأي واحد في شأن اعتماد النظام النسبي، لا بل بدأت تظهر بوادر اختلاف بين أركانها تدور حول ثلاث وجهات نظر من هذا القانون، الأولى يدعمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري و «حزب الله» وتحبذ جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس احتساب النظام النسبي. أما الثانية فتؤيد النسبية مع الحفاظ على تقسيم الدوائر الانتخابية بصيغته الراهنة من دون أن تمانع في إعادة النظر في بعضها ويدعمها بالدرجة الأولى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ويتبناها وزير الداخلية والبلديات مروان شربل الذي وعد بإنجاز مشروع القانون في مهلة أقصاها ثلاثة أشهر. وتردد أن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الذي التقى أمس سليمان في القصر الجمهوري ليس بعيداً من وجهة نظر رئيس الجمهورية وهذا ما أبلغه الأخير إلى عدد من زواره. ويدافع سليمان عن وجهة نظره بالقول إنه لم يعد من الجائز أن تجرى الانتخابات النيابية في ربيع 2013 على أساس قانون عام 1960 الذي مضى على العمل به أكثر من 50 سنةً و «بتنا في حاجة إلى قانون جديد يساهم في التخفيف من وطأة الاصطفاف الطائفي والمذهبي على نتائج الانتخابات وفي إشعار النائب بألا يقتصر تمثيله على الطائفة التي ينتمي إليها». ويؤكد سليمان، كما ينقل عنه زواره، أن النظام النسبي سيحمي التوازن الطائفي ولن يحدث أي انقلاب بالمعنى السلبي في الإطاحة بهذا التمثيل، لكن آن الأوان لأن يشعر النائب أو المرشح بأن قوته الانتخابية ليست مستمدة من طائفته أي أنها «نقية» طائفياً مئة في المئة. وإذ يشدد سليمان على أنه يحترم آراء جميع الأطراف في قانون الانتخاب، حتى أولئك الذين لا يشاركونه وجهة نظره، يؤكد في المقابل أنه لا يمكن المبادرة فوراً إلى تبني رؤية الرئيس بري باعتبار أن هناك صعوبة في الانتقال فوراً من قانون عام 1960 إلى جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة ونحن في حاجة إلى اعتماد مبدأ المراحل في تطوير قانوننا الانتخابي. وبكلام آخر يعتبر سليمان أن لا بد من الدخول في مرحلة اختبار تقتضي في مرحلتها الأولى اعتماد النظام النسبي على أساس الدوائر الانتخابية الحالية مع بعض التعديلات الطفيفة عليها ويبقى الوقت الكافي للبحث لاحقاً في كيفية جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة في ضوء تقويم القانون الجديد الذي سيعتمد. أما وجهة النظر الثالثة، فإن رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط لا يبدي حماسة لتبني النظام النسبي، ليس لأنه لا يريده، وإنما لوجود تعقيدات لا تسمح بتطبيقه في غضون فترة زمنية قصيرة. وعلمت «الحياة» بأن الكاردينال نصرالله بطرس صفير سأل جنبلاط عندما زار الأخير الديمان أول من أمس والتقاه إضافة إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي عن رأيه في النظام النسبي فأجاب في حضور عدد من وزراء «جبهة النضال» والحزب «التقدمي» ونوابهما بأنه من دعاة تطوير قانون الانتخاب، لكن هناك صعوبات علينا أن نتعاون لتذليلها لضمان تطبيقه بما يؤمن صحة التمثيل ولا أظن أن الوقت المتبقي من موعد الانتخابات يسمح لنا بأن نخوض في تجربة جديدة. ولفت جنبلاط إلى ضرورة الحفاظ على الروحية الإصلاحية لأي قانون وعدم السماح بتجويفه من محتواه لئلا يتحول إلى قانون يستخدمه البعض في لبنان للاستقواء على الآخر، مشيراً إلى صعوبة تطبيق النسبية في الوقت الحاضر لأن ما يكتب على الورق لن يكون كافياً لوضع آلية تدفع بتطبيقه من دون أية شوائب. وبالنسبة إلى موقف قوى 14 آذار من قانون النسبية، فإن قياداتها تواصل التشاور في شأن مجموعة من الأفكار لبلورة تصور موحد على رغم أن هناك من يراهن منذ الآن على أن قانون عام 1960 سيبقى حاضراً حتى إشعار آخر وسيعتمد في الانتخابات المقبلة مع إخضاعه إلى عملية تجميلية لن تبدل من معالمه.