توقعت مصادر مطلعة ل «الحياة» أمس صدور قانون الأحزاب في سورية يليه صدور قانوني الانتخابات والإعلام في الفترة المقبلة، بعد إقرار الحكومة مساء أول من أمس مشروع قانون الأحزاب أدخلت عليها تعديلات مقترحة من خبراء ومهتمين، ما يرجع إجراء انتخابات برلمانية في غضون بضعة أشهر من الآن لتعكس الخريطة السياسية الجديدة، علماً أن مجلس الشعب (البرلمان) السابق سيعود الى الانعقاد في السادس من الشهر المقبل. وأعطى مشروع القانون الأحزاب القائمة في «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم «البعث» الحاكم، مهلة ستة أشهر لتقديم أوراقها لتسوية وضعها بموجب القانون الجديد. وقالت مصادر حزبية ل «الحياة» إن القانون لا يتناقض مع الدستور الحالي، مشيرة الى أن المادة الثامنة من الدستور (تنص على أن حزب «البعث» القائد في المجتمع والدولة) تحتاج الى نقاش وطني واسع. وتشمل «الأهداف والمبادئ» للأحزاب المرخصة في مشروع القانون «الالتزام بأحكام الدستور ومبادئ الديموقراطية وسيادة القانون واحترام الحريات والحقوق الأساسية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان والاتفاقيات المصدق عليها» و «الحفاظ على وحدة الوطن وترسيخ الوحدة الوطنية للمجتمع» و «عدم قيام الحزب على أساس ديني أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني أو على أساس التمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللون»، و «ألا يكون الحزب فرعاً أو تابعاً لحزب أو تنظيم سياسي غير سوري». وقال وزير الإعلام الدكتور عدنان محمود إن مشروع القانون سيؤدي الى «تفعيل الحراك السياسي وتوسيع المشاركة الصحيحة في إدارة الدولة من خلال إيجاد البيئة المناسبة لقيام أحزاب جديدة وفق برامج سياسية وتعمل بالوسائل الديموقراطية والسلمية بقصد تداول السلطة والمشاركة في مسؤوليات الحكم»، في حين أوضح وزير العدل تيسير قلا عواد أن النص يتألف من أربعين مادة، يسمح من خلالها للسوريين بتشكيل الأحزاب السياسية ب «قصد تداول السلطة والمشاركة في مسؤوليات الحكم». وتضمنت المسودة أن يقدم 50 عضواً مؤسساً طلباً لتأسيس أي حزب، بحيث يكون عدد الأعضاء لدى التأسيس ألف شخص على الأقل. وأوضحت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن مشروع القانون تضمن بعض التعديلات في المسودة بموجب الآراء التي قدمت على موقع إلكتروني خصص لهذا الغرض ونتيجة الحوارات التي جرت في اللقاء التشاوري للحوار الوطني الذي عقد في 10 الشهر الجاري، بينها خفض عدد المؤسسين من ألفين الى ألف شخص وإحالة أمور الأحزاب الى محكمة النقض بدلاً من القضاء الإداري باعتبار أن القضاء الإداري يمثل الدولة. وتضمن مشروع القانون أن يكون الأعضاء المؤسسون مسجلين في «نصف المحافظات على الأقل، وألا تقل نسبة الأعضاء عند التأسيس في كل محافظة عن 5 في المئة من مجموع الأعضاء وأن تعكس في بنيتها النسيج الوطني للمجتمع السوري». وكان رئيس اللجنة التي صاغت مسودة القانون فاروق أبو الشامات اطلع اللقاء التشاوري على المقترحات بينها ضرورة استبدال المحكمة الإدارية كونها تحت سلطة تنفيذية وأن يكون رئيس لجنة الأحزاب قاضياً وليس وزير الداخلية، إضافة الى خفض عدد المؤسسين وبحث موضوع المادة الثامنة من الدستور. وجرت مناقشات واسعة فيها وجهات نظر مختلفة إزاء ذلك، في اللقاء التشاوري. كما يتوقع أخذ ملاحظات قدمت في «التشاوري» إزاء قانوني الانتخابات والإعلام، مع تأكيد مصادر مطلعة أمس على ضرورة أن يكون قانون الإعلام «متوازناً بين حرية الإعلامي ومسؤوليته». وقالت مصادر أخرى إنه سيكون «متكاملاً» يشمل جميع وسائل الإعلام. الى ذلك، قالت ل «الحياة» مصادر مقربة من «هيئة الحوار الوطني» إنها استأنفت اتصالات مع شخصيات معارضة كان بينها لقاء ضم ميشال كيلو وعارف دليلة وآخرين، إضافة الى لقاء مع أحد أعضاء «الهيئة» رئيس «اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين» قدري جميل في إطار استئناف الاتصالات بعد اللقاء التشاوري. وأكدت المصادر أن الاتصالات ستشمل في الأيام المقبلة لقاءات مع رؤساء النقابات والاتحادات السورية التي أصدرت بيانات تخص «التشاوري». وقال ل «الحياة» جميل الذي يُتوقع أن يلعب دوراً إضافياً في التحضير للحوار الوطني أنه «متفائل» بمستقبل الحوار والمشاركين فيه. وفي موضوع ذي صلة، قال المعارض لؤي حسين ل «الحياة» أن يعمل على عقد لقاء آخر لشخصيات مستقلة في الثاني من الشهر المقبل استكمالاً للقاء «سورية للجميع في ظل دولة ديموقراطية مدنية» الذي عقد في نهاية الشهر الماضي في فندق «سميراميس». وأوضح أن اللقاء الأول الذي حضره نحو 200 شخص تناول الدولة الديموقراطية والمدنية، لذلك فان اللقاء الثاني الذي ستدعى إليه نحو 300 شخصية غير حزبية، سيبحث في كيفية الانتقال الى الدولة الديموقراطية والمدنية وهل السلطة «شريكة» في ذلك. وأضاف حسين أن اللقاء التشاوري المقبل لم ينسق مع «هيئة الحوار»، قبل أن يشير الى أنه «ضمن آفاقها وفي إطار ضرورة الحوار». وأشار الى أن السلطة «استأنفت» اتصالاتها مع شخصيات معارضة في إطار مناقشة البيان الختامي ل «التشاوري» واحتمالات الحوار الوطني. وتزامن ذلك، مع إعلان «هيئة الحوار» إطلاق موقعها الإلكتروني ل «استعراض التقدم المحرز في تنفيذ القرار الجمهوري القاضي بتشكيل هيئة للحوار الوطني في سورية، ويبرز المسائل التي تعرقل الجهود المبذولة لتعزيز تدابير بناء الثقة». وأفاد بيان أرسل إلكترونياً الى مكتب «الحياة» في دمشق أن الموقع «يطرح استراتيجية وطنية لمعالجة المسألة البالغة الأهمية المتمثلة بضرورة التوصل إلى توافق عام في الآراء من شأنه أن يسهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار من خلال دعم المشاركة البناءة لجميع القوى السياسية وشرائح المجتمع السوري تحت سقف الوطن لضمان تبادل أفضل الممارسات والدروس المستخلصة». ودعا المواطنين والمهتمين الى إبداء الرأي «مع الترحيب بالقيمة الحقيقية المتأتية من الآفاق التي فتحها أمامنا تبادل الآراء سواء بزيادة التركيز على القواسم المشتركة أو بتحليل مواطن الاختلاف».