ذكرت مصادر حزبية، أن ضرورات إجرائية قد تحتّم إرجاء موعد الانتخابات المحلية المغربية إلى بداية العام المقبل، فيما زادت حظوظ تنظيم الانتخابات الاشتراعية في خريف العام الجاري، وتحديداً في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وأضافت المصادر أن الفترة الانتقالية التي لن تدوم أكثر من ثلاثة أشهر لدخول الدستور الجديد حيّز التنفيذ، ستدفع الحكومة إلى استثمار عملها لتصريف مهمات إجرائية ذات علاقة مباشرة بإقرار قوانين الانتخابات والاتفاق على نمط الاقتراع وإعداد قوانين تنظيمية مكملة لمضمون الدستور الجديد. ورجحت المصادر دعوة البرلمان إلى اجتماع طارئ للتصديق على مشاريع القوانين ذات الصلة بالانتخابات المقبلة. إلى ذلك، يسود اعتقاد أن النقاش الدائر حول إجراء انتخابات سابقة لأوانها، بعد أن كانت مقررة صيف 2012، يخفي حسابات وتمنيات تطاول استشراف الخريطة النيابية المرتقبة، بخاصة وأن الدستور الجديد ينص على تعيين رئيس الحكومة من صف الحزب الحائز على صدارة الانتخابات الاشتراعية ويمنحه صلاحيات واسعة في اقتراح أعضاء حكومته والإشراف المباشر على سير الإدارة في كل المجالات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وعلى رغم أن الجدل الدائر في المنتديات الحكومية والحزبية يركز على مسائل إجرائية، فإن هناك مخاوف من أن تكون غالبية الأحزاب أقل استعداداً لخوض المنافسات الانتخابية من مواقع مريحة. ودلّ بعض الوقائع خلال حملات الاستفتاء على الدستور الجديد، أن زعامات حزبية فقدت بريقها وتعرضت لانتقادات مثيرة في مهرجانات خطابية. لكن المتفائلين من صفوف الأحزاب يرون أن مثل هذه الحالات إنما هي «معزولة» ولا تعكس الميول الحقيقية للشارع، بخاصة وأن الانتخابات الاشتراعية تختلف في جوهرها مع أي استفتاء شعبي وتستند إلى ميول الناخبين والعلاقات التي تربطهم بالأحزاب والبرامج والمرشحين. بيد أن توقعات لا ترقى إلى درجة استطلاع الرأي العام، لا تميل إلى حدوث تغيير جذري في الخريطة الحزبية الحالية، أقله أن الأحزاب التي تخوض المنافسات من موقع المعارضة ستكون أكثر حظاً من التي تخوضها من موقع المسؤولية الحكومية. وفي هذا السياق، سبق للاتحاد الاشتراكي الذي كان يقود حكومة التناوب لعام 1998 أن عوقب بتصويت سلبي في اقتراع 2007 أرداه إلى درجة دونية بعدما كان يحتل الصدارة، سيما أن حليفه في الكتلة الديموقراطية - أي حزب الاستقلال - استطاع حيازة الرتبة الأولى في الاقتراع ذاته، ما أهّله لتولي مسؤولية رئاسة الوزراء. غير أن التحالفات الحزبية التي برزت بعد انتخابات بلديات 2009، قلبت المعادلة، على خلفية دخول حزب الأصالة والمعاصرة دائرةَ المنافسات. وانتقد بعض الأحزاب في مقدمها «العدالة والتنمية» الإسلامي طبيعة تلك التحالفات، وإن بدا أن أنصار الزعيم الإسلامي عبدالإله بنكيران لم يجدوا أي حرج في التحالف والاتحاد الاشتراكي، الذي كانوا يصفونه سابقاً ب «الأخ العدو»، نظراً إلى خلافات أيديولوجية. وربما الأغرب في سياق تلك التحالفات، أن حزباً مثل «تجمع الأحرار»، الذي يشارك في حكومة عباس الفاسي، وجد نفسه يتحالف مع شريك آخر في المعارضة اسمه «الاتحاد الدستوري». إلا أن الخيمة التقليدية لتحالف «شبه كاثوليكي» ستظل قائمة بين الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والتقدم والاشتراكية، وإن كان ذلك يجعل هذه الأحزاب تفترق في طرح شروط حول تسريع إجراء الانتخابات الاشتراعية، فقد انبرى «حزب التقدم والاشتراكية» إلى طلب تغيير ولاة ومحافظين، فيما طلب «العدالة والتنمية» الشروع في تنقية الأجواء السياسية والإفراج عن معتقلين إسلاميين. بين سقف المطالب السياسية والمطالب الإجرائية، التي ستكون محور مشاورات في الأيام القليلة المقبلة، يبدو أن هناك سقفاً آخر سيظهر ويتعلّق بحرب النفوذ الحزبي، فبعدما استكانت الفاعليات الحزبية إلى دعم «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية في بداية مشوارها، رجحت مصادر عدة أن تتغير الصورة، في حال استمرار خروج الحركة إلى الشارع، لأن ذلك يجعل كافة الأحزاب مستهدفة، أو في أقل تقدير معنية بمطالب المحتجين التي ترفع شعار «إسقاط الفساد».