تواصلت صباح أمس أعمال إخماد الحريق الكبير الذي اشتعل في مبنيين تجاريين على طريق المدينة في حي البغدادية الغربية، تعود ملكيتهما لإحدى الشركات الكبرى، بعد أن اندلعت النيران فيهما مغرب أول من أمس السبت. وأتى الحريق على كامل طوابق المباني ومحتوياتها، فيما نجحت جهود الدفاع المدني في إجلاء 11 شخصاً حاصرتهم النيران إلى مبنى مجاور. ووجه مدير الدفاع المدني في محافظة جدة العميد عبدالله جداوي تهمة التقصير للمسؤولين عن أعمال الصيانة والتشغيل في المباني المحترقة، التي لم تعمل فيها أجهزة إنذار الحريق أو الرش، خصوصاً وأنها أُُبلغت وأنذرت أكثر من مرة من جانب الدفاع المدني ولم تتجاوب لهذه الإنذارات. وأوضح العميد جداوي في حديثه إلى «الحياة» من موقع الحادثة، أن طبيعة المبنى المكون من الهياكل المعدنية والأسقف المستعارة وسرعة الرياح أسهمت في سرعة اشتعال الحريق وانتشاره إلى بقية طوابق المبنى وانتقالها للمبنى الملاصق، مضيفاً أنه من الصعب في مثل هذه الأنواع من المباني المغامرة بحياة رجال الدفاع المدني ودخولهم فيها، إذ يتوقع انهيارها في أي لحظة، فتتم مكافحة الحريق من خلال المعدات وسيارات الإطفاء التي يتم توزيعها من الجهات كافة. وقال جداوي: «إن فرق الدفاع المدني كانت حريصة على محاصرة الحريق، خصوصاً من الجهتين الغربية والجنوبية، لمنع وصولها إلى الأحواش والمباني في تلكما الجهتين»، مشيراًً إلى أن الفرق واجهت صعوبة في التعامل مع الحريق في الجهة الشمالية لوجود مواقف السيارات المظللة. وكشف عن استعانة إدارته بخبراء الأدلة الجنائية في شرطة المحافظة للكشف عن أسباب الحريق التي لم تحدد بعد، مشيراً إلى مشاركة 12 فرقة إطفاء وست فرق إنقاذ، وتنفيذ جزئي لخطة الدعم، نظراً إلى حجم الحريق الكبير الذي خلف خسائر مادية ضخمة. ولفت إلى أن الطيران العمودي أسهم بشكل فاعل في عمليات المسح الجوي للموقع والإخماد، إضافة إلى مساندة شركة المياه الوطنية بعدد كبير من صهاريج المياه بلغ نحو 60 صهريجاً، للتعامل مع الحادثة، حيث تعمل الفرق على تنفيذ عملية التبريد بعد السيطرة على الحريق الذي انطلقت شرارته الأولى من الطابق الثالث في المبنى الشرقي. من جهته كشف نائب الرئيس لشؤون العلاقات في شركة العيسائي عبدالحكيم السعدي ل «الحياة» أن الخسائر المبدئية نتيجة الحريق الذي أتى على كامل المبنيين تقدر بنحو بليون ريال، مضيفاً أن المباني مكونة من 23 شركة تابعة للمجموعة، ومكاتب أخرى تابعة لشركة السعيد، وتحتوي على عدد من مكاتب الخدمات والصيانة ومعارض الأجهزة ومكاتب الموظفين، إضافة إلى وجود كمية من المجوهرات والصكوك التي التهمتها النيران. وقال: «إن الحريق اشتعل خارج أوقات الدوام الرسمي للموظفين الذين ينتهي عملهم عند الساعة الخامسة عصراً، فيما اشتعل الحريق بعد أذان المغرب»، موضحاً أن الدفاع المدني انتقل إلى موقع الحادثة في وقت وجيز بعدد بسيط من الفرق، نتيجة عدم ضخامة الحريق في بداية الأمر، إلا انه لم ينف إسهام طبيعة مكونات المبنى من الحديد والأسقف المستعارة في سرعة اشتعال النيران وانتشارها في كامل المباني. من جانبه ذكر الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني في منطقة مكةالمكرمة الرائد عبدالله العمري أن فرق الدفاع المدني مازالت تواجه آثار الحريق في المباني، مشيراً إلى أن سرعة الرياح وقت اندلاع الحريق كانت 35 كيلو في الساعة ما أسهم في سرعة انتشاره. وقال: «إن المباني المحترقة تقع في محيط واحد، ويتكون أحدهما من سبعة طوابق والآخر من تسعة طوابق وتسبب الحريق في انهياره بالكامل». وأضاف أن الطيران العمودي نفذ 10 طلعات جوية لإخماد الحريق ومساندة الفرق الأرضية، مشيراً إلى أن الحادثة تسببت في إصابتين طفيفتين فقط، فيما باشرت جهات التحقيق المعاينة الفنية للحادثة وبدأت التحقيق لمعرفة ملابساتها، في حين سيبدأ خبراء الأدلة الجنائية في شرطة المحافظة في رفع عينات من الموقع لمساندة جهات التحقيق في الدفاع المدني في التوصل لأسباب الحادثة. وكانت سحب الدخان التي تسبب بها الحريق غطت مساء أول من أمس مناطق كبيرة من وسط وجنوب المحافظة، وروى عاملون تابعون للشركة شهدوا عملية الإخماد أنهم لم يتوقعوا أن يكون الحريق بهذه الضخامة، خصوصاً وأن الأدخنة في بداية الحادثة كانت تشاهد في الطابق الثالث إلا أنها انتشرت بسرعة فائقة.