يسود الغموض أجواء الحوار الاميركي – العراقي في شأن الانسحاب العسكري الاميركي وسط انقسام عراقي يتمحور على شكل الوجود العسكري ما بعد نهاية السنة واقتراحات السماح بإبقاء جنود أميركيين في ظل بنود تدريب القوات العراقية وصيانة الاسلحة والمعدات ذات المنشأ الاميركي والاشراف على الامن في المناطق المتنازع عليها. واستبعد نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، التوصل الى تشريع يبرر وجود أي قوات اجنبية على ارض العراق بعد كانون الاول (ديسمبر) المقبل. واشار الى وجود عقود تسليح مع دول عدة، منها اميركا، يمكن من خلالها ايجاد غطاء قانوني لوجود خبراء التدريب. ولم تتسلم الحكومة العراقية بعد أي طلب اميركي رسمي لابقاء جزء من قواتها في العراق كما يقول مصدر حكومي. وقال الخزاعي ل»الحياة» ان «أي اتفاق جديد على تواجد قوات اجنبية في العراق يحتاج الى اصوات ثلثي البرلمان سيكون أمر جمعها صعباً». لكنه اشار الى امكان اقرار آلية غير مباشرة للوجود العسكري الاميركي بعد نهاية السنة بالقول: «يمكن ايجاد قوة (من الجيش الاميركي) معقولة تحت عناوين مستشارين او مدربين او ديبلوماسيين لكن بأعداد معقولة ووفق السياقات المعمول بها عالمياً ولا يمكن اطلاق صفة الاحتلال عليها». ولفت الى ان «العراق استورد اسلحة متعددة المصادر وبعضها اميركي مثل الطائرات وناقلات الجنود والمدرعات والدبابات، ومن شروط العقد ان على الطرف المجهز التدريب والصيانة، وبالامكان استحضار المدربين من هذا الباب». وينص الاتفاق الامني بين العراق واميركا، الموقع في الرابع عشر من كانون الاول عام 2008، على سحب جميع القوات من البلاد مع نهاية العام 2011، ورهن أي تمديد لهذه القوات بطلب تتقدم به واشنطن الى الحكومة العراقية وفق اتفاق جديد يُعقد بين الطرفين. وينص الدستور العراقي على ان اي اتفاق عسكري مع دولة اخرى يصادق عليه البرلمان بنسبة ثلثي عديد اعضائه. وأكد النائب سامي العسكري عن «دولة القانون» امس ان «الاميركيين الى الان لم يبلغوا الحكومة العراقية رسمياً رغبتهم في ابقاء اي جندي بعد نهاية هذا العام». واشار الى «وجود خطين لدى الحكومة العراقية والاميركيين «وكل يعمل ويضع خططه على حدة». ويتحدث «الاميركيون مع القوى السياسية حول مستقبل قواتهم ويقترحون الابقاء على 10 آلاف جندي، في حين للحكومة خططها في ذلك»، لكنه لم يكشف عن طبيعة هذه الخطط. لكن مصدراً حكوميا رفيع المستوى كشف ل»الحياة» امس ان «الاميركيين يخططون لابقاء 10 آلاف جندي قوة قتالية بحجة منع الصدامات المحتملة في المناطق المتنازع عليها، من جهة، وردع أي عدوان خارجي محتمل ضد العراق، اضافة الى رفع عديد موظفي السفارة الاميركية في بغداد الى 8 آلاف شخص واحضار 7 آلاف عنصر أمني لحماية السفارة ومستشاري الامن والتدريب، كما اقترحت السفارة فتح مراكز تدريبية في مناطق بسماية والتاجي ووسط بغداد، وفي أم قصر جنوب العراق واربيل في الشمال». ونشرت وزارة الخارجية الاميركية على موقعها الالكتروني الشهر الماضي خطة قدمها مكتب المفتش العام، لاستلام مهمة انسحاب قواتهم من العراق، مع مطلع تشرين الاول (اكتوبر) المقبل، تضمنت حماية السفارة في بغداد وادارة برامج تدريب الشرطة العراقية. وعن خطط الحكومة العراقية قال المصدر:»رئيس الوزراء نوري المالكي يتدارس مع المختصين في الجانبين العسكري والسياسي منذ فترة خطط استلام الملف الامني بالكامل من القوات الاميركية بعد انسحابها مع استمرار تنفيذ برامج تدريب وتأهيل القوات الامنية بالاستفادة من شروط التعاقد على الاسلحة مع الدول الاخرى ومنها اميركا كغطاء لتواجد خبراء التدريب والمستشارين الامنيين». وجدد المالكي الاسبوع الماضي تأكيده لزعيم التيار الصدري الرافض لتجديد بقاء القوات الاميركية والتزامه تنفيذ بنود الاتفاق الامني مع الولاياتالمتحدة وعدم السماح ببقاء اي قوة قتالية من قواتهم داخل البلاد. وأكد المصدر ان «مواقف القوى السنّية ما زالت منقسمة على نفسها بين داع الى التمديد للقوات الاميركية وفق ترتيبات تحد من تدخلها في الشأن العراقي وبما يمنع أي تصادم طائفي، وتعمل على تنفيذ التوازن الوطني داخل المؤسسة الحكومية، وآخر الى سحب كامل للقوات على ان تتعهد واشنطن برعاية العملية السياسية والحد من النفوذ الايراني. وتخشى هذه القوى ان تملأ ايران الفراغ بعد سحب اميركا لقواتها، وهذان الامران تتم الحوارات حولهما مع قوى متنفذة من الشيعة». ويطالب الاكراد، على لسان القيادات الكردية الرئيسة، بالابقاء على قوة عسكرية اميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها خشية تفجر الاوضاع فيها.