جوبا (جنوب السودان) - رويترز - ينظف أبناء جنوب السودان شوارع جوبا عاصمة دولتهم المستقلة المستقبلية ويصادرون الأسلحة التي تباع في السوق السوداء ويحاولون تنظيم المرور حتى يضمنوا أن يسير يوم الاستقلال غداً بسلاسة. وبالنسبة إلى كثير من الجنوبيين، يمثل الانفصال عن شمال البلاد لحظة انتصار طال انتظارها ومبعث تفاؤل جديد بعد عقود من الحرب الأهلية الوحشية والشعور بالتهميش، كما أنه يأتي مصحوباً بمجموعة من التحديات في وقت تستقبل جوبا عشرات الشخصيات المرموقة وتحاول الحكومة بسط سيطرتها على هذه الأرض الشاسعة الزاخرة بالأسلحة التي تعاني حركات تمرد داخلية. ويكنس رجال ونساء أوراق الأشجار المتساقطة والأتربة بمكانس من القش في شوارع العاصمة ويطلي رجال الجدران. وعلقت لافتات للاحتفال في أنحاء المدينة. وقال كيسيريكو تشارلز (51 عاماً) وهو مهندس في وسط جوبا: «إنهم يبلون بلاء حسناً جداً. الزوار من كل أنحاء العالم سيأتون ليروا أن البلدة نظيفة جداً». وتعرض لوحة الكترونية رقمية في ميدان قريب عداً تنازلياً للثواني المتبقية على الاستقلال. ومن بين الرسائل التي تعرضها واحدة تقول: «أخيراً أحرار». وخاض شمال السودان وجنوبه حرباً لمعظم السنوات التي أعقبت استقلال البلاد. ويقدر أن مليوني شخص معظمهم من الجنوب لاقوا حتفهم في الصراع. ووعد اتفاق للسلام أنهى الحرب العام 2005 أبناء الجنوب بالفرصة للتصويت على استقلالهم عن الشمال. واختار نحو 98 في المئة منهم الانفصال حين أجري الاستفتاء في كانون الثاني (يناير) الماضي. وتشير الأممالمتحدة إلى أن جنوب السودان فيه سبع ميليشيات داخلية متمردة وسيبدأ حياته كدولة مستقلة في منطقة فيها اضطرابات سياسية يمكن أن تتحول إلى عمليات سفك للدماء. ويقول محللون وعمال إغاثة إن الاستقلال قد يشجع الميليشيات المتمردة في الجنوب على تصعيد تحديهم لحكومة يقول المتمردون إنها فاسدة وشمولية. واعترف وزير داخلية جنوب السودان قير شوانغ بالمخاوف الأمنية. وقال للصحافيين: «أعداء الجنوب لن يسمح لهم بإفساد الاحتفالات». وأضاف أن قوات الأمن ما زالت تقوم بعمليات تمشيط بحثاً عن أسلحة غير مشروعة وتسجل أسماء من يحاولون شراء أسلحة نارية جديدة. وتصدر السلطات بيانات متكررة لإثناء قوات الأمن عن أعمال التحرش أو إساءة استخدام السلطة. وقال الوزير إنه لن يتم التسامح مع إطلاق النيران حتى لو كان بقصد الاحتفال. وأضاف: «لن يكون هناك إطلاق رصاص. إطلاق النيران الوحيد سيكون التحية بواحد وعشرين طلقة... أي إطلاق نيران آخر غير مشروع وسيتم التعامل معه». وبدأت السلطات حملة على المرور أيضاً. وحقق الانفصال رخاء موقتاً لأسواق الخضروات والفاكهة على أطراف العاصمة المترامية الأطراف لأن الجنوبيين يخزنون الأطعمة قبل الاحتفال. وقال غيفت كاديجا (38 عاماً)، وهو بائع من أوغندا مثل كثير من الباعة هناك: «إنهم يشترون فعلا هذه الأيام الطماطم (البندورة) والبطاطا والفول والارز وزيت الطهي للاحتفالات. يستعدون». وعاد مئات الآلاف من الجنوبيين إلى ديارهم قبل الاستقلال ولا يزال المزيد يتدفقون. وكانت رحلة جوية من الخرطوم في الأسبوع الماضي مليئة بالجنوبيين. واستقبلتهم جوبا في صالة استقبال من قاعة واحدة مكتظة بالركاب الذين يسارعون لتسلم حقائبهم. وكتبت مواعيد وصول الرحلات على لوح أبيض على الحائط. وعلى الطريق الرئيسة للبلدة رفعت شاحنات صغيرة محملة برجال علم جنوب السودان الجديد وأخذ قادة السيارات يطلقون النفير بنغمات النشيد الوطني الجديد.