أعرفها منذ عشر سنوات، وأعرف معاناتها جيداً، وهي المسنة التي قاربت على التسعين من عمرها مع ولدها المريض النفسي الخطر بشهادة الأطباء، والذي يدمن على الحشيش، وأخشى كل يوم أفتح فيه الصحف المحلية أن أرى صورتها وخبراً كبقية الأخبار يقول إنها قتلت على يد ابنها العاق، أضع يدي على قلبي وأنا عاجزة عن مساعدتها، وأتوارى خجلاً منها عندما أحولها إلى مؤسسات من واجبها أن تقف إلى جوارها وتحميها من الخطر المحدق بها بعد أن تخلى عنها وعنه الأقارب، خوفاً منه ومن تهديداته الدائمة لهم. أدخلته المركز العلاجي مرات عدة، بعد معاناة كبيرة لا يعلمها إلا الله، وكتبت عنها مراراً وتكراراً من دون أن تسألني جهة ما عن الموضوع، على رغم أنني توقعت وتمنيت ذلك، آخر أخبارها أنها قامت بإبلاغ مكافحة المخدرات بخطورة الوضع - الذي جعلها تخترع باباً حديدياً على غرفة نومها تختبئ بها هي وخادمتها خوفاً على حياتهما - فأخبرتها المسؤولة هاتفياً بأن الفرق الآن مشغولة، على رغم اعترافي واعترافها بأنهم ساعدوها مشكورين مرات عدة، بعد اتصالات مكثفة مني ومنها، على رغم أن فرق المكافحة يمنع عليها اقتحام البيوت إلا بوجود صاحب المنزل بنفسه، ونظراً لأنها امرأة لا يحق لها كتابة عقد المنزل باسمها، لذلك تذهب الفرقة ولا تعود، فتذهب المسكينة للشرطة، فتخبرها بأنها لا دخل لها بالموضوع إلا في المرة الأخيرة قبل 8 أيام بالتحديد ساعدتها واستمعت لها شرطة النزهة، وتم القبض عليه وهو الآن في السجن الموحد من دون أن يحول لا لمركز علاج المخدرات الذين يعرفون حاله تمام المعرفة، ولم يحول لمستشفى الصحة النفسية، ذهبت المسكينة لزيارته قبل يومين، فتلفظ عليها وهددها، وساءها أنه عرف أنها هي من تقدمت بشكوى، أو بالأصح استغاثت لعلاجه، وساءها أكثر كما ساءني جداً أن الشكوى أو الاستغاثة التي تقدمت بها حولت كشكوى عقوق، وهي لم تتقدم بشكوى عقوق، وتصرخ لتقول عالجوا ابني المريض ولا تعاقبوه، ابني يحتاج للأدوية، فهو يتحسن كثيراً بها، ويصبح العيش معه على رغم كل شيء ممكناً، تنقلت خلال العام الماضي لأربعة منازل، بعدما طالبها أصحاب العمارات بالرحيل جراء المشكلات الكثيرة التي يقوم بها المريض مع الجيران ومع صاحب المنزل إخوة المريض لا يزورونها خوفاً منه، ابنها الأكبر أخبرها بأنه لن يستأجر لها بيتاً آخر، فهو الآخر تعب من الاستدعاءات المتكررة التي تعوق عمله وتهدده بالفصل، المؤسسات العلاجية بلا استثناء لها إجراءات معيقة نتيجة لتحويله من السجن بأوراق ناقصة ومن دون شرح حاله (يحولونه من السجن للصحة النفسية، فيرفضون تسلمه بدعوى أنه مدمن يجب أن يتم علاجه من الحشيش أولاً). المسنة تناشد المسؤولين التدخل بصورة متكاملة، وترفض أن تتهم ولدها بالعقوق، فهو مريض، الجلد والسجن سيزيدان من حنقه عليها ومن تهديداته لها، وأنا أناشد كل الجهات التدخل، حفاظاً على هذه المسكينة التي أخشى أن أرى صورتها يوماً ما، وتحتها خبر بأنها قتلت على يد ابنها العاق وهو مريض وليس عاقاً، التفاصيل كثيرة جداً للجهات الرسمية التي تتكفل بمساعدتها ومساعدتي، أرجوكم يا أهل القرار والاختصاص أين الجهات الرقابية التي تتأكد من مهنية الإجراءات، أكتب استغاثتها واستغاثتي بناء على طلبها كمحاولة أخيرة لعلاج ابنها، وليس عقوبته بتهمة لا تمت للواقع بصلة خطابي في رقبة كل مسؤول، وقد برأت ذمتي اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد. بعد كتابة مقالي وإرساله جاءني اتصال منها تخبرني فيه وهي تبكي بالتالي تم الإفراج عن المريض، وقامت الشرطة بإيصاله حتى منزله، اللهم إني ذمتي أمامك اللهم إني قد بلغت. [email protected]