غيَّبَ الموت فجر أمس الممثل الشعبي اللبناني محمود مبسوط المعروف بشخصية «فهمان»، عن 70 عاماً، بعدما هوى أول من أمس على خشبة المسرح، مسدلاً الستارة على مسيرة فنية كان خلالها أحد رموز الكوميديا الشعبية اللبنانية. وكان مبسوط توفي خلال تقديم مسرحية عرضت ضمن معرض التراث البلدي والقروي في كفرصير - النبطية (جنوب لبنان) الذي نظمته البلدية بالتعاون مع الأندية والجمعيات في البلدة وبالتنسيق مع مركز كامل يوسف جابر الثقافي والاجتماعي في المدرسة الرسمية، برعاية النائب ياسين جابر. وأعلنت إدارة المركز الحداد لثلاثة أيام على رحيل الفنان القدير «الذي أغنى الفن اللبناني بطرائفه، وبرحيله يخسر الفن ركناً من أركانه وعاموداً فنياً من أعمدة الفن اللبناني والعربي». كما نعاه النائب اللبناني ياسين جابر، معتبراً رحيله «خسارة كبيرة وفادحة للفن اللبناني ولكل محبيه، وخصوصاً الأطفال الذين كان يساهم بإسكتشاته بإدخال البسمة والفرحة إلى قلوبهم، وهو الذي أعز الفن وأغناه بإشراقاته وإطلالاته التي كانت تسحر الأطفال. وفي كلمته الأخيرة التي ألقاها «فهمان» قبل رحيله، شكر النائب جابر ومركز جابر وبلدية كفرصير على تنظيم الحفلة على أرض الجنوب «الذي له مكانة كبيرة لدى كل الفنانين، لتقديمات أبنائه وتضحياتهم ضد العدو الإسرائيلي». أما نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان، فنعت الفنان في بيان، معلنة أنه يوارى الثرى اليوم بعد صلاة الظهر في جامع الخاشقجي - في منطقة شاتيلا في بيروت. كما تقيم النقابة يوم عزاء في دارتها الإثنين الأول من آب (أغسطس) من الرابعة حتى السادسة مساء. وارتبط اسم الراحل باسم زميله صلاح تيزاني وآخَرين، في مسلسل «أبو سليم الطبل» الاجتماعي الفكاهي الذي كان يعرضه «تلفزيون لبنان» الرسمي في الستينات والسبعينات من القرن الفائت، وطبع ذاكرة جيل تلك المرحلة. وقال تيزاني، الذي اشتهر في شخصية «أبو سليم»، وكان بصدد إعداد مسلسل مع الراحل ليعرض في رمضان المقبل: «كنا نحيي حفلة في بلدة كفرصير ضمن عشاء قروي ونقدم بعض المشاهد الفكاهية، فقال لي محمود إن صدره يؤلمه قليلاً، فطلبت منه أن يرتاح خلف المسرح متبرعاً بأخذ مكانه، وبعدما أنهيت المشهد، وجدته على الأرض يخضع لتنفس اصطناعي». وأضاف: «في المستشفى، تبين أن ثلاثة من شرايينه مسدودة، وكان ينبغي أن يخضع لعملية قلب مفتوح، لكنه لم يصمد». واعتبر «إنها خسارة لا تعوض للفن ولبنان. كان فناناً كبيراً، وأستاذاً، يمكن أن يأتي مثله، إنما لن يأتي أفضل منه». وقدم مبسوط برنامجاً مع تيزاني على القناة السابعة في «تلفزيون لبنان»، وفي العام 1962 ولدت شخصية «فهمان» التي لازمته حتى آخر أيامه، وهي شخصية هزلية تميزت بالمقالب المضحكة والكذب الأبيض. وعمل مبسوط مع الأخوين الرحباني في «سفر برلك» (1967) و «بنت الحارس» (1971)، وأطل بإشرافهما في مسلسل «من يوم ليوم» (1972). كما شارك في أكثر من 30 فيلماً بإدارة مخرجين لبنانين وعرب، من بينهم هنري بركات وعاطف الطيب وسمير حبشي وبرهان علوية وسواهم، ومثّل أيضاً في حوالى 25 مسرحية. وفي العام 2001، أسس فرقة «طقش فقش»، التي تقدم لوحات كوميدية وتجول في القرى اللبنانية محيية المهرجانات والأعراس. واشتهر عن الراحل أنه لا يحفظ أدواره، بل يرتجل على الخشبة وأمام الكاميرا.