تصدّرت الأوضاع على حدود غزة سلم أولويات اجتماع مجلس الأمن مساء أول من أمس، لا سيما مع استمرار العنف من الجانب الإسرائيلي ضد «مسيرات العودة الكبرى» السلمية، والعدد الكبير من الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. وعلى رغم استحواذ الملف السوري مساحة النقاش في الجلسة، لم تغب الأحداث في القطاع عن مداخلة الأمين العام للأمم المتحدة، الذي جدد المطالبة بفتح تحقيق مستقل وشفاف فيها، لتتماهى مع رؤية السلطة الفلسطينية في هذا الشأن. في المقابل، أعلن جهاز التحقيق التابع للجيش الإسرائيلي تشكيل لجنة لتقصي حقائق الأحداث على الحدود، ما وضعه «مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان» (بتسيلم) في خانة «الأغراض الدعائية الهادفة إلى منع تحقيق دولي». وجدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام مجلس الأمن، دعوته إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف في شأن أعمال العنف في غزة التي «أوقعت قتلى وجرحى من دون طائل». وطالب «الأطراف بالامتناع عن أي عمل يمكن أن يوقع ضحايا جدداً، وعن كل إجراء يمكن أن يعرض المدنيين للخطر»، معتبراً أن «هذه المأساة تؤكد الطابع الملحّ لإعادة إطلاق عملية السلام من أجل حل الدولتين الذي سيتيح للفلسطينيين والإسرائيليين العيش في دولتين ديموقراطيتين جنباً إلى جنب في سلام وأمن داخل حدود معترف بها من الجميع». وأيّدت الكويت موقف غوتيريش، وقال مندوبها الدائم لدى الأممالمتحدة السفير منصور العتيبي: «إننا نشاطر الأمين العام قلقه مما تمر به منطقة الشرق الأوسط من أزمات وتحديات ومخاطر على السلم والأمن الدوليين، وفي مقدّمها القضية الفلسطينية وممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة وانتهاكاته المستمرة القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة كمثال صريح على ذلك». وأوضح أن «آخر هذه الانتهاكات تجلى في قمع التظاهرات السلمية في غزة، واستخدام القوة المفرطة التي أسفرت عن استشهاد 36 فلسطينياً وإصابة حوالى أربعة آلاف منذ انطلاقة المسيرات». وخلال الاجتماع، سلم المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأممالمتحدة رياض منصور رسالة مكتوبة إلى غوتيريش ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لشهر نيسان (أبريل) (بيرو)، لتوضيح حقيقة ما يجري على الأرض وسلمية التظاهرات والتجمعات، والاعتداءات الإسرائيلية عليها. ولفت منصور في رسالته، إلى أن الاحتجاج على استمرار الاحتلال والاضطهاد الإسرائيلي غير القانوني هو حق مشروع»، مؤكداً أن «إسرائيل، كقوة محتلة، ملزمة باحترام حقوق الإنسان، غير أنها تواصل استهداف المدنيين بشكل متعمد، ما يرقى إلى مستوى الانتهاكات الجسيمة لاتفاق جنيف الرابع». وجدد مطالبة المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن، ب «العمل على ضمان المساءلة عن الانتهاكات التي ترتكبها السلطة القائمة بالاحتلال، ومحاسبة مسؤوليها على جرائمهم»، كما طالبه ب «التزام واجبه القانوني في ضمان حماية المدنيين». وفي رام الله، طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات، ب «الإسراع في فتح تحقيق دولي بجرائم الاحتلال، ووقف عدوانه المنظم والمتواصل على المدنيين العزّل»، محمّلاً مجلس الأمن والمجتمع الدولي «مسؤولية الحفاظ على حياة شعبنا وأمنه». ولفت عريقات في بيان أمس، إلى أن القوات الإسرائيلية «لا تستهدف فقط الأطفال والنساء والمدنيين، بل تتعمد استهداف الصحافة الدولية والفلسطينية، لمنع كشف الوجه الحقيقي للاحتلال وفضح جرائمه، كما تستهدف الكوادر الطبية والمسعفين في خرق صارخ للقانون والشرعية الدولية». وأكد أن «إصابة أكثر من تسعة من الكوادر الصحافية بالرصاص المعدني والغاز المسيل للدموع، يتطلب من المنظمات الدولية والحقوقية الدفع بفتح تحقيق بجرائم الاحتلال بحق الصحافيين، وتأمين الحماية الدولية العاجلة لهم ولأبناء شعبنا».