كشف الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين، أن القمة العربية التي تستضيفها مدينة الظهران السعودية ستشهد تحولاً نوعياً في العمل العربي وستمثل موقفا موحدا وصلبا تجاه قضايانا المختلفة، لافتاً إلى أن نجاحها هو دعم للمنظمة التي تستفيد دائما من أي جهد يصب في صالح العالم العربي الذي هو بالضرورة جزء مهم ومركزي في العالم الإسلامي الأشمل. وأشار إلى ما وصفه ب «ثلاثة محاور» تتبعها المملكة العربية السعودية في المواجهة والتصدي لأية حركات إرهابية متطرفة في أي مكان بالعالم. وقال في حوار مع «الحياة»: «إن المملكة العربية السعودية هي الدولة الأولى إسلامياً في جبهة مكافحة الإرهاب وخطاب الكراهية، ليس من الآن، وإنما منذ زمن طويل، ومن الطبيعي أن تضطلع المملكة بهذه الريادة، لمكانتها الدينية بين المسلمين، وللمكانة التاريخية التي تحظى بها في القضايا التي تهم الإسلام والمسلمين، وكذا كونها من أول الدول المسلمة التي عانت من الإرهاب والعنف». وأضاف أن «للمملكة باعا طويلا في مكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف منذ زمن، لذا نلمس، وأيضا بقية المنظمات الدولية، حرص قيادة المملكة الشديد على التصدي لأية حركة متطرفة هدفها تعكير الأمن وسفك دماء المسلمين في أي مكان في العالم». فإلى نص الحوار: ستحضرون «قمة الظهران» العربية.. ما الذي تأملونه منها باعتبار أنكم تتشاركون مع جامعة الدول العربية جملة من قضايا المنطقة؟ - نحن على اتصال دائم مع جامعة الدول العربية، فلدينا لجنة مشتركة واجتماعات سنوية ودورية، بهدف التنسيق والتشاور وتبادل الخبرات، ونحن نتعاون في كثير من الملفات، ناهيك عن أن الدول الأعضاء في الجامعة العربية تشكل المجموعة العربية بمنظمة التعاون الإسلامي، كما أن المنظمة عضو مراقب في الجامعة كما هي الجامعة كذلك عضو مراقب لدى المنظمة، ونحن في المنظمة نولي الجامعة أهمية كبيرة باعتبارها البيت العربي الجامع، وهي منظمة إقليمية رافدة ومهمة لنا، نعوّل عليها في الكثير من القضايا المشتركة. وفي الحقيقة، أنا أنظر إلى قمة الظهران نظرة ذات دلالات، لكونها تنعقد في المملكة العربية السعودية، الدولة العربية ذات الثقل الأكبر، التي تقود العمل العربي المشترك في ركاب قيادتها لمسيرة العمل الإسلامي من خلال منظمتنا، وما من شك أنه سيكون لهذه القمة زخمٌ كبير يستفيد بقوة من الدعم الذي تقدمه المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، والذي نلمسه نحن في المنظمة ونراه جلياً في الحضور القوي للمملكة في القضايا العربية. كما أن القمة تكتسي أهمية خاصة وأنها تأتي في وقت دقيق وصعب تمر به المنطقة العربية التي تعجّ بالأزمات والحروب. وأعتقد أن القمة ستشهد تحولاً نوعياً في العمل العربي، وستكون إضافة نوعية تضفي موقفاً موحداً وصلباً تجاه قضايانا المختلفة، خاصة وأن نجاح قمة الظهران هو دعم لنا في المنظمة التي تستفيد دائماً من أي جهد يصب في صالح العالم العربي، الذي هو بالضرورة جزء مهم ومركزي في العالم الإسلامي الأشمل. وأنتهز هذه الفرصة لأعبّر عن أصدق تمنياتي بالتوفيق والسداد للمملكة العربية السعودية في استضافتها القمة، وللقادة والزعماء العرب في مساعيهم النبيلة نحو تذليل العقبات في سبيل الوصول إلى موقف موحد وجامع. المملكة ونشر الوسطية كيف ترون دور المملكة في نشر الوسطية والتسامح ونبذ العنف والتطرف ومكافحة الإرهاب؟ - نحن في المنظمة نعتبر المملكة العربية السعودية الدولة الأولى إسلامياً في جبهة مكافحة الإرهاب وخطاب الكراهية، ليس من الآن وإنما منذ زمن طويل، ومن الطبيعي أن تضطلع المملكة بهذه الريادة، لمكانتها الدينية بين المسلمين وللمكانة التاريخية التي تحظى بها في القضايا التي تهم الإسلام والمسلمين، وكذا كونها من أول الدول المسلمة التي عانت من الإرهاب والعنف، وللمملكة باع طويل في مكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف منذ زمن، لذا نلمس، وأيضا بقية المنظمات الدولية، حرص قيادة المملكة الشديد على التصدي لأية حركة متطرفة هدفها تعكير الأمن وسفك دماء المسلمين في أي مكان في العالم. ويمكنني إيجاز جهود قيادة المملكة في محاربة الإرهاب وبث خطاب الوسطية في محاور رئيسة ثلاث، هي الجهد السياسي، والجهد الفكري والعلمي، والدعم المالي. ففي الأول دعمت قيادة المملكة كل جهد من طرف منظمة التعاون الإسلامي أو أية مبادرة سياسية لمكافحة الإرهاب والحد منه، وكانت عنصراً فاعلاً فيها، بل ومؤسساً في كثير منها، وهي أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي بمنظمة التعاون الإسلامي في أيار (مايو) عام 2000، إضافة إلى إطلاق مبادرات عالمية لمكافحة العنف والتطرف، ولعل «إعلان الرياض» الشهير الصادر عن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، المنعقد في مدينة الرياض في شباط (فبراير) 2005، بمشاركة أكثر من 50 دولة، أكبر دليل على المبادرات العالمية التي قادتها المملكة، وكان لمنظمة التعاون الإسلامي دور كبير في هذا الحدث العالمي. كما تقدمت المملكة بمبادرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، تدعو لتشكيل فريق عمل لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، يهدف إلى تبادل المعلومات والخبرات بين الدول، وإيجاد قاعدة بيانات ومعلومات أمنية تستفيد منها الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب. وكان ذروة هذه الجهود تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب سنة 2015، الذي جمع كثيرا من الدول الأعضاء في المنظمة تحت مظلة واحدة موحدة لمواجهة خطر الإرهاب. أما في ما يتصل بالجهد الفكري والعلمي، فلا نبالغ في القول إذا أشرنا إلى أن أكبر، بل وأكثر الجهود العلمية والفكرية في مواجهة الإرهاب والعنف، من وجهة نظرنا، هي جهود صادرة عن المملكة العربية السعودية، ومقدرة من الدول الأعضاء في المنظمة، فلم يفتأ علماؤها الأفاضل يتصدون، من خلال الفتاوى ذات الحجج والبراهين، للمزاعم التي تتخذ الصيغة الدينية الباطلة التي تقوم الجماعات الإرهابية المضللة بالترويج لها ونشرها. أما على مستوى العمل المؤسساتي، فنلحظ أن المملكة سبّاقة، من خلال تأسيسها «مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة»، الذي كان له دور كبير في مقارعة الخطاب المتطرف، ومركز «سكينة»، و»مركز الحرب الفكرية» ومركز «اعتدال» و»مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال»، كما تحتضن المملكة مركز صوت الحكمة التابع لمنظمة التعاون الإسلامي وتدعمه سياسياً ومالياً، ويعمل هذا المركز على عقد اتفاقات تعاون مشتركة بينه وبين المراكز المتخصصة كافة الموجودة في المملكة وبقية الدول الأعضاء، وأنا شخصيا أعتبر اجتماع هذه المراكز كافة في دولة واحدة، وهي المملكة، دليل على الدور البارز لهذه الدولة في محاربة التطرف ونشر الفكر المعتدل والوسطي. وعلى صعيد الدعم المالي، تعودنا هنا في المنظمة على كرم قيادة المملكة في دعم أي مشروع داخل المنظمة وخارجها، يهدف إلى خدمة الأمن والسلام العالميين، ولعلي أكتفي بمثالين بارزين، هما: دعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله) السخي للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب، بمبلغ مئة مليون دولار، لتفعيل نشاطاته وتجسيد مشاريعه. كما أعلنت المملكة في كانون الأول (ديسمبر) 2017 مساهمتها بمبلغ 100 مليون يورو لتعزيز جهود التصدي للجهاديين في أفريقيا جنوب الصحراء، في سعي منها إلى وقف تمدد تنظيم «داعش» في جغرافية جديدة، بعد أن قضى التحالف الدولي - الذي أسهمت فيه السعودية بكل جهودها - على بعض مراكزه، وباركنا هذا الإسهام كونه يسهم في تحقيق برنامج عمل المنظمة 2025، وتسهل تحقيق أهدافه الساعية إلى تحقيق السلام والأمن في الدول الأعضاء كافة، ومن بينها الدول المسلمة في جنوب الصحراء. كما أعبر عن تقديري للتصريحات المتواصلة للأمير محمد بن سلمان، بشأن حرص المملكة وتصميمها على مكافحة الإرهاب، ونشر الإسلام الصحيح النقي. الحفاظ على الوحدة الإسلامية في ظل كل هذه الملفات المهمة في الساحة الإسلامية هل تقوم «المنظمة» بدورها وواجباتها؟ - بداية أود أن أشير إلى أن تأسيس «منظمة المؤتمر الإسلامي»، كما كانت تعرف سابقا، أو منظمة التعاون الإسلامي، كما تعرف الآن، كان بدور تاريخي قام به الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز (رحمه الله) في جهد وتنسيق مشترك مع الملك الراحل الحسن الثاني، فكانت الانطلاقة بفكرة ودعم سعودي يهدف إلى تعزيز التضامن الإسلامي ورص صفوف الدول الإسلامية، لما فيه خيرها وقوتها. والمملكة العربية السعودية حجر الأساس في المنظمة والانطلاقة والمظلة والرعاية. فهي، إضافة إلى أنها دولة المقر للأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بمدينة جدة، فإنها تستضيف كذلك عددا من المنظمات المتفرعة والمتخصصة والمنتمية، مثل البنك الإسلامي للتنمية، واتحاد وكالات الأنباء الإسلامية، واتحاد الإذاعات الإسلامية، وصندوق التنمية الإسلامية، واتحاد الغرف الإسلامية، وغيرها من المنظمات، في العاصمة الرياض ومدينة جدة، وهي منظمات تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي. وإننا على ثقة في دعم القيادة، متمثلة بخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز للمنظمة، ووقوفها مع القضايا العادلة لدولها الأعضاء، ومواصلتها تقديم كل ما تحتاج إليه المنظمة من دعم مالي أو معنوي أو لوجستي. وأود في هذه السانحة، أن أجزل شكري للمملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على كل الدعم الذي يقدمانه للمنظمة لكي تواصل أداء مهمتها في خدمة الأمة الإسلامية. دعم القضية الفلسطينية في منظمة التعاون الإسلامي كيف ترون حجم الاهتمام السعودي بالقضية الفلسطينية؟ - أخذت المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الدول الإسلامية على عاتقها دعم القضايا العربية والإسلامية كافة، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، التي حظيت باهتمامها المستمر في مختلف المراحل، ومساندتها اللامشروطة على الأصعدة كافة. ولعبت المملكة دوراً تاريخياً بارزاً في دعم نضال الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده، ومناصرة حقوقه المشروعة، وتثبيتها، والدفاع عنها في المحافل الدولية، إذ قادت المملكة حملات الدعم، من خلال تبني وتأييد مشاريع القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، إضافة الى الجهود السياسية والدبلوماسية التي تبذلها المملكة مع الأطراف الفاعلة، للضغط على إسرائيل، لحملها على احترام مسؤولياتها بموجب قرارات الشرعية الدولية، الى جانب مواقفها الداعمة والثابتة التي واصلت تأكيدها أثناء الاجتماعات والمؤتمرات الدولية المتعددة. وقدمت المملكة مبادرات عدة لحل القضية الفلسطينية، منطلقة من الاهتمام والمكانة الخاصة التي تحظى بها القضية الفلسطينية، والتي كان آخرها مبادرة السلام العربية عام 2002، التي تبنتها منظمة التعاون الإسلامي أيضا، لتشكل إطاراً ناظماً للموقف العربي والإسلامي، وتجسد إجماعاً على رؤية سياسية إسلامية موحدة تجاه دعم حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني، ومساندة الجهود الدولية لتحقيق السلام القائم على رؤية حل الدولتين، استنادا الى قرارات الشرعية الدولية. كما واصلت المملكة، على المستويين الرسمي والشعبي، تقديم الدعم المادي السخي لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، إذ عملت المملكة على إنشاء عدد من الصناديق العربية والإسلامية لدعم الشعب الفلسطيني، في إطار جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والتزمت تسديد مساهماتها المالية المستحقة بموجب القرارات الصادرة عنها. وأستذكر هنا ما قدمته المملكة من خلال وكالات الاممالمتحدة المتخصصة، بما فيها وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وذلك من تمويل سخي للبرامج الإنسانية والصحية والتعليمية والاقتصادية، التي تنفذها لمصلحة الشعب الفلسطيني. كما تضطلع المملكة بدور فاعل، من خلال المشاركة في رعاية أنشطة منظمة التعاون الإسلامي ومؤسساتها المختلفة، لخدمة القضية الفلسطينية. وتسهم المملكة، من خلال عضويتها في لجنة القدس التي انشئت في إطار المنظمة، إسهاماً إضافياً في خدمة قضية القدس، من خلال ما تضطلع به من مهمات، وما تبذله من جهود سياسية لإبقاء القضية فاعلة في مفكرة المجتمع الدولي، والضغط من أجل تنفيذ القرارات في شأن القدس، المصادق عليها من مختلف الهيئات والمحافل الدولية، ولا نغفل ما تقوم به الرياض من اتصال دائم بالدول الفاعلة والمنظمات الدولية، التي قد تسهم في حماية المدينة المقدسة وتثبيت هويتها ووضع حد لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحقها. أزمة الروهينغا يعاني الروهينغا أزمة دولية خطرة.. ما هي الجهود المبذولة لحمايتهم؟ - من خلال عملنا معا في الأمانة العامة، وتواصلنا الدائم مع الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، فإنني ألمس بصورة مباشرة كيف أن المملكة العربية السعودية تشعر بقلق كبير، وهي تعرب عن إدانتها الشديدة تجاه القمع والتهجير القسري، الذي تمارسه الحكومة الميانمارية ضد أقلية «الروهينغا» المسلمة. فالمملكة العربية السعودية كانت من أوائل الدول التي استضافت المهجّرين من أبناء الروهينغا في ستينات القرن الماضي، حتى وصل عددهم طبقاً لبعض الإحصاءات إلى 300 الف، ما يجعلها على تماس دائم مع هذه القضية، كما سارعت - أخيرا - باتخاذ قرار منحهم الإقامة الدائمة، تسهيلا لهم وتذليلا للعقبات التي يواجهونها. ودأبت المملكة تدعو حكومة ميانمار إلى احترام التزاماتها وحماية حقوق الإنسان، من خلال وقف سياسة التمييز والاضطهاد والإبادة ضد مسلمي الروهينغا، وضرورة عودة اللاجئين إلى مناطقهم واسترداد حق المواطنة، إذ تتنافى هذه الأساليب والمجازر المروعة، التي تمارسها حكومة ميانمار ضد الروهينغا المسلمة، مع القيم الإنسانية والقوانين الدولية كافة. وما من شك في أن المملكة تضع في مقدمة أولوياتها ملف قضية الروهينغا المسلمة، وتأخذ على عاتقها الدفاع عن قضيتهم في المحافل والمؤتمرات الدولية، ضمن جهد مشترك ومتكامل مع المجموعة الإسلامية في الأممالمتحدة. ودور المملكة العربية السعودية، منذ بداية هذه الأزمة، لم يقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل تدخل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، شخصيا لدى الدول المجاورة لميانمار، بما في ذلك تواصله مع حكومة بنغلاديش، لفتح المعابر لهم، وتكفله بتقديم دعم سخي، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، إذ صدر التوجيه السامي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى المركز بتخصيص مبلغ 15 مليون دولار لمهاجري الروهينغا. والمركز يقوم كذلك بزيارات تفقدية للاجئين الروهينغا في مخيمي «بالوكالي وكوتا بولونق» في بنغلاديش، وبالتنسيق مع الجهات الحكومية البنغلاديشية والمنظمة الدولية للهجرة، كما أنه يدرس تنفيذ مشاريع مخيمات للاجئي الروهينغا في مدينة كوالالمبور. مواجهة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» هل من علاقة بين ظاهرة الإسلاموفوبيا والإرهاب من وجهة نظركم؟ - نظراً لارتباط ظاهرة الإسلاموفوبيا ارتباط السبب بالمسبب مع ظاهرة الإرهاب، ولكونهما وجهين لعملة واحدة، فإن جهود قيادة المملكة في محاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا – من وجهة نظرنا في منظمة التعاون الإسلامي - تأتي عادة في سياق جهود المملكة في محاربة التطرف والعنف والإرهاب، ونظراً للريادة الدولية للمملكة في محاربة الإرهاب، فإن جهود المملكة في محاربة الإسلاموفوبيا تعد رائدة بالضرورة. ومن أبرز ما قامت به المملكة في هذا الإطار تأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العاصمة فيينا، وفق استراتيجية تساهم في دحض الصور النمطية عن المسلمين، وأود أن أؤكد أن هناك تعاوناً مستمراً بين منظمة التعاون الإسلامي والمركز. ويعكس وعي قيادة المملكة بمدى تأثير ظاهرة الإسلاموفوبيا في تعايش الثقافات واستقرار وأمن المسلمين في المجتمعات الغربية؛ وإدراك القيادة الحكيمة لدورها الحضاري والديني في الدفاع عن قضايا المسلمين أينما عاشوا ووجدوا، ويمكن التدليل على هذا الوعي بالجهود الجبارة التي تبذلها المملكة من خلال الشعار الذي تتبناه الدبلوماسية السعودية، المتمثل في «تعزيز مفهوم الأسرة الإنسانية». وعودتنا قيادة المملكة على احتضان وتبني أي مؤتمر أو نشاط تطلقه المنظمة في سبيل مكافحة الإسلاموفوبيا، وعلى سبيل المثال احتضنت المملكة في كانون الثاني (ديسمبر) 2016 أعمال الدورة ال 11 للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام لدول منظمة التعاون الإسلامي، بشعار «دور وسائل الإعلام المتجدد في مواجهة الإرهاب والإسلاموفوبيا»، وركز الاجتماع على رسم سياسات مشتركة للدول الأعضاء عبر وسائل الإعلام وبخاصة الحديثة، لمواجهة هذه الظاهرة الخطرة على السلم العالمي. كما أن زيارات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى كل من مصر وبريطانيا والولايات المتحدة، وتصريحاته للإعلام حول الإسلام المعتدل، أعطت دفعة قوية للحوار والتعايش، من خلال لقائه بالقيادات الدينية والفكرية، مما يسحب البساط من تحت ذوي الأجندات المتطرفة والمأزومة، والدفع نحو وفاق يسمح ببناء جسور من الثقة والاتصال الإيجابي.