استقطبت العاصمة المغربية الرباط استثمارات خاصة محلية ودولية بلغت 50 بليون درهم مغربي (6.6 بليون دولار) على مدى الأعوام الثمانية الأخيرة، محتلة المرتبة الأولى في المغرب، ومتفوقة على مراكش (وسط البلاد) وطنجة (على البحر المتوسط). وجاء في تقرير «المركز الجهوي للاستثمار» ان الرباط استقطبت 37 بليون درهم من الاستثمارات الوطنية الخاصة، ونحو 13 بليوناً من الاستثمارات العربية والأميركية والفرنسية، بلغت 800 مشروع، شملت العقارات والبناء والسياحة والمواصلات والنسيج والملابس، وقطع غيار السيارات وخدمات الاتصال والتقنيات الحديثة، ساعدت في تأمين 75 ألف وظيفة. واعتبر التقرير أن عام 2008 كان «الأفضل على مدى العقد الماضي»، اذ استثمرت العاصمة خلاله 20 بليون درهم في عشرات المشاريع، لكن بعض المجموعات الاستثمارية العربية تخلّت عن استكمال مشاريعها المعلنة، تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، بخاصة «سماء دبي» التي انسحبت من مشروع تهيئة نهر أبي رقراق، ومجموعة «إعمار» الاماراتية التي اعلنت عن تأجيل تنفيذ الشطر الثاني من مشروع «سفيرة» على ساحل كورنيش العاصمة والاحتفاظ بمشاريع عقارية أخرى في طنجة ومراكش. وكانت الاستثمارات العربية في المغرب تقدر ب16 بليون دولار قبل توقف بعضها في نهاية العقد الماضي نتيجة الأزمة العالمية، ما دفع المغرب الى مواصلة تنفيذ تلك المشاريع بفعل أهميتها القصوى، عبر مساهمة مؤسسات عامة فيها مثل «صندوق الايداع والتدبير» الحكومي و «صندوق الحسن الثاني» للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. إلى ذلك، باشرت مجموعة «المعبر» الإماراتية تنفيذ مشروع «باب البحر» العقاري الذي يقع في مصب نهر على مدخل المحيط الأطلسي بكلفة تجاوزت نصف بليون دولار، وسيتم تسليم الشقق الأولى قريباً، وهو يقع داخل مارينا لرسو اليخوت على مساحة 30 هكتاراً، يمر بجواره نفق تحت الأرض أنجزته شركات ايطالية، للحفاظ على الآثار التاريخية للمدينة القديمة. واستثمرت الرباط في قطاع المواصلات الحديثة، وأصبحت توفر ترامواي للنقل البرّي يربط الرباطوسلا المجاورة على طول 20 كيلومتراً، وأقامت جسراً جديداً فوق النهر الذي يقسم العاصمة الى شمال وجنوب، وقدرت كلفة مشروع النقل الحديدي الذي أنجزته مجموعة «ألستوم» الفرنسية ب4،7 بليون درهم (600 مليون دولار). ويتوقع أن يمتد الشطر الثاني من ترامواي الرباط الى تامسنا القريبة (20 كيلومتراً جنوباً) التي يتم بناؤها لتخفيف الضغط السكاني والعمراني عن العاصمة التي يقطنها مليوني شخص. واهتمت الاستثمارات الأميركية والفرنسية والايطالية بقطاع الصناعات، بخاصة الملابس الجاهزة التي استقطبت 3 بلايين درهم، وشملت استثمارات لمجموعة «فروت أوف ذي لوم» الأميركية وأخرى ل «اتلانتيك نيم» الفرنسية و «مارتيلي» الايطالية، وفرت خمسة آلاف وظيفة جديدة بين عامي 2003 و2010. واستقطبت الرباط استثمارات في قطاع صناعة قطع غيار السيارات وأخرى للطائرات، فضلاً عن بناء قرية للتكنولوجيا الحديثة «تكنوبوليس» قرب سلاالجديدة باستثمارات مغربية قدرت ب3 بلايين درهم للشطر الأول من المشروع، الذي يهدف إلى جذب الشركات العالمية الى فتح فروع لها في الرباط وتطوير البحث العلمي من خلال جامعة دولية يجري بناؤها في الموقع. ومع نجاح تجربة الرباط في جذب الاستثمارات الخاصة، يرغب المغرب في توسيع خطة المحافظات عبر تطوير خصوصية كل جهة من المناطق ال12 التي تتكون منها البلاد، وتوجيه الاستثمارات إليها باعتماد فائض القيمة الذي توفره الموارد الطبيعية والبشرية والثقافية والاقتصادية المحلية.