قتل نحو 24 دركياً وأصيب آخرون في هجوم في منعرجات قرية واد القصير الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من المنصورة في ولاية برج بوعريريج (200 كلم جنوب شرقي العاصمة الجزائرية). ونجا من الهجوم الذي يُعتبر الأكثر دموية من نوعه منذ سنوات، عدد من العمال الصينيين الذين يشتغلون على بناء جسر ضخم في المنطقة بعدما كان الدركيون قد أتموا إيصالهم إلى موقع إقامتهم قبل وقوع المكمن بدقائق. ووقع الهجوم على فرقة من الدرك الجزائري في حدود الثامنة مساء أول من أمس عقب إتمام الفرقة مهمة إيصال طاقم عمال من الصين يشتغل على بناء جسر ضخم يمر فوق الطريق الوطني الرقم 5. وتفاجأ الدركيون الذين كانوا على متن ست سيارات رباعية الدفع عند منعرجات واد القصير قرب المنصورة بتفجر قنبلتين تقليديتين زُرعتا على حافتي الطريق، ثم تبعهما إطلاق نار مكثف برشاشات ثقيلة «أف أم». وتُعتبر العملية التي يعتقد أن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» يقف وراءها، الأكثر خطورة منذ سنوات. إذ نُفّذت بطريقة متقنة، وعكست تحولاً في استراتيجة التنظيم خلال الأشهر الماضية من خلال توسيع العمليات «المفاجئة» خارج نقاطه التقليدية وعودة تدريجية إلى أسلوبه في المباغتة على حساب التفجيرات الإنتحارية التي تبناها منذ تحوله من «الجماعة السفلية للدعوة والقتال» إلى «القاعدة». وقال مصدر أمني رفيع المستوى ل «الحياة» إن عدد الضحايا كان 21 مباشرة بعد وقوع الهجوم، لكن صحفاً جزائرية أوردت أمس أن العدد وصل إلى 24 قتيلاً. وفي حين لم تصدر أي حصيلة رسمية، نفى المصدر وجود أي رعية أجنبية (الصين) ضمن قائمة الضحايا، موضحاً أن «المكمن وقع في أثناء عودة مجموعة الدرك من مهمة إيصال التقنيين الصينيين إلى مقر إقامتهم». وروى شاهد عيان على الهجوم في اتصال هاتفي مع «الحياة» ما حصل قائلاً: «حصل الهجوم فجأة في منعرج جبلي بعد تفجير قنبلة أو قنبلتين»، وتابع: «كان وابل من الرصاص القوي ينبعث من جهة عليا ولم يتمكن أحد من الدركيين من الرد لأن العملية تمت في ثوان». وتردد أن المسلحين سلبوا الضحايا أسلحتهم وألبستهم العسكرية وفروا إلى وجهة غير معلومة. وتُعتبر منطقة المنصورة قرب برج بوعريريج من الولايات الداخلية التي لا تشهد إلا نادراً تحرك جماعات مسلحة، لكنها في تقاليد «القاعدة» منطقة عبور بين البويرة التي تبعد عنها ب70 كلم وولاية المسيلةجنوباً. كما أن موقع الهجوم لا يعرف كثافة غابية بعكس منطقة القبائل ويتميز بهضاب سهوبية وشعاب كثيرة. ولم يسبق أن وقعت عملية من هذا القبيل على الطريق الوطني الرقم 5 الذي يعرف عادة في توقيت وقوع الهجوم حركة مرور مكثفة بحكم أنه الممر الوحيد للعربات بين ولايات الوسط والشرق. كما أن المقطع المستهدف بالمكمن يعرف حركة كثيفة للمركبات وتدافعاً ملحوظاً بين السيارات لأن الطريق السيّار لم يفتح بعد في إنتظار بناء الجسر الذي يبنيه الصينيون، في حين فتحت أجزاء أخرى في اتجاه منطقة «اليشير» على بعد عشرة كيلومترات من مدخل الولاية غرباً. وتعد العملية الأعنف من نوعها منذ 2003 حين قُتل أكثر من 40 عنصراً من صفوف القوات المظلية الخاصة في صحراء بسكرة (600 كلم جنوب شرقي العاصمة)، في مكمن نفذه أمير المنطقة الخامسة سابقاً عماري صايفي المدعو عبدالرزاق البارا «أبو حيدرة الأوراسي». وأعلنت قيادة الجيش الجزائري، أمس، حال «طوارئ» قصوى لتعقب آثار المجموعة المنفذة. وقال شهود محليون إن مروحيات تحلّق فوق سهوب المنطقة، في حين تدفقت قوات من الجيش وأضيفت إليها قوات من فرق التدخل جُلبت من وحدة جهوية للشرطة الجزائرية تقع بدورها على مقربة من المنصورة التي وقع فيها ها الهجوم.