أعلنت الخرطوم أمس اعترافها رسمياً بجمهورية جنوب السودان التي ستولد اليوم رسمياً في حفل كبير في جوبا عاصمة الجنوب، يحضره زعماء وممثلون عن 80 دولة، بينهم الرئيس السوداني عمر البشير، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي توقف في الخرطوم أمس وتجنب لقاء البشير. وأصدرت الرئاسة السودانية قراراً بالاعتراف بالدولة الجديدة. وقال وزير شؤون رئاسة الجمهورية الفريق بكري حسن صالح في مؤتمر صحافي أمس إن «جمهورية السودان تعلن رسمياً اعترافها بقيام جمهورية جنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة وفقاً للحدود القائمة في الأول من كانون الثاني (يناير) 1956، والحدود القائمة عند توقيع اتفاق السلام الشامل في عام 2005». وأشار إلى أن قرار الاعتراف «يأتي انطلاقاً من اعتراف السودان بحق تقرير المصير لسكان الجنوب والاعتراف بنتيجة الاستفتاء الذي جرى في التاسع من كانون الثاني (يناير) الماضي وتنفيذاً لمبادئ القانون الدولي». وأكد أن حكومة الخرطوم تعلن «التزامها تنفيذ اتفاق السلام الشامل وحل القضايا العالقة مع الجنوب». وبعد ساعات من اعتراف الخرطوم، أعلنت القاهرة أن نائب رئيس الوزراء المصري الدكتور يحيى الجمل سيسلم اليوم حكومة جنوب السودان خطاب اعتراف بلاده بالدولة الجديدة، والاتفاق على خطوات فتح سفارة مصرية في جوبا وترشيح السفير. وأكد وزير الخارجية المصري محمد العرابي «مواصلة دعم مصر لدولة جنوب السودان الجديدة، واستعدادها لبذل المزيد من الجهد لمساندة شمال السودان وجنوبه في جهودهما لتسوية باقي القضايا العالقة». ويعتقد مراقبون أن اعتراف الخرطوم بالدولة الجديدة مشروط بحدود العام 1956، ما يعني أن منطقة ابيي وخمس مناطق حدودية أخرى يتنازع عليها الطرفان سيظل مستقبلها غامضاً ويمكن أن تتطور إلى نزاع سياسي وعسكري بين الدولتين يعطل تسوية القضايا العالقة الأخرى. ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أن انفصال الجنوب «مؤلم عاطفياً ومالياً». وطالب الخرطوم بالسماح لقوات حفظ السلام الدولية التي ينتهي تفويضها اليوم بالبقاء في منطقتي جنوب كردفان المضطربة والنيل الأزرق المتوترة لأسباب فنية وعملية. وتابع: «نحن لا نتحمل أية ثغرة في هذه المرحلة الحرجة». وتبنى مجلس الأمن أمس قراراً ينشئ بموجبه بعثة للأمم المتحدة في جنوب السودان قوامها سبعة آلاف جندي و900 مدني وخبير لمساعدة الدولة الوليدة. وأشار القرار إلى «الدور الحيوي للأمم المتحدة في دعم السلطات الوطنية بالتشاور الوثيق مع الشركاء الدوليين لترسيخ السلام ومنع العودة إلى العنف». وتحل البعثة الجديدة محل قوة الأممالمتحدة لكل اراضي السودان التي كان القسم الأكبر من عديدها يتواجد في الجنوب. وتم تبني القرار بالإجماع. وبينما تحدثت الاممالمتحدة عن مشاركة 900 مدني وخبير في البعثة لتوفير المساعدة الأمنية ومساعدات أخرى، قال ديبلوماسي غربي إن قوام المساعدات الدولية المنضوية في إطار الأممالمتحدةلجنوب السودان من العديد من البلدان سيبلغ إجمالاً ألفي مدني يوفرون قدرات لوجيستية. وشددت واشنطن على «أهمية» بقاء وجود للأمم المتحدة في ولاية جنوب كردفان الشمالية بعد استقلال الجنوب. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس إن بلادها «تشعر بقلق بالغ» جراء قرار حكومة الشمال المطالب بانسحاب بعثة الاممالمتحدة من «جنوب كردفان وولاية النيل الازرق واماكن اخرى في الشمال، وتلقي بكامل ثقلها الديبلوماسي في محاولة لاقناع المسؤولين في الخرطوم بأن ليس من مصلحتهم إرغام الأممالمتحدة على الانسحاب قبل الاوان». وفي الخرطوم، قررت الحكومة أمس وقف ست صحف عن الصدور، خمس منها ناطقة بالانكليزية وواحدة بالعربية، اعتباراً من اليوم بسبب أن بعضاً من مالكيها وناشريها يتحدرون من جنوب السودان. ونقل مركز صحافي قريب من المخابرات عن الأمين العام للمجلس القومي للصحافة العبيد احمد مروح أن «المجلس علق صدور خمس صحف ناطقة بالانكليزية هي «خرطوم مونيتر»، «جوبا بوست»، «سودان تريبيون»، «ادفوكيت»، و «ذا ديموقراط»، إلى جانب صحيفة «اجراس الحرية» الناطقة بالعربية».