فشل وزراء الخارجية والمياه وقادة الاستخبارات في السودان ومصر وإثيوبيا في التوصل إلى اتفاق حول القضايا الخلافية المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي خلال اجتماع ماراثوني بالخرطوم انفض بعد 13 ساعة. وعلمت «الحياة» أن المحادثات كانت شاقة وشفافة وشهدت تجاذبات حادة، تخللها تعنّت الجانب الإثيوبي ورفضه استجابة أي مطالب مصرية في شأن الدراسات الفنية وفترة ملء بحيرة السد وإدارة تشغيله، كما أوشكت المحادثات على الانهيار غير مرة، لكن تدخّل الجانب السوداني خفف من التوتر الذي ساد بعض فترات الاجتماع. وقال مسؤول قريب من المحادثات ل «الحياة» إن الأطراف الثلاثة ستعود إلى الرئيسين السوداني عمر البشير والمصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي الجديد آبي أحمد، لدرس ما تمخض عنه لقاء الخرطوم وتحديد الخطوة المقبلة. وتوقّع أن تتدخل الإدارة الأميركية لتقريب مواقف الدول الثلاث بعد زيارة وفد أميركي الأسبوع الماضي الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا، حيث استطلع مواقف المسؤولين في هذه الدول، وصاغ أفكاراً واقتراحات لتسوية الخلافات بينها. وضم الوفد الأميركي مساعد وزير الخارجية لشرق أفريقيا إريك ستروماير، ومدير مكتب الشؤون المصرية وشؤون الشرق الأدنى ديفيد غريني، والمنسق الخاص للموارد المائية في مكتب المحيطات والبيئة والشؤون العلمية أرون سالزبيرغ. وصرح وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في الخرطوم أمس: «جلسنا ساعات طويلة، وناقشنا كثيراً من القضايا، ولكن في النهاية لم نستطع التوصل إلى توافق للخروج بقرار مشترك متفق عليه». لكنه أضاف أن النقاش كان «بناءً وتفصيلياً ومهماً... وكان يمكن أن نخرج منه لنقدم إجابات شافية على كثير من التساؤلات، ولكن هذا هو حال القضايا الخلافية في كثير من الأحيان، إذ تحتاج إلى صبر وأناة وإرادة». وأكد أن «الصبر كان موجوداً، والأناة كانت حاضرة، ولكن كنا نحتاج إلى وقت أطول للتوصل إلى توافق». وأشار إلى أن الاجتماع أحال القضية على وزراء المياه والجهات الفنية، على أن تلتئم الجهات السياسية والاستخباراتية متى رأى ذلك وزراء المياه. ورفض غندور، في رده على الصحافيين، تحديد تفاصيل الخلافات حول سد النهضة، مشيراً إلى أن الأطراف ستتفق على موعد الجولة المقبلة لاحقاً، وزاد: «الخلافات لا استطيع أن أحددها هنا، ولكن الإرادة للتوافق موجودة». وذكر غندور أن اجتماع الخرطوم جاء بناءً على أوامر قادة الدول الثلاث لدى اجتماعهم في أديس أبابا في كانون الثاني (يناير) الماضي على هامش مؤتمر القمة الأفريقي، بأن يكون الديدن هو التعاون لأجل مصلحة شعوب المنطقة. وقال وزير الخارجية سامح شكري في تصريحات بالقاهرة أمس، إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق محدد في خصوص استئناف المسار الفني للتفاوض. وأشار إلى أن مسؤولي الدول الثلاث بحثوا في أسباب الخلافات التي أدت إلى توقف المفاوضات الفنية في خصوص «سد النهضة»، وكيفية كسر جمود هذا المسار التفاوضي، كما تناولوا القضايا الخلافية والطروح المختلفة التي تقود إلى كسر الجمود والاتفاق على مسار وخريطة طريق للتعامل مع هذه القضايا، لافتاً إلى أن المحادثات اتسمت بالشفافية والمُصارحة. وأوضح أن التفاوض لم يُسفر عن نتائج مُحددة يُمكن إعلانها، لكن المحادثات ستستمر بين الدول الثلاث ضمن الإطار الزمني الذي حدده القادة، لافتاً إلى أن أمام المفاوضات التي بدأت في 5 نيسان (أبريل) الجاري شهراً، حتى 5 أيار (مايو) المقبل، لإنجاز اتفاق يُفضي إلى كسر جمود المسار الفني.