تنطلق اليوم جولة جديدة من المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب للتوصل إلى تجديد اتفاق الصيد البحري، الذي ينتهي مفعوله في منتصف تموز (يوليو) المقبل، والذي يسمح لنحو 120 باخرة أوروبية بالصيد في المياه الإقليمية المغربية في مقابل دعم مالي بلغ 160 مليون يورو في الاتفاق السابق الموقع عام 2014. وكان وزراء خارجية 28 دولة أوروبية صادقوا مطلع الأسبوع في لوكسمبورغ على مذكرة من المفوضية الأوروبية، لمواصلة المفاوضات مع المغرب في شأن اتفاق جديد للصيد البحري، يشمل سواحل المناطق الصحراوية في جنوب البلد، والتي كانت المحكمة الأوروبية تحفظت في شأنها في قرار سابق في شباط (فبراير) الماضي. واعتبرت مصادر دبلوماسية إن القرار الأخير للمجلس الأوروبي يعتبر «انتصاراً للرباط في معركتها القضائية ضد أطراف أوروبية تقايض المغرب حول ثرواته الطبيعية في أقاليمه الجنوبية»، وهو «اعتراف من الاتحاد الأوروبي بإدراج الصحراء المغربية في الاتفاقات الدولية». ويرتبط المغرب بعشرات الاتفاقات التجارية والاقتصادية والمناطق الحرة مع 56 دولة، منها الولاياتالمتحدة وروسيا وتركيا والصين، ودول عربية وأفريقية وإسلامية وفي أميركا اللاتينية، تُدرِج جميعها المناطق الصحراوية ضمن الحدود المغربية. وأفادت المصادر بأن «وزراء خارجية دول كبيرة في الاتحاد الأوروبي أشادت في لوكسمبورغ، بعلاقاتها مع الرباط وبأهمية اتفاق الصيد البحري مع المملكة المغربية، وإنها «تمثل مصلحة مهمة للاتحاد الأوروبي اقتصادياً وتجارياً وأمنياً وثقافياً، وتسمح لنحو 120 سفينة ل11 دولة أوروبية بالصيد» في المياه المغربية. وحلل وزراء أوروبيون تفاصيل الدعم الذي يقدمه الاتحاد للمغرب في مجال الصيد البحري المقدر ب40 مليون يورو سنوياً، معتبراً أن 10 ملايين هي رسوم رخص الصيد في أعالي البحار، والبقية تمول موانئ المدن الساحلية في الصحراء وتطور برنامج «هاليوتس» الذي تستفيد منه تلك الأقاليم بنسبة 66 في المئة. وكشفت مصادر أن «الأوروبيين باتوا أكثر قناعة بأهمية استقرار المغرب وتطوره في جنوب القارة العجوز، وامتداده الأفريقي والعربي والإسلامي والمتوسطي». وكان وزير الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية عزيز أخنوش، اشترط على مفاوضيه الأوروبيين في جولات قادته إلى عواصم في الاتحاد، «ضرورة تضمين الأقاليم الصحراوية في أي اتفاق جديد»، واعتبر «السيادة المغربية على الصحراء خطاً أحمر»، ما أثار مخاوف بعض الحكومات من تعثر المفاوضات في حال عدم الاستجابة لشروط المغرب، واحتمال منع مئات الصيادين وعشرات البواخر والسفن من ممارسة الصيد في مياه دافئة وفيرة الأسماك. وأعلنت الحكومة «أن الرباط ليست في حاجة إلى 40 مليون يورو التي يمنحها الاتحاد الأوروبي للمملكة، لأن هناك اتفاقات تصل إلى 35 بليون يورو»، في إشارة إلى حجم المبادلات التجارية التي تسجل فائضاً لمصلحة الطرف الأوروبي، لافتاً إلى أن «على المسؤولين الأوروبيين إدراك مصالحهم الإستراتيجية مع المغرب الذي يحمي الحدود الأوروبية الجنوبية في مجال الهجرة ومحاربة الإرهاب». وتعتبر اتفاقات التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الأقدم من نوعها في أوروبا، وتعود إلى عام 1969 زمن السوق المشتركة ب6 دول فقط. وعلى مدى خمسين عاماً تم تجديدها مرات، أهمها في إطار الشراكة وسياسة الجوار الأوروبية عام 1996، وأخرى عام 2008 بعد حصول الرباط على الوضع المتقدم، الذي هو أقل من العضوية وأكثر من الشراكة. لكن الاتفاقات الزراعية والصيد البحري غالباً ما تكون محط جدل وخلاف بسبب تعارض مصالح أطراف عدة حتى داخل الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن الدول ال11 المعنية مباشرة باتفاق الصيد البحري ضغطت (في اجتماع لوكسمبورغ)، في اتجاه انتزاع اعتراف بأحقية المغرب في سواحله الصحراوية لتسهيل التوصل إلى اتفاق صيد جديد. وتلح جمعيات الصيادين بالإسراع في إطلاق مفاوضات قريباً مع المغرب للتوصل إلى اتفاق للصيد البحري، يجدد الاتفاق الحالي الذي ينتهي في 14 تموز (يوليو) المقبل. ويملك المغرب سواحل تتجاوز 3500 كيلومتر منها نحو 3000 على المحيط الأطلسي، وداخل منطقة بحرية خالصة بمساحة 200 ميل، ما يجعله في المرتبة 25 عالمياً في اقتصاد البحار، والأول عربياً وأفريقياً بإنتاج يقدر ب1.5 مليون طن من الأسماك، غالبيتها تصدر إلى أسواق الاتحاد الأوروبي القريبة.