يتجه الاتحاد الأوروبي والمغرب إلى إطلاق مفاوضات جديدة حول موضوع الصيد البحري، بدلاً من الاتفاق الحالي الذي ينتهي منتصف تموز (يوليو) المقبل، والذي يسمح لنحو 119 باخرة وسفينة أوروبية بالاصطياد في سواحل المغرب الممتدة على مسافة 3500 كيلومتر. ووافقت المفوضية الأوروبية على بدء مفاوضات قريباً مع الرباط، للتوصل إلى تجديد اتفاق الصيد البحري، الذي تعتبره بروكسيل جزءاً مهماً من اتفاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية مع الجار الجنوبي الذي يتمتع بوضع الشريك المفضل منذ العام 2008. وأفادت مصادر، بأن «قرارها الجديد يهدف إلى الحفاظ على الشراكة في قطاع الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وتطويرها في المجالات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، بما يتوافق مع القانونين الدولي والأوروبي». واعتمدت المفوضية أخيراً قراراً بتجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب يشمل المناطق الجنوبية، ويحتاج القرار إلى مصادقة المجلس الأوروبي نهاية الشهر الجاري. وكانت محكمة بريطانية طلبت الشهر الماضي رأياً قضائياً من محكمة العدل الأوروبية، حول ما إذا كان اتفاق الصيد البحري السابق يشمل المناطق الساحلية الصحراوية في جنوب المغرب. وكاد قرار المحكمة الأوروبية يعصف بآمال تجديد اتفاق جديد، بعدما تشبثت الرباط بسيادتها الكاملة على ترابها وسواحلها، وألزمت الطرف الأوروبي بشروطها في مقابل أي تجديد محتمل في قطاع الصيد البحري، الذي يحتل فيه المغرب المرتبة 25 عالمياً والأولى أفريقياً وعربياً بإنتاج نحو 1.5 مليون طن من الأسماك. وأعلنت المفوضية الأوروبية، أن «المغرب شريك كبير للاتحاد الأوروبي ويستفيد من وضع متقدم في إطار سياسة الجوار الأوروبية، وتربطنا مع المملكة اتفاقات شراكة تعود إلى تسعينات القرن الماضي». ورأت أن تجديد اتفاق الصيد البحري «مفيد للطرفين ويسمح بالتنمية المستدامة لقطاع الصيد البحري «أليوتيس» من خلال المساهمات التي يقدمها الاتحاد والمقدّرة ب160 مليون يورو في الاتفاق السابق الموقع عام 2014 وينتهي في 14 تموز (يوليو) المقبل. وكان المغرب انتزع اعترافاً أوروبياً سابقاً بسيادة الأراضي في مجال اتفاق التبادل الزراعي مطلع عام 2016، بعدما قضت محكمة أوروبية بعدم شمول الاتفاق المناطق الصحراوية، محط نزاع في الأممالمتحدة. لكن الطعن الذي قدمته المفوضية أمام المحكمة الأوروبية أنصف المغرب. واعتبر الاتفاق الزراعي مشروعاً ويجب أن يشمل مناطق المملكة كاملة. وفي 27 شباط (فبراير) الماضي، صدر حكم قضائي أكد أن اتفاق الصيد البحري لا يزال ساري المفعول، ولا شيء يعارض تطبيقه في مياه المغرب الجنوبية. وأكدت مصادر دبلوماسية ل «الحياة»، أن «أي دولة في الاتحاد الأوروبي لم تعارض اتفاق شراكة اقتصادية أو سياسية أو تجارية أو ثقافية أو رياضية أو أمنية مع المغرب، لكن توجد لوبي ومصالح لأطراف مختلفين، قد تكون داخل الاتحاد أو خارجه، تشوش أحياناً على هذا النوع من التعاون، من دون أن تنجح في تقويضه». وأكدت وزارة الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات مشروعية الحقوق المغربية في الاتفاقات الموقعة مع الطرف الأوروبي، ولا تمكن المساومة عليها. كما أن اتفاق الصيد البحري إما أن يكون شاملاً لكل مناطق المغرب أو لا يكون. وسبق للرباط أن شددت على موقفها المبدئي، بعدم توقيع أي اتفاق على حساب الوحدة الوطنية. وأعلنت المفوضية الأوروبية أن المناطق الصحراوية في العيون بوجدور والداخلة، حظيت ب66 في المئة من الدعم المخصص لتطوير الصيد المحلي في برنامج «أليوتيس»، ما يجعل اتفاق الصيد البحري يساهم في تطوير حياة السكان المحليين الذين تصطاد البواخر الأوروبية قبالة سواحلهم. ويُتوقع أن تتعرض بعض الحكومات الأوروبية خلال الأسابيع المقبلة، إلى ضغوط من نقابات الصيادين للإسراع في تجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب، الذي تعتبره حيوياً للقطاع ومصدر عيش لآلاف الصيادين والعاملين في صناعة السفن منذ عهود. ويسعى المغرب إلى زيادة عدد العاملين في مجال الصيد إلى نحو نصف مليون شخص، وتحقيق فائض قيمة يتجاوز 22 بليون درهم وصادرات أسماك تتخطى 3.5 بليون دولار. ومنذ مدة، أصبح المغرب يراقب نشاط سفن الصيد الأوروبية عبر الأقمار الاصطناعية التي أطلقها بالتعاون مع فرنسا، لمراقبة حركة السفن ومدى احترامها لاتفاق الصيد في مجال البيئة والثروات البحرية. ويعتقد محللون أن المغرب يملك أوراقاً قوية في مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي، حول اتفاقات الصيد البحري والتبادل الزراعي بسبب حاجة الطرف الأوروبي إلى السواحل المغربية الدافئة الغزيرة الأسماك. وتملك الرباط خيارات أخرى لتحويل أسواقها إلى روسيا، الساعية إلى كسر الحصار الأوروبي على أوكرانيا، وتجد في المغرب مخرجاً وبديلاً غذائياً. في حين لا تستطيع الحكومات الأوروبية مقاومة نقابات الصيادين في أكثر من 20 بلداً، ولا ترى بديلاً من السمك والمياه المغربية.