الرأي العام البريطاني الذي لم يأبه كثيراً بفضح تلاعبات السياسيين وأثرياء المجتمع، ثارت ثائرته عندما اكتشف أن صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» كانت تتنصّت أيضاً على هاتف الطفلة ميلي داولر (13 سنة) بعد اختفائها في العام 2002. فقد تبيّن أن المحقق الخاص مالكير كان يستمع إلى المكالمات الهاتفية التي تُترك على هاتف ميلي خلال بحث الشرطة عنها، وأنه كان يلجأ عندما كان يمتلئ صندوق رسائل هاتفها إلى محو بعضها كي يتسع للمزيد، ما أعطى الشرطة وأهل ميلي أملاً بأنها ما زالت حيّة وتتفحص رسائلها، فيما كانت قُتلت على يد مجرم. أشعلت قضية الطفلة داولر غضباً واسعاً لدى الرأي العام، ترافق مع انكشاف أن الصحيفة كانت تتجسس كذلك على هواتف ذوي ضحايا هجمات 7 تموز (يوليو) 2005 في لندن وعلى هواتف ذوي الجنود البريطانيين القتلى في العراق وأفغانستان. ودفع الغضب الشعبي بالمعلنين إلى المسارعة في سحب عقودهم الإعلانية مع «نيوز أوف ذا وورلد» التي وجدت نفسها فجأة بلا معلنين وبلا قراء محتملين. ولا شك في أن هذا الأمر ساهم في قرار جيمس مردوك، نجل روبرت ووريث امبراطوريته في أوروبا، إلى إصدار قرار بإغلاق الصحيفة بعد عمر مديد استمر منذ العام 1843. صدر العدد الأخير منها الأحد 10 تموز (يوليو) الجاري، وباع 3.8 مليون نسخة، أي أكثر من المعتاد ب 1.1 مليون نسخة. وتضمن العدد «الوداعي» 48 صفحة «تذكارية» بأبرز الإنجازات الصحافية التي حققتها الصحيفة طوال 168 سنة. كانت خشية مردوك، الأب والابن، أن تمتد مقاطعة المعلنين لبقية مطبوعات امبراطوريتهم في بريطانيا وعلى رأسها «صن» و «تايمز» و «صنداي تايمز»، وكلها من أوسع المطبوعات انتشاراً في بريطانيا. ومرد هذه الخشية أن بعض الساسة البريطانيين كانوا بدأوا يسوقون تهماً بالعمل غير الشرعي وغير المهني لهذه المطبوعات. وكان رئيس الوزراء السابق غوردون براون وجّه هذه المزاعم في مجلس العموم، متهماً صحيفة «صن» تحديداً بالحصول في شكل غير شرعي على معلومات طبية عن صحة أحد أطفاله المصاب بشلل جزئي، وصحيفة «صنداي تايمز» على خلفية نشرها تقريراً عن ثمن شقة اشتراها براون بسعر أقل من سعرها الحقيقي. ونفت الصحيفتان مزاعم براون وأكدتا أن الخبرين جرى الحصول عليهما بطرق شرعية.