في وقت واصل الثوار الليبيون أمس تقدمَهم في اتجاه مدينة البريقة، التي يقولون إنهم تمكنوا من محاصرتها مع إبقاء مخرج وحيد لمن تبقى من جنود العقيد معمر القذافي للانسحاب منها، روّجوا لمعلومات عن نجاحهم في اغتيال المسؤول الكبير عبدالله السنوسي في طرابلس، وهي معلومات من المتعذّر التأكد منها. ونقل موقع «ليبيا المستقبل» على شبكة الانترنت عن محمد قنيوة، الناطق باسم «مجلس طرابلس» (ثوار العاصمة)، أن السنوسي قُتل صباحاً على يد من سمّاهم «أُسُود العاصمة». لكن مصادر أخرى في الثوار قالت لاحقاً إنه لم يُقتل لكنه تعرض لهجوم طال اجتماعاً لعدد من المسؤولين الحكوميين. ويروّج الثوار، مثل نظام القذافي، لمعلومات غير صحيحة بين الفينة والأخرى لبث الارتباك في صفوف الطرف الآخر. ومعلوم أن السنوسي، وهو عديل القذافي، مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة التورط في جرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى الزعيم الليبي ونجله سيف الإسلام. كذلك أفادت معلومات الثوار، أن طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) رمت صباح أمس منشورات على أحياء في العاصمة الليبية دعت فيها المواطنين إلى الابتعاد عن مواقع عسكرية حكومية يمكن أن تُستهدف بالقصف. واستمر الغموض يلف أمس مجريات المعارك التي تدور في البريقة، المدينة النفطية الإستراتيجية في شرق البلاد، والتي أكد نظام القذافي استمرار سيطرته عليها على رغم ادعاء الثوار أنهم طردوا القوات الحكومية منها. وأوردت قناة «الجزيرة» أن الثوار تقدموا الأربعاء «إلى المنطقة الصناعية في البريقة» و «شددوا الطوق حول كتائب القذافي» المتمركزة هناك. أما «فرانس برس»، فذكرت أن زحف الثوار على البريقة «تعطّل» بسبب مئات الألغام المزروعة حول هذا الموقع البتروكيمياوي والخنادق المليئة بسوائل ملتهبة، مشيرة إلى أنه سقط في صفوف الثوار 40 قتيلاً وأكثر من مئتي جريح منذ بداية هجومهم على البريقة قبل أسبوع. في غضون ذلك، أفيد أن الثوار أطلقوا صواريخ صباح الخميس على قوات القذافي على الجبهة بين بئر عياد وبئر الغنم في الجبل الغربي جنوب غربي طرابلس. وردّت القوات النظامية بالصواريخ وقذائف من عيار 106 ملم. كما أفيد أن الثوار نجحوا، على ما يبدو، في تحقيق تقدم نحو مدينة زليتن، وهي كبرى المدن الليبية التي تفصل مصراتة الواقعة تحت سيطرة المعارضة والعاصمة طرابلس الخاضعة لسيطرة قوات القذافي. وأعلن حلف «الناتو» في تقريره أمس، أنه قام ب 122 طلعة جوية جديدة فوق ليبيا منها 53 طلعة قصف استهدفت مواقع قرب البريقة (مركبات مسلحة وراجمة صواريخ) وقرب مصراتة (مركبات مسلحة وراجمات صواريخ) وقرب طرابلس (منصات صواريخ أرض جو ورادار) وقرب ودان (مرفق تخزين عسكري) وقرب زليتن (مراكز «قيادة وتحكم» ومرافق للتخزين العسكري ومرافق عسكرية ومحطات عسكرية للتزود بالوقود). على صعيد آخر، أثار انعقاد «مؤتمر الفيدرالية من أجل الوحدة الوطنية» في مدينة بنغازي جدلاً واسعاً في الأوساط الليبي، إذ اعتبره معارضون يصب في مصلحة القذافي، لكن مؤيديه دافعوا عنه وعن دور القبائل في رسم مستقبل البلد. وفي حين نقلت «الجزيرة» عن الناشط السياسي إدريس بن الطيب، أن الشخصيات المنظمة لمؤتمر «اتحاد الفيدرالية» كانت في السابق محسوبة على اللجان الثورية التابعة للقذافي، دافع أبو بكر بعيرة -أحد منظمي المؤتمر- عن طرحهم السياسي، مؤكداً أن الهدف من المؤتمر هو اختيار نوع حكم مناسب لظروف الشعب الليبي. وفي مدريد (أ ف ب ) أكد المسؤول الثاني في المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا (الهيئة السياسية التي تمثل الثوار) محمود جبريل، رداً على اقتراح فرنسي يقضي ببقاء العقيد معمر القذافي في بلاده اذا ما ابتعد عن الحياة السياسية، أن «المهم هو أن يتنحى القذافي عن الحكم». وقال جبريل في مؤتمر صحافي بمدريد: «إن من يقرر في النهاية هو الشعب الليبي». وأضاف: «أعتقد أن المهم في نظرنا هو أن يتنحى القذافي عن الحكم. إنها المرحلة الأولى، وعندما نجتاز هذه المرحلة، نستطيع الانتقال إلى المرحلة التالية، أي أن نعرف أين يمكن أن يقيم ونوع الترتيبات الممكنة». وكان وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أعلن الاربعاء ان في استطاعة معمر القذافي البقاء في ليبيا اذا ما ابتعد عن الحياة السياسية، وجعل من هذه المسألة شرطاً مسبقاً لوقف النار. والتقى مندوب المجلس الوطني الانتقالي الخميس، الذي يقوم بزيارة تستمر يومين لإسبانيا، وزيرة الخارجية ترينيداد خيمينيث في مدريد. وقالت خيمينيث إن «الهدف الذي نتقاسمه مع مجموعة الاتصال، هو ان يتنحى القذافي عن الحكم... والليبيون هم الذين يقررون الصيغة النهائية». وأضافت أن «الشعب الليبي ومندوبيه الشرعيين هم الذين يتعين عليهم أن يقرروا في النهاية الصيغة التي ستُعتمد من أجل تنحي القذافي عن الحكم».