قد يكون حضور ليبيا اجتماع منظمة "البلدان المصدرة للبترول" (أوبك) غداً الأربعاء غريباً بالنسبة لعضو في المنظمة، إذ تأتي للمرة الأولى تأتي إحدى الدول الأعضاء وجعبتها شبه خالية من أي نفط يمكن بيعه. وفي الوقت الذي تعاني فيه ليبيا من أسوأ أزمة تعيشها منذ اطاحت معمر القذافي عام 2011، باتت أجواء التشاؤم تحل محل الحديث المبكر عن الاستئناف السريع للإنتاج، لتستمر "أوبك" في خسارة أكثر من مليون برميل يومياً من إمداداتها. وقال وزير النفط الليبي عمر الشكماك لدى وصوله إلى فيينا أمس الاثنين لحضور الاجتماع، إن الإنتاج يقل عن 200 ألف برميل يومياً، وهو ما يمثل جزءاً ضئيلا من 1.6 مليون برميل كانت تنتجها بلاده يومياً قبل اندلاع الصراع في 2011. وذكر العضو المنتدب لدى "ميناس" للخدمات الاستشارية تشارلز جوردون، ان "الحكومة لن تتمكن من التصدير بشكل طبيعي حتى تحكم سيطرتها على الأمور"، مضيفاً انه "من المستبعد أن يزيد إنتاج النفط الليبي بصورة كبيرة خلال الأشهر الستة المقبلة." وساهم غياب النفط الليبي تقريباً عن الأسواق العالمية في استقرار أسعار النفط داخل نطاق ضيق حول 110 دولارات للبرميل، وهو مستوى مريح ل"أوبك". ويتوقع عدد قليل من المحللين أن تغير المنظمة المستوى المستهدف لإنتاجها لباقي العام. وأغلق مسلحون مرافيء وحقول النفط الرئيسية في ليبيا منذ الصيف الماضي، الأمر الذي قلص الإنتاج بشدة. وسحبت شركات النفط الأجنبية موظفيها وجمدت أنشطة التنقيب، بينما تحول مستوردو النفط الليبي في أوروبا إلى موردين آخرين بحثاً عن إمدادات أكثر استقراراً. ولقي قرار المحكمة العليا الليبية أمس بعدم دستورية انتخاب المؤتمر الوطني العام (البرلمان) لأحمد معيتيق رئيسا للوزراء ترحيباً من مسلحين يسيطرون على ميناءي الصدر وراس لانوف، أكبر مرفأين لتصدير النفط في ليبيا، وهو ما يعزز الآمال بقرب التوصل إلى اتفاق لإعادة فتح منشآت التصدير الرئيسية. ولكن حتى إذا تم التوصل لاتفاق على إعادة فتح جميع الموانئ والحقول، يقول مسؤولون في المؤسسة "الوطنية للنفط الليبية" إنه سيكون من الصعب تحديد حجم الأضرار التي ألحقها الإغلاق بالبنية التحتية النفطية بالفعل، أو الفترة المطلوبة للعودة إلى الطاقة الإنتاجية قبل الحرب. ومن الناحية الفنية لا يزال بوسع ليبيا ضخ ما يزيد عن مليون برميل يوميا، لكن الرئيس الجديد للمؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله قال إنه سيتم زيادة الصادرات تدريجياً، وبالتعاون مع "أوبك". وسيسهم ذلك في تجنب هبوط مفاجيء للأسعار. وفي مؤتمر عقد في لندن الشهر الماضي حول قطاع الطاقة الليبي، ركزت المناقشات على خطط إصدار قانون جديد للنفط وتعزيز الإنتاج وتحديث خطوط الأنابيب، متجاهلة حقيقة أن الدولة لا يمكنها حتى ضمان تدفق الخام. وقال ايريك أودينوت من مجموعة "بوسطن للخدمات الاستشارية"، "إنه سوق يصعب كثيراً التنبؤ بتحركاته"، مضيفاً انه "ليس بمقدور أي شخص حقا أن يضع استراتيجية لليبيا في وقت لا تشهد فيه أي استقرار بالمرة."